والرَّكْبُ سارَ وكان يهطِلُ عِزّةً اُبْكوا وبَكَّوا فالمُحرّمُ عادا=ودَعُوا المدامعَ للفؤادِ مُنادى صُبّوا دموعًا حين تَجْري حَرّةً=تُمسي لأسفارِ الولاءِ مِدادا مَنْ كانَ متَّخِذًا زمانًا للبُكا=فلْيَجْعلنَّ مُحرَّمًا ميعادا واهجُرْ جمودَكَ يا مُوالٍ إنّه=يُمسي الذي لا يَحْزَنَنَّ جَمادا والطِمْ ضلوعَكَ فالحسينُ ضلوعُه=خيلُ العُداةِ عدتْ عليها طِرادا واحزنْ كأنَّ جميعَ أهلِكَ قد قضَوْا=واجعلْ صباحَكَ والمساءَ حِدادا واطرُدْ عن الشفتينِ أيَّةَ بسمةٍ=واجعلْ كآبةَ مُقلتيكَ مُرادا وامزِجْ بماءِ الشُّربِ دمعَكَ والعَنَنْ=مَنْ قاتَلنْ سِبطَ الرسولِ وعادى واجعلْ بياضَ العينِ أحمرَ بالبُكا=واجمعْ بحُمرةِ مُقلتيكَ سُهادا واخلعْ لباسَ الصّبرِ عنكَ فإنّه=يغدو ذميمًا هاهُنا وفَسادا واترُكْ همومَك جانبًا، وابكِ لمَن=أبكى سَماواتٍ عَلَوْنَ شِدادا واخدِمْ حُسينًا واجتهدْ بعزائِهِ=بلْ سَمِّ خِدمتَكَ الحسينَ جِهادا واجعلْ نجومَ الليلِ تَشهدُ ذا البُكا=واجعلْ مصابيحَ الضّحى شُهّادا والسامريَّ وعِجلَه فالعنْهما=والعنْ ثمودَ الآخِرين وعادا والعنْ يزيدًا والمُعاويَ قبلَه=والعنْ عُبيْدًا إِثْرَهم وزِيادا أمّا المُبادرُ بالسهامِ فلا تدَعْ=لَعناتِه تَبقى بِفيكَ فُرادى شِمرًا وحَرملةً، وشَبثًا، كلَّهم=فالعنْهمُ لعنًا يسُرُّ الضّادا كلَّ الذين تنقّبوا ثُمْ ألجَموا=وعَدَوْا على آلِ الرسولِ جَرادا واخْصُصْ فريقًا بينَ أولادِ الزنى=أجْرَوا على صَدرِ الحسينِ جِيادا والعنْ صحيفتَهم وأصْلَ جُحودِهم=لعنًا يدومُ يُجاوزُ التَّعْدادا نسلُ البَغايا كلُّهم، وِلْدُ الغِوى=إبليسُ شاركَ ذلك الميلادا وانْزلْ بأرضِ الطفِّ سائِلْ رَملَها=واسْتَنطِقْ الأحجارَ والأعوادا تُنْبِئْكَ عن يومٍ تعاظَمَ هَولُه=ملأَ الزمانَ فجيعةً وسَوادا يومٍ به سُحُبُ الفداءِ تهاطلتْ=لتُزيلَ عن ظَهرِ الورى اسْتعبادا لتُعيدَ دِينَ محمّدٍ بعدَ الذي=رامَ الطغاةُ لدينِه إبعادا لولا الطفوفُ أطاحَ مكْرَ يزيدِهم=فلَكانَ أفنى دينَنا وأبادا يومٍ به آلُ الحسينِ وصحْبُه=كانوا على ذاكَ الثّرى آسادا بذَلوا دِماهُم والنحورَ لدينِهم=كانوا على وِرد الفِدا الوُرّادا عَشِقوا الشهادةَ بادَروا لنوالِها=ملأوا مَطارحَ كربلا استشهادا فالصحْبُ صَرعى والرمالُ معَ الدِّما=حِنّاؤُهم قد غطّتْ الأجسادا وتفرَّقتْ أجسادُهم عن هامِهم=مثْلَ الذبائحِ وُزّعت آحادا والسبطُ أشلاءٌ تعذَّرَ حَملُها=لولا دعا دفّانُه الإِمدادا أمْضى ثلاثًا لا يُرى إلا الدُّجى=سِتْرًا يفارقُ والرِّمالُ وِسادا جسدٌ أقامَ على الثّرى مُتَقَطِّعا=والرأسُ يَطوي شاسعًا وبِلادا يتْلو كتابَ اللهِ طولَ مَسيرِهِ=ويراقبُ الأَخَواتِ والأولادا ويَشِعُّ فوقَ الرُّمحِ، ليلًا أو ضحًى=وجْهٌ أضاءَ الكونَ والآبادا كلُّ العوالمِ فَرْعُ نورِه، إنّهُ=لولاهُ قدْ ساخَ الوجودُ ومادا وعلى الثّرى كفّانِ كانا أَحضَرا=جُودًا يُبرِّدُ في الظَّما الأكبادا كشَفَ الصفوفَ وصالَ فيهم صولةً=كانتْ لهم وهُمُ اليباسُ حَصادا وافى الشريعةَ لم يذُقْ من مائِها=قَطرًا وعبَّأ ذا السِّقاءَ وعادا فتَعجّبتْ منهُ العوالمُ كلُّها=لمّا بروجًا للوَفا قدْ شادا كفّاهُ قد نسَجا انتصارًا ساحقًا=جيشًا على دَربِ الفضائلِ قادا إنْ أنسَ لا أنسى شبيهَ المصطفى=خَلْقًا وخُلْقًا، مَنْطِقًا وسَدادا إذْ ماجَ في الأعداءِ يجعلُ شملَهم=شتّى، وجمْعَ صفوفِهم إفرادا شُجْعانهم طُرًّا كذا جبناؤُهم=أمسَوْا أمامَ حُسامِه أندادا نالَ الشّهادةَ إنّها لَمنيّةٌ=خُطّتْ وما فَتِئتْ لنا مِرصادا لكنْ عليٌّ ما مضى إلا بنى=فتحًا ونصرًا حيَّرَ الأعدادا نبْكيهِ إذْ أشلاؤُه بسيوفِهم=ولَطالَما ضَربَ البَلا الأجوادا لا أنسيَنْ أبدًا نجيبَ المُجتبى=ذاكَ العريسَ المُشبِهَ الأطْوادا وأبى بيومِ زِفافِه إلا الدِّما=حِنّاءَ كانَ لها الوريدُ رِفادا أمّا الرّضيعُ فإنّ شِعريَ والِهٌ=مُذْ قدْ حَكى عنهُ الأسى وأعادا فلَعَمْرُ شِعري حين لا يبكي امْرؤٌ=رُزْءَ الرضيعِ فما يَضُمُّ فؤادا؟! والشِّعرُ يُومِئُ أنْ أكفَّ وأرْعوي=وأَحيدَ عن رُزءِ السِّباءِ حِيادا فلقدْ صَعَقْنَ مِدادَه وسطورَه=وصعَقْنَ فيه اللحنَ والإنشادا لكنَّ شِعريَ ليس يُدْركُ حِكمةً=فيها الذي قدْ جاوزَ الأبعادا هيَ أنَّ عاشوراءَ غايتُها الأسى=وتريدُ أنْ تغدو المدامعُ زادا فدموعُنا للسبطِ مَنجاةٌ لنا=تُطفي اللّظى وتُكسِّرُ الأصفادا هيهاتَ أنسى زينبًا وقد اعْتلَتْ=تلَّ الفجيعةِ تَنشُدُ الأسيادا فترى مَصارعَهم وفيْضَ دِماهمُ=وبِلا رؤوسٍ تنظُرُ الأجسادا ومضَتْ إلى جسدِ الحسينِ وإنها=لِجِراحِه رامتْ تكونُ ضِمادا لكنْ حسينٌ للشهادةِ قدْ مَضى=ولو استطاعَ لما أراحَ جِهادا قالتْ تقبَّلْ ربَّنا قُربانَنا=لا ترحمَنَّ أولئكَ الأوغادا إنّا رِضانا مِن رِضاكَ وإنّنا=لنَرى الرزايا في الرِّضا أعيادا ! وتسَرْبلتْ بأسًى يفتِّتُ قَلبَها=أمسى لِباقي عُمْرِها صَيّادا لكنَّها صبَرتْ وواجَهتْ البَلا=بجَلادةٍ هزَمتْ بِها الجلّادا لولاها بثّتْ في النّواحي كربلا=لاسْطاعَ ملعونٌ لها إخْمادا فأسى الطفوفِ وليس يَحمِلُ بعضَه=طوْدٌ عَلا، بل يهدِمُ الأطوادا والصبرَ يجتمعانِ في أضلاعِها=مَن مِثْلُ زينبَ يَجمعُ الأضدادا؟! والشِّعرُ حيْرانٌ فما مِن لحظةٍ=في الطفِّ إلا هوْلُها قدْ نادى لمّا النساءُ فَرَرْنَ مِن نارِ اللظى=لِيَجِدْنَ رَمْلًا في الفَلا وَقّادا لمّا سُلبْنَ مِن الحُلِيِّ وإنّه=يَرْمي الحكيمُ الدُرَّ كيْ يَتَفادى لمّا شُتِمْنَ، وقد ضُرِبْنَ، ألَمْ يَكُنْ=هذا لعِرْضِ المُصْطفى إرصادا؟! هيَ أمّةٌ منكوسةٌ مَلعونةٌ=فجُدودُ حِقدٍ وَرَّثوا الأحْفادا قَدْ أُشْرِبوا حُبَّ الطُّغاةِ عِبادةً=أضْحَوا لهُم بفِعالِهم عُبّادا حُمِلتْ رُؤوسُ الطاهرينَ وصَحْبِهم=والسبْيُ لاقى الجَلْدَ والأصفادا فالرَّكْبُ يَمشي والرؤوسُ تُظِلُّهُ=لا ظِلَّ بَرْدٍ بل أسًى إِيقادا الجِيدُ والرُّسْغانِ قدْ جُمِعا مَعًا=بأشدِّ غُلٍّ صَفَّدوا السجّادا ومعَ المسيرِ جِراحُه ودِماؤُهُ=كانتْ تزيدُ وحزْنُه يتَمادى والرَّكْبُ سارَ وكان يهطِلُ عِزّةً=ويُدَكْدِكُ الكُفرانَ والإلحادا وبِكُلِّ شِبْرٍ مَرَّ فيهِ بَنى عُلًا=وبِكُلِّ رُكْنٍ ثَبَّتَ الأوتادا وصَلَ الشآمَ وكُلُّ ما فيها دُجًى=وحجارةٌ ملَكتْ فَمًا وعَتادا خُشُبٌ مسنّدةٌ، وَقودُ جَهنّمٍ=وسيُخْلدونَ بِدَرْكِها إِخلادا رَجَموا الطَّهارةَ أصلَها وفروعَها=أبْدَوا لِرُزْءِ المُصطفى إسعادا ! ويزيدُهم وَلَدُ الزِّنى بِسُرورِهِ=لمّا رأى وجَعَ الرّسالةِ زادا " يا ليْتَ أشياخي بِبدْرٍ" قالَها=أبْدى بها الإلحادُ والأحْقادا ومضى الزّمانُ ولمْ يَزالوا جُنْدَه=ولَيَبْقَوُنَّ لنَسْلِه أجْنادا ولَسَوْفَ يَظهرُ قائمٌ فيُبيدُهم=وسَيَخْمِدَنَّ سعيرَهم إِخْمادا ولَيَأخُذَنَّ بثأرِ سِبطِ المصطفى=ولَيَنْصِبَنَّ هنالِكَ الأعْوادا فلَيَصْلِبَنَّ السامريَّ وعِجْلَهُ=ولَيَحْرِقَنَّ أولئكَ الأوغادا ولَيَنْشُرَنَّ العَدْلَ في كُلِّ الدُّنا=ولَيَجْعَلَنْ بُؤْسَ الوَرى إسعادا يا ربِّ عجِّلْ للعبادِ ظهورَهُ=فالعِجلُ قد جَعَل الخُوار مَعادا والسامريُّ يَداه في كُلِّ المَدى=نشَرَ الغِوى والكفْرَ والإفسادا يا ربِّ عجِّلْ للإمامِ ظهورَهُ=فقد انتَظَرْنا نورَه آمادا أسألكم الدعاء