سبِّحْ دمَ الجسدِ الجريحِ معظِّما = وامرُرْ على فلكِ الضياءِ مسلِّما رتِّلْ دموعَكَ بعضَ آيٍ محكمٍ = ليرتّلَ الحزنُ الفؤادَ المحكَما واغرِفْ شروطَ الحبِّ تقطرُ عزةً = وتمدُّ بالودقِ الشفيفِ عوالما طُفْ بالمقامِ العسجديِّ فها هنا = من جانبِ الطورِ العليّ تكلَّما أودِعْ فؤادَكَ دفقةً علويّةً = واشربْ بكاساتِ الصبابةِ زمزما كم من قميصٍ للمحبِّ يقدُّهُ = شوقٌ يكادُ يذيبُ قلباً أحرما مِنْ كفِّكَ اندلقَ المحيطُ قصيدةً = والدرُّ يندَى في هواكَ منظَّما آنستَ ناراً يا حسينُ فآتِنا = وهجاً يؤثِّثُ كوكباً وعواصما حمَّ الجفافُ بنا فغازلَ قَطْرَكُمْ = ربعٌ يناغي الماءَ يُزْهِرُ مثلما تعشَوْشِبُ اللحظاتُ تفغرُ رجْعَهَا = لتقولَ: بعدَ الطفِّ غادَرَني الظما أوَ تظمأُ المهجُ التي أترَعْتَها = خمراً إذا جازَ العروقَ ترنما نخبُ الدماءِ على صراطِكَ شاخبٌ = سبحانَ مَنْ أسرى بجرحِكَ للسما يصطاخُ غيمُ الأفقِ للدمِّ الذي = ينبثُّ في جسدِ البياضِ مغمغِما أحسينُ عدتَ رفيفَ مبسمِ فارسٍ = إنْ هبَّتِ الحربُ المَواتُ تبسما بضراوةِ العشقِ القلوبُ تبادلَتْ = فعمادُ سلَّمَكَ الجوى وتسلَّما من طعنةِ التاريخِ ينفجرُ المدى = ويضيءُ قنديلُ انتصارٍ كلّما ورثَتْ شعوبُ اللهِ عنكَ قضيةً = لتخضِّبَ اليَسْمِينَ من شفقِ الدّما فَيُدَكُّ خيبرُ طوعَ راحةِ كربلا = ويعودُ عرشُ الظالمينَ مهدَّما لو ماجَ جرحُكَ هادراً بيلملمٍ = لأساخَ من عظمِ الهديرِ يَلَمْلَما يا ما أجلَّكَ في العريكةِ فارساً = طوفانُهُ قلَبَ اليمينَ ودمدَما قرَّتْ عيونٌ عانقَتْكَ فأبدعَتْ = تجلوكَ ليثاً في النزالِ تقحّما أنعِمْ بمشكاةِ الأماجدِ قادماً = ليصوغَ من جسدِ الضرامِ ملاحما رغمَ الحصارِ يزِفُّ قندَ بشائرٍ = ويدقُّ رايةَ نصرِنا متقدِّما أعتاضُ عن ولهي بآخرَ باذخٍ = تتنهَّدُ الأنسامُ فيهِ مواسما كم مُدْيةٍ للشوقِ تُوسِعُ راحتي = عندي رغيدُ العيشِ صارِ محرّما أضعُ الجراحَ على الجراحِ ضمادةً = أرثي صباحاً في عيوني أظلما أرغمْتُ أنفَ الحادثاتِ مبارزاً = حتى أطعتُ الموتَ بعدَكَ مُرْغَما ورجعتُ أرقبُ كربلاءَ مؤجَّجاً = كالمهرِ يرجعُ للخيامِ مُحَمْحِما لأغوصَ في الفلواتِ ملءَ مدامعي = أستفُّ من رئةِ المواجعِ مطعَما أسرجتُ مُهرَ القافياتِ ضراعةً = وغَلَتْ صدورُ سحائبي غيثاً همَى فإذا تناقصَ في حِرائي وحيُها = كان الحسينُ إلى القريضِ متمِّما تنثالُ حباتُ الرمالِ مَرُوعةً = وتقودُها ريحُ التوجُّعِ حيثما تنقادُ خطْوَاتُ البكاءِ لطفلةٍ = محمومةٍ تصبو لحضنِكَ بلسما ستظلُّ كلُّ صبيحةٍ محزونةً = ما لم يراوحْهَا نسيمُكَ ملهما ألهمْتَها قطفَ المشاعرِ بهجةً = لكنَّها الأيامُ فاضَتْ علقما ب (سُكَينَ) شطَّتْ في غيابةِ صمتِها = والدهرُ حاكَ لها الرزايا أسهُما لمّا دُعِيتَ إلى المنيّةِ أفرعَتْ = آياتُها الكبرى لظًى وتألُّما فتوضَّأَتْ بالدمعِ تفتلُ غزلَها = موتاً تفرَّسَ في القِوَى وتوسَّما ما بالُهُ قوسُ الخريفِ أسالَها = مكسورةَ العينينِ من بعدِ الحِمى لكأنَّ شمسَ الظهرِ تنضحُ دمعَها = والأفقُ ينفخُ منهُ طيناً قاتما حتى إذا استوتِ الجراحُ وحلَّقَتْ = ربَضَ العزاءُ على البسيطةِ قاتما وتجمَّعَ الكونُ استفزَّ قيامةً = وأحالَ خاصرةَ الأماكنِ مأتما لِمَنِ المصيبةُ والحسينُ ولادةٌ = صنعَتْ إلى مجدِ الحضارةِ سُلَّما هذا الحسينُ أنيسُ وحشةِ عالمٍ = إنْ هاجَ في الصدرِ العذابُ وخيَّما بينا تراهُ معانقاً بجناحِهِ = وطنَ الإباءِ تراهُ أصبحَ مغنما هذا أبيُّ الضيمِ شاطرَنا الهوى = والحبُّ في الكاساتِ صارَ مقسَّما لكنَّ مقدارَ التماهي واحدٌ = باتَ التوحُّدِ في الحسينِ محتَّما نلقاهُ وجهاً ضاحكاً مستبشراً = إنْ ماجتِ الأهوالُ كانَ معلِّما فمتى تهدَّجَ صوتُ قلبٍ متعبٍ = ألفاهُ مِنْ كلِّ انكسارٍ عاصما ما كانَ عذرُكَ إذْ تركتَ أحبةً = مِنْ نزفِهِمْ شجرُ الخلودِ تبرعما؟ أرَضيتَ يا زمنَ العناءِ بهكذا = فقدٍ يفتُّ الروحَ يُنطقُ أبكما؟ قمْ وَارْمِ عنكَ قذى الخطيئةِ واعتذرْ = يكفي انتفاخاً حاقداً متورما ما العمرُ غيرُ شجاعةٍ منذورةٍ = للعشقِ رصَّعَتِ الشعورَ المُفْعَما شبَّ الضرامَ بِنَا ولمَّا نَرْتَوِ = هيِّئْ لنَا مِنْ فيضِ بردِكَ أنعماً أسدِلْ جناحَكَ يا حسينُ مطمئِناً = فالخوفُ يحتزُّ الفؤادَ الهائما اليومَ يا بأبي وأمي رشَّنِي = شوقي فجئتُكَ قاصداً ومُيَمِّما صدري كمتَّكَأٍ تُدَسُّ بهِ القَنَا = والقلبُ مِنْ فَرْطِ الحنينِ تثلَّما أنا حابسَ الأنفاسِ زُرْتُكَ عارفاً = وحملْتُ بعثَرَتي فكنتُ مُلَمْلَما ها أحتسي خجلي ويحدو مَدْمَعي = شيبٌ برأسي قد علا وتسنَّما ألْقِ السلامَ على تفجُّعِ زينبٍ = عايِنْهُ لوناً بالمدامعِ ساهما واحرِفْ مدارَ الدمعِ ملتهباً بها = لامِسْهُ وَرداً في جمالِكَ تُيِّمَا وازرعْ قَرَنْفَلَكَ النديَّ بخدِّها = من حيثُ ينمو الزهرُ حبّاً قد نما فالخطبُ روَّعَها وشرَّدَ صُبْحَها = والنارُ في خدرِ الرسالةِ أُضْرِما يجفو الكرى أجفانَها متغاضياً = لكنَّ خاطرَها يرِقُّ مهوِّمَا وافيتَها بالدفءِ وَهْجَ مشاعرٍ = قمريّةٍ ويمامُ نورِكَ حَوَّما ماذا أقولُ وأنتَ تكتُبُني هنا = متأنِّقاً فأبوحُ عنكَ ببعضِ ما تتزيَّنُ الأبياتُ منكَ بحلَّةٍ = والشعرُ باسمِكَ يا حسينَ تخَتَّما فغدا التماعاً فاقعاً متلاطماً = وشحذتَ شفرتَهُ فصارَ مُنَمْنَما ثملَتْ حروفي فانتضَيْتُ لظهرِها = خشباً لتُصْلَبَ في هواكَ مُقَدَّما ولئنْ أذقتُ الموتَ ألفَ تجرُّعٍ = أبقى لنهجِكَ يا حسينُ مُلازما