تَحاسرَ عن كَربلاءَ السلامْ = وفيها تقاطرَ جمعُ اللئامْ ليومٍ تُهشّمُ فيه الضلوعُ = ويُقطعُ نحرٌ وتفلقُ هام وقد عقدوا العَزمَ أن لا يُرى = لآل النبي واحداً في الأنام ولم يبقَ للسبطِ من ناصرٍ = ليدفعَ عنهُ شفار الحُسام سِوى صَائحٍ قْد علا صوتهُ = بما يُشبِهُ الزَفرَ بين الخيام وألقى أراجيزه بالبكاء = "أنا من حسينٍ بيانُ الختام ونفسي فداءٌ أُقدِّمها = لأدفعَ عنهُ الهمومَ العِظام رضيعٌ ولكنَّني جَمَرةٌ = وعندَ الجدالِ قويُّ الخِصام" فوسّدهُ السبطُ في صدرِه = وألقى على وجنتيهِ اللثام وسارَ بقُربانِه هاتفاً = "بهِ فوقَ صدري يكونُ الوسام" وفي غمرةٍ تُذهلُ المرضعات = ويُفقدُ في العقل خيطُ الزمام على الطفلِ أُلقي أَمنُ النعاس = فأسلمَ عينيه طعمَ المنام بحجرٍ كحجرِ النبيِّ الأمين = يَرى اللائذونَ به الإعتصام كَفُلْكٍ عَلاهُ نجيُّ الإله = يمدُّ إلى راكبيه الذِّمَام وراح يُلامسُ في غفوةً = أَمانٍ كَستها ثِيابُ الوئِام كُفوفُ أبي فاضلٍ مَهْدُهُ = وقُرْبَتهُ ظَلَّلَتْ كالغمام ولاحت على وجهه نَضْرَةٌ = تفيضُ جمالاً كبدر التمام وصوتُ الرّبابِ مرنمةً = على أذنيه عُذُوبَ الكلام تُداعبُ وجنتهُ بحنانٍ = وَتمسحُ مَنْحَرَهُ بإِهتمام وما رَاعَهُ غيرَ صَهْدِ الهجير = وصَوتٌ من الآثِمينَ استقَام فريقٌ يقول ألا فاتركوه = وإلّا إرقبوا لعناتٍ جِسام كطوفانِ نوحٍ وصعقِ ثمودٍ = وريحٍ كعادٍ بلونِ الظلام وقسمٌ يقولُ لهمْ أُقتلوه = ولا ترقبوا ذمَّةً أو مَلام وما كان في صائحٍ بينهم = رحيمٌ بطفل الهدى المستضام فصاحَ إبنُ سعدٍ بحرملةٍ = تدارك بأسهمك الإنقسام فأودعَ حرملةٌ سَهْمَهُ = وصارَ يُراقبُ طِفلَ الإمام فهبّتت رياحٌ عن وجهه = لتبعدُ عن وجنتيه اللثام لتكشفَ من قَسماتِ الجَمال = معالمُ يقصرُ عنها الكلام وقد عَصَبَ الرّيقُ في فَمِهِ = ونارُ حَشَاه تَشُبُّ إضطرام فعاجلهُ السهمُ في نحره = فأهوى ذبيحاً بصدرِ الإمام وأظلمَ أُفْقُ السما فوقهُ = كأنّ النهارَ إكتسى بالظلام ولاحَ الإمامُ كسيرَ القوى = وعينُ الشماتة ترمي السهام وألقى دماهُ لكي لا تعود = فتخسف بالأرض أَصلَ النظام وأقبلَ يحملُه للخيام = يموجُ كَمَنْ صوَّبته الحِمام وصاحَ بزينبَ "وآوحدتاه" = جِراحُ فؤادي بدون إلتئام وسلّي الرباب وقولي لها = رضيعك أدركَ سِنَّ الفطام بسهمٍ تحيّرتُ في نزعهِ = لكي لا يُطيحَ برأسِ الغُلام فقومي إندبيه مع الثاكلات = وصبّي عليه الدموعَ السجام