لا يفتأنَّ الحزنُ يملأُ أضلعي=وبمقلتيَّ سحابةٌ من أدمُعي قهرٌ يقضُّ مضاجعي، فكأنما=شوكٌ يقيمُ، فلا يغيبُ، بمَضْجعي مِمّا سمعت، وما رأيتُ، فكيف لو=نظرتْ عيوني ما جرى في مَسمعي يا خيرَ مَن خلقَ الإلهُ، وإنكمْ=دونَ الأنامِ أُصِبتمُ بالأوجعِ ما أهونَ الدنيا وشرُّ سهامُها=وقعتْ عليكم، يا لهُ مِن مَوقِعِ! حسَدٌ بحجمِ الأفْقِ حاصرَ طهرَكم=نفَثَ السمومَ من الجهاتِ الأَربعِ سجَدتْ لآدمَ إذْ سكنتمْ صُلبَه=كلُّ الملائكِ فِعْلَ عبدٍ طائعِ إلا حَسودًا قد تكشَّفَ قِشرُهُ=قد عاشَ دهرًا مع قناعٍ خادعِ كلُّ النواصبِ هم بَنوهُ وحِزبُه=مِن حاسِدٍ سَلفٍ لآخِرِ تابعِ يتوارثون النُّصبَ، وِلْدًا عن أبٍ=جذرٌ يورِّثُ خُبثَهُ للأفرُعِ قتلوا الهُداةَ، فليسَ مِن هادٍ نَجا=بالنَّحرِ ذبحًا أو بسُمٍّ ناقعِ ضاقوا بباقرِ آلِ بيتِ محمّدٍ=إذْ كان نجمًا في المكانِ الأرفعِ ولقد ترفَّعَ عن خسيسِ بلاطِهم=وعنِ الزخارفِ والخَواءِ اللامعِ بقَرَ العلومَ فكان أعظمَ باقرٍ=جمعَ الخصالَ فكانَ أحسنَ جامعِ بَثَّ المعارفَ للورى كسحابةٍ=للروضِ تُعطي وللقِفارِ البلقعِ وعنِ العقيدةِ ذادَ ذوْدَ ضراغمٍ=رَدَّ الضلالةَ بالدليلِ الساطعِ يمشي وسَيْماءُ النبوةِ سَمْتُه=ورِداهُ حِلْمٌ مع عظيمِ تواضُعِ كم مُنكرٍ علياءَه مثلَ الذي=يسعى لحجبِ سنا الضحى بالأُصبعِ ! نبَذوا الهدى، جعلوا الشريعةَ سِلعةً=في سوقِهم للمِشتري والبائعِ رجَعوا إلى زُمَرِ الضلالِ وتابعوا=أرجاسَهم، سُحقًا له مِن مرجعِ وتنكَّبوا دربَ الولايةِ، يا له=من دربِ حقٍّ أبلجٍ ومُضيَّعِ ! نَقِموا من الأطهارِ صِدْقَ سبيلِهم=ورَضَوْا سبيلَ منافقٍ ومُخادعِ ! أتَتِ الشهادةُ للإمامِ وقد أبتْ=إلا التعطُّرَ في الشذا المتضوِّعِ ما فارقَ الدنيا الإمامُ وناسَها=إلا وروَّاها بكأسٍ مُترَعِ عِلمًا وأخلاقًا تظلُّ سحائبًا=تَهمي ولكنْ ثَمَّ مَن لمْ يزرعِ تاجُ الولايةِ لا يراهُ مُعاندٌ=وتَضوُّعُ الإيمانِ ليس لضائعِ والقلبُ يُفطَرُ للهُداة ولا أرى=إلا لَهم يبقى سكيبُ الأدمُعِ صِدْقُ العزاءِ إلى المغيَّبِ شخصُه=شمسٍ وراءَ الغيمِ لمّا تطلعِ قلبٍ بقدْرِ يقينِه أحزانُه=وزفيرُه شبْهُ اللظى في الأضلعِ عجِّلْ له يا ربُّ يومَ ظهورِهِ=ليَسودَ مِسْكُ العدلِ فوقَ الأربُعِ