يا مُرسلاتِ الدَّمعِ طُوفي واحةً = شَرِبَتْ غَديرَ السبطِ يومَ العاشرِ فَغَدَتْ كموّالٍ يُبرهنُ للملا = أَنَّ امتدادَ النَّحرِ جسرُ العابرِ إنْ كانَ في أرضِ العراقِ وغيرِها = فهوَ امتدادٌ للحسينِ الثائرِ يَهَبُ الخلودَ لكلِّ مَنْ رَامَ الهدى = يَهَبُ السُّموَّ بكلِّ مَوجٍ هَادرِ في الهندِ في لبنانَ في أحداقِنا = بَحْرٌ يفيضُ فلا يُرى للآخرِ غَصَّت بهِ كُلُّ الجِهاتِ ولمْ يَزَلْ = رُغْمَ اسْوِدَادِ الليلِ كحلَ الناظرِ فاشددْ لهُ كلَّ المطايا قاصداً = فيحاءَهُ الكبرى كعبدٍ خاسرِ وأنِخْ بِهِ واشرحْ لهُ متزفّراً = مما لقيتَ مِنَ الزمانِ البائرِ مولاي تدري أنّني عبدُ الهوى = فإذا أحيدُ فأنتَ قبلةُ ناظري والنفسُ إنْ ماتَتْ فأنتَ حياتُها = والبعدُ عنكَ مصيبةٌ للصابرِ هذا الحسينُ وبحرُهُ متلاطمٌ = وعطاؤه ثَرٌّ بسيلٍ زاخرِ تُنبيكَ عنهُ الشمسُ في رأدِ الضّحى = عبقاً توالى ساطعاً في الحاضرِ وتراهُ في القمرِ المنيرِ إذا بدا = سحراً يُطِلُّ مهابةً للباصرِ وتراهُ في النجماتِ أروعَ قصّةٍ = ظلتْ تسامرُنا كأفضلِ سامرِ وتراهُ في الأجواءِ صرخةَ ثائرٍ = هزَّتْ يبابِ الكونِ هزَّةَ ماطرِ وتراهُ من فوقِ الأديمِ حكايةً = شاءَ الإلهُ خلودَها في الخاطرِ وتراهُ في الذبحِ الفظيعِ مواصلاً = أنَّاتِهِ العظمى بِهلْ مِنْ ناصرِ ؟ وتراهُ عنقوداً تدلّى مطعماً = حدَّ السُّيوفِ ورغبةً من ناحرِ وتراهُ وضَّاءً برغمِ جراحِهِ = حيثُ النجابةُ إرثُهُ عن كابرِ وتراهُ في الرمحِ الطويلِ دلالةً = هيهاتَ أنْ أُعطي لبغيٍ فاجرِ وتراهُ إعجازاً إذا ما أقدموا = كي يسحقوهً بخيلِهِمْ والحافرِ وتراهُ يبقى في العراءِ بلا غِطاً = إلاَّ ويشحذُ هِمَّةً من حائرِ وتراهُ في الآلامِ جرحاً ناضحاً = يسَعُ الجراحَ الغائراتِ كجابرِ وتراهُ في قلبِ المحبِّ مآتماً = مهما تضاحكَ فالأسى كالقاهرِ وتراهُ إكليلاً يُتوِّجُ أُمةً = تُحيي الشهادةَ منهجاً بتفاخرِ وتراهُ سوّاحاً يطوفُ على المدى = كي يُنعشَ الدنيا بفيضٍ غامرِ وتراهُ في حزنِ النِّساء شِكايةً = طلَّتْ لتوقفَ عاصفاً من فاغرِ وتراهُ في دمعِ الصغارِ شرارةً = تحني الطغاةَ المارقينَ بباترِ وتراهُ في عينِ الفقيرِ قناعةً = غسلتْ حدودَ الفقرِ غسلةَ غافرِ وتراهُ في كفِّ الغنيِّ سيادةً = ملكتْ زمامَ النفسِ مسكةَ طاهرِ وتراهُ في مشي السليمِ تواضعاً = يطأُ الرَّغامَ مع َالحصاةِ الظاهرِ وتراهُ في خطوِ السقيمِ تحنّناً = حمداً بدفءِ القلبِ نحوَ الشاكرِ وتراهُ في كلِّ الفصولِ ربيعَها = دورانُهُ الدنيا بوجهِ الجائرِ وتراهُ في الأمطارِ وسمياً إذا = تاقَتْ أراضي الخلقِ قطرةَ باكرِ وتراهُ في الأبراجِ برجاً عالياً = يصفو لرؤيا العينِ صفوَ الزاهرِ وتراهُ في الأفلاكِ أكملَ دورةً = فأفاضَ دفّاقاً لنا كالنائرِ وتراهُ في لغةِ الصمودِ عرمرماً = يُهدي التحايا جملةً للظافرِ وتراهُ ملحمةً بتاريخِ الورى = جمعت لنا ما قد جرى من غابرِ وتراهُ في دنيا الهوى أسطورةً = تأبى المماتَ بوسطِ رمسٍ قابرِ وتراهُ في الأسفارِ سفراً خالداً = قرأتْهُ آلافُ اللغاتِ بعاشرِ وتراهُ في الأطيارِ طيراً باشقاً = لا يرتضي ذلاً لأدنى طائرِ وتراهُ في الأرقامِ رقماً مفرداً = يأبى الخضوعَ لكلِّ طاغٍ كافرِ وتراهُ في الأوعارِ جنّةَ والهٍ = تهفو له الآلافُ خشيةَ كاسرِ وتراهُ سلطاناً على هامِ الورى = أعطى الوجودَ حرارةً كالواترِ وتراهُ في لبِّ الحقيقةِ قلبَها = متفجراً بالفخرِ فوقَ الشاهرِ وتراهُ موسى في اليهودِ بعزمِهِ = لا بلْ وحزمٍ مثلَ عيسى الناصري وتراهُ في الدينِ الحنيفِ محمداً = خلقاً وخُلقاً عاطراً من عاطرِ وتراهُ في كلِّ القصائدِ إصبعاً = صنعتْ رحيقَ المجد ِعندَ الشاعرِ