انثر نواحي الشوقِ في شفتي
واجمع بواكي العشقِ في لغتي
وابقَ هنا في سورةِ الدهرِ
الذي غسَلَتْهُ أوعيةُ الدموع
وكنْ كما الشريانِ ينبِضُ بالحياةِ
والشمسُ تخفِقُ راحتَيْها للطلوع
كنْ سيِّدَ الشعراءِ
تُلهمُهُمْ وتُسكِنُهُمْ
فسيحَ الفصحِ
في جرحِ الرجوع
علَّمْتَهُمْ...
لغةَ الدماءِ بفلكِهِمْ
وجمعتَهُمْ...
شُهبُ السَّمَا بمدارِهِمْ
فلَهُمْ ترجِّي المجدَ في زمنِ الخُنوع
كنتَ القريحةَ في مسالِكِ نطقِهِمْ
كنتَ الوديعةَ في قلوبِ دمائِهِمْ
فلكَ الحياةُ بشعرِهِمْ
ولكَ الدموع
ولكَ الزمانَ يئنُّ في أرواحِهِمْ
ولك الجموع
يا سيِّدَ الكلماتِ رتَّلْتُ الحروفَ
بصمتِ أغنيةِ الشموع
أعجبتَ دهرَكَ سيّدي
كيفَ الخلود؟
وكيفَ سرمَدْتَ الحياةَ؟
وكيفَ سطَّرْتَ الوجود
بإسمكِ النوريِّ يصدحُ
في الزمانِ
عصفورةُ الألحانِ دوَّتْ
بالدِّما دربَ الجنانِ
ودربَ هاويةِ السطوع
شمسُ الحنانِ
وكيفَ يُسقطُها الثرى
بل كيفَ يَمِزقها الخَنوع؟
صادفتُ بالليلِ المجنِّ بليلِهِ
نجماً يبارزُ فيلقَ الديجورِ
هزماً
ثم نصراً
هكذا لغةُ الربوع
أتعبتَنِي
حتى كأنِّي واقفٌ
تحتَ الهجيرِ
وفوقَ مُنهصَبِ الضلوع
أرنو إليكَ بعَبرتي
وبمقلتي
مثلُ العقيلةِ نظرتي
لا رأسَ لا ودجينِ
لا قلباً تبقّى
بل تلقّى
السهمَ
وا ربّاه في حنوِ الخشوع
سهماً لفضَّتِهِ سيّدي
فكأنّما غرزَ اليقينَ
بقدرتِهِ قلبُ القضا
لله قلبُكَ مستقراً
آمناً
ويحاً لسهمِكِ خائفاً
متخاذلاً
كيف المثلَّثُ في الضلوع؟
وكيفَ قلبُكَ نابضاً
لليومِ في هذي الحياةِ؟
خسئاً لدهرِكَ سيدي
خسئاً لهاتيكَ الجموعِ
أتعبتَنِي ...
حتى كأنِّي واقفٌ
ما بينَ تلّةِ زينبٍ
أرنو لها
في قلبِها
نارُ الأخوّةِ مضرمَة
ما زلتُ أسمعُ صوتَها
إنْ كنتَ حيّاً يا أخي
فالخيلُ صالَتْ قادمَة
إنْ كنتَ حيّاً يا أخي
فالشمرُ أرشدَ ملزمَه
إنْ كنتَ حيّاً يا أخي
فالنارُ في خيمِ النبوَّةِ عائمة
إنْ كنتَ في رحمِ السماءِ
فالسَّمَا قيمَ القضا مُتفهِّمة
فأجابَها في عدوةٍ
قد أنهكَتْها الضربُ
والسهمُ المثلَّثُ آلامه
كُفّي العتابَ أما ترينَ تَرَنُّحِي؟
يا أختُ كُفّي اللائمة
فلتذهبي عندَ الكفيلِ بعلقمِه
ولتنتخيهِ
لعلهُ يصغي لنجوى فاطمة
قبلَ الرحيلِ أُخيّتي
خلّفتُهُ والسهمُ قد
رشَقَ الجَنانَ وأسلَمَه
والكفُّ ضاعَتْ في الفراتِ
وجُودُهُ في الأرضِ تنزِفُ من دمِه
خابَتْ ظنونُكِ زينبٌ
فلْتَرجعي لعليلِكِ
فالنارُ شاهَتْ مِعصمَه
فلتُرجعي أطفالَكِ ضاعَتْ
فَرُدِّي اللَّمْلَمَة
أتعبتَني يا سيدّي
ياروحَ ضنوى فاطمة
جسمٌ ترضَّضَ بالخيولِ
وضلعُهُ طُحنِتْ مفاصلُهُ
وشاخَتْ أعظُمُه
والقلبَ قد رُكِزَ المثلثُ
فيهِ دعوى للقيامةِ قائمة
والصدرُ أصبحَ ساحةً
للنبلِ، للجلمودِ، للطعنِ
المدمّى من دمِه
وجبينُهُ مهوى السجودِ
وخِنْصَرُ التوحيدِ
يسألُ خاتمَه
والنحرُ يا مولاي
أدمى مهجتي
والقلبُ يركعُ
في صلاةِ الشعرِ
في قنوتِ الدعاءِ ليلهِمَه
كي يوصفَ الجسدَ الذي
جالَتْ عليهِ العشرُ
في نزلِ البلاءِ
وأختُهُ ترنو لهُ
والصحبُ صَرْعى نائمينَ
حتّى نختْهُمْ كيفَ مولاكم
على حرِّ الهجيرِ
وأنتُمُ عن نصرِهِ متخاذلونَ
فأجابَها شيخٌ أسنّتهُ الطعانُ
ألم نُوَفِّ حقَّهُ؟
يا أختَهُ
إنا لنحنُ الآنَ في نومٍ
يُسمّى الخالدين
قلبي لها
مذْ قدَّمَتْ قربانَها
يا ربِّ هذا في رضاكَ
هذا الذي جادَتْ بهِ بيضاؤُنا
خذْ سيدي حتّى ننالَ المرحمة
خذْهُ فبعدَ الآنِ قرَّتْ أعينٌ
لرضاكَ ربي مُسلِمة