تألَّقْ أيّها السبطُ الشهيدُ = فلا شمرٌ هناك ولا يزيدُ وليسَ بماكثِ الدنيا يسيراً = كمن أمسى بعالمِهِ الخدودُ برئتُ من الهوى إنْ كانَ شعراً = فحبُّكَ فوقَ ما يصِفُ القصيدُ وإن صمتَتْ شفاهُكَ فهيَ نجوى = وإنْ نطقَتْ فقرآنٌ مجيدُ ولم أبصِرْ عظيماً في حياتي = يؤمُّ الناسَ وهو بها وحيدُ تسيرُ إليهِ أقدامُ البرايا = تحثُّ الخطوَ والمسرى بعيدُ يظلِّلُها من الرحمنِ لطفٌ = فنارُ الإشتياقِ بها وقودُ ترتِّلُكَ الجراحُ غداةَ نزفٍ = وتبحرُ في رؤاكَ وتستزيدُ ويندلقُ المدى رتماً مصفًّى = وفي عينيكَ يبتهلُ النشيدُ عجبتُ لمَنْ يحلّقُ في المعالي = شموخاً كيفَ يحضنُهُ الصعيدُ دماهُ تناسلَتْ بفمِ الضحايا = إليهِ بكلِّ ناحيةٍ وجودُ وما سكنَتْ جراحٌ تعتريهِ = برغمِ الظلمِ يمطرُها الوعيدُ تجفّفُ ما استفاقَ بمقلتَيْها = ويعبقُ في بواطنِها الصمودُ أعاصمةَ الإباءِ وفجرَ نحرٍ = تماهى في مصلاّكَ السجودُ أرادوا ظلمةً وأردتَ نوراً = وليسَ يكونُ إلا ما تريدُ وللسبحاتِ في شفتيكَ وترٌ = إذا ما شفَّها منكَ الصُّعودُ وللزفراتِ عبقةُ مستفيضٍ = تألَّقُ من مدامِعِهِ الخدودُ وللأشلاءِ متّسعُ انتحابٍ = وها قد ضمَّ فرقَتَها الجريدُ ورأسُكَ حينَ حلّقَ في عُلاهُ = فلا حدٌّ إليهِ ولا حدودُ يعانقُ ومضةَ العبراتِ عشقاً = وآيُ الكهفِ رتَّلَها الوريدُ وهبتَ هداكَ في عطفٍ تهادى = أليسَ بجمعِهِمْ رجلٌ رشيدُ وملْءَ التضحياتِ فراتُ وجدٍ = ترقْرَقُ من منابِعِهِ الزُّنودُ فرحمى السافياتِ عذابَ طفٍّ = وقد سكتَتْ ليُنْطِقَها الوليدُ تُغازلُ نحرَهُ الريحُ ارتواءً = لسقْيا بلغةٍ مما تجودُ فأرخى الجفنَ بينَ يديكَ شوقاً = وناحَ الصبرُ وارتحلَ الوجودُ مضيتَ وآهُكَ انداحَتْ فداءً = وأورقَ في مداكَ دمٌ فريدُ تخطّيتَ الدروبَ بوحيِ قدسٍ = خَلدْتَ ومجدُكَ الباقي تليدُ