أنّى سيشكو ذو الغديرِ من الظَّما (عيد الغدير) عطش القريضُ وجفّت الكلماتُ=وطغى على جفن الحروف سباتُ وتقوّستْ شفةُ اليراع وأظلمتْ=في مقلتَيْ أنشودتي النظراتُ وجثا القَتامُ على ضلوعِ كتابتي=وتبلّدت في دفتري الورقاتُ وترنّحتْ باليأسِ قامةُ فكرتي=وتقرّحتْ بالحسرةِ الخطَراتُ ومضتْ شهورٌ والقصيدُ كأنّما=هو زاحفٌ قد حلّ فيه بياتُ رغم الحوادثِ قد أقضّتْ مضجعي=وتضرّمتْ من هولها الزَفراتُ ولقد ألحّ الخطبُ لكنْ خاطري=خطفتْ مديدَ نهارِه الظلماتُ حتّى إذا فاضَ الغديرُ بأضلعي=ولد السرورُ وماجت الضحكاتُ وتوهّجتْ فيَّ المشاعرُ وارتوى=قلمي الحزينُ وضاءت الصفَحاتُ وتضوّعتْ بالمسكِ أجنحةُ المنى=بقصيدتي واخضرّت الأبياتُ والشعر فُكّت في الغدير قيودُه=وتكسّرتْ من حولِه الحَلَقاتُ يومَ الغديرِ ولا لكَ مُشْبهٌ=مما حوتْ في رحمِها السنواتُ يومٌ تضيءُ له السماواتُ العُلى=فوق الضياءِ وتبسُمُ الجنّاتُ يومٌ تحيطُ به الكواكبُ مثلما=جيدُ العروسةِ حولَه الخرزاتُ يومٌ يضوعُ العطرُ من جنَباتِه=روضاً تهونُ أمامَه الروضاتُ يومٌ يقبّلُه الفخارُ وتنبري=نُجُماً على وجناتِه القُبُلاتُ عند الغديرِ غديرِ خُمٍ أنزلتْ=بكمالِ دينٍ شامخٍ آياتُ وتمامِ إنعامٍ من الربِّ العُلى=لعبادِه إذْ فاضتْ النَفحاتُ نفحاتُ تنصيبِ الإمامِ على الورى=مولىً به تُستنزَّل الرحَماتُ وبه الرسالةُ تستمرّ بهيّةً=وعصيّةً إنْ هبَّت الأزَماتُ يا ذا الغديرُ وهبْ بأنّك لم تكنْ=حضنتكَ إذْ نُصِبَ الإمامُ فَلاةُ وجريتَ بالماءِ النميرِ مرقرقاً=وتقافزتْ من مائِك القَطراتُ فهناك فيضٌ للولايةِ قد جرى=به تنشأُ الغدرانُ والجنّاتُ ذاك الغديرُ الحقُّ ذاك المرتضى=منه الرذاذُ كأنّه الغَمَراتُ ليس الغديرُ مفرِّخاً لغوايةٍ=في عشِّه تُستنبَت النّعراتُ أو أنّه الأخدودُ يصدعُ أمّةً=لتزيد فيما بينِها الفَجَواتُ لكنّما عيدُ الغديرِ عقيدةٌ=أرواحُنا من نورِها تقتاتُ وكما الغدير عليه يجتمعُ الورى=لسقايةٍ ولِتُبلغَ الحاجاتُ فكذا الغديرُ أتى يجمّعُ أمةً=لكنْ طغى فوقَ النفوسِ شتاتُ ليس الغديرُ كأيِّ يومٍ قد مضى=إنّ الغديرَ تجدّدٌ وثباتُ يومُ الغديرِ مِظلّةٌ ليقينِنا=يومُ الغديرِ شريعةٌ وحياةُ تاجُ الولايةِ فوق رأسِك سيّدي=درَرٌ لها أضلاعُنا الصدفاتُ ما زانَ هذا التاجُ رأسَك إنّما=زادتْ به من نورِك الومَضاتُ ولأنتَ بحرٌ واضحٌ لكنّما=عَمِيتْ ببغيٍ تلكمُ الحَدقاتُ أوليسَ فضلُك ساطعاً كمنارةٍ=بل كالضحى لمعتْ به الهضباتُ ؟ هل مثلُ سيفِك ردَّ عن دينِ الهدى=وتساقطتْ عن حدِّه الرقباتُ ؟ أو مثلُ علمِك ردّ أنيابَ الغوى=وبفيضِه قد قامت الغاباتُ ؟ والزهدُ والتقوى العجيبةُ والنّدى=والعدلُ والإخباتُ والصلواتُ أبغير أحمدَ والإمامِ المرتضى=جُمعتْ صفاتٌ ما علتها صفاتُ ؟! أفيظمأُ الثغرُ الذي سُقي الهدى=وله بفخر آلُ طه سقاةُ ؟! أنّى سيشكو ذو الغديرِ من الظما=وهناك في فمه الخصيبِ فراتُ ؟!