عن قريب يا نافع...
قصة قصيرة – السيد جعفر الفرزدق الديري:

أشحذ هذي القسيّ. أشحذها ثم أكتب اسمي عليها. لا لنفسي، بل لما تأمله نفسي؛ أنتظر الموت، مثل طفل ينتظر ضرع أمّه!.
لايزالون.. خلاّن الوفاء، وفرسان الهيجاء... يبتسمون لي. أراهم كل ليلة وأنا على سجّادة الصلاة. "عن قريب يا نافع... مكانك بيننا.. وهنيئا لك الشهادة"... لكن العشق بلغ أوجه، والنفس بلغت التراقي ولا أزال أنتظر لحظة الانصهار! متى يذوب هذا الجسد لتسيل الروح؟!.

ذهب الوصي، ولولا أن نوره لايزال ساطعا في بنيه لتكأدني الهم، وأقعدني اليأس. كنت أشحذ هذه القسيّ معه، كما كنت أشحذها مع رسول الله صلى الله عليه وآله، وها أنا أشحذها وعينيّ لا تفارقان هذا الغريب، الذي جعجعوا به الى كربلاء. ينتظرون موته وكأنه ليس ابن بنت نبيهم!. ما أجرأهم على الله، وعلى انتهاك حرمه!. لكنني سأظل أشحذ هذه القسي، ولن أتركه حتى أموت دونه.
والله لن أنكث بعهدي والله على ما أقول شهيد!. أشعر وكأنّ كفي موعودة بخير كثير. تتراءى لي صورة جعفر ابن أبي طالب الطيار. هكذا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وآله. لقد عوّض الله تعالى جعفرا بجناحين بدلا عن كفيه. وكفي هذه أشعر وكأنها ستناول ما ناله. لست كجعفر، لكنني أتمنى أن أكون مثله، ايمانا ورغبة في ثواب الله، ومن أحب قوما حشر معهم، وأنا أحب أهل البيت يشهد الله تعالى علي وملائكته وأنبياءه ورسله، أني سلم لم سالمهم وحرب لمن حاربهم، حتى يختار الله لي جوارهم في الآخرة كما اختار لي جوارهم في الدنيا.

أحببتهم منذ تنزلت الآيات في فضلهم، منذ تلوت (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)، منذ أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل البيت). أما هذا الغريب فأحببته منذ أن وقعت عيناي عليه، بل قبل أن أراه. رأيت النبوة في رسول الله ورأيت الامامة في علي، فتشوقت لرؤية النبوة والامامة معا. استجاب تعالى لالحاحي، فاذا بهما يبزغان أمام عيني، في ريحانتي رسوله الكريم الحسن والحسين، سيدي شباب أهل الجنة، الامامان قاما أو قعدها. قعدت مع المجتبى الكريم، وها أنا أقوم مع قيام الحسين. في بوغاء عنيفة قاسية لا رحمة فيها. كأنما لم ينزل المطر عليها.

تمت

الأربعاء 4/1/2012

Testing
عرض القصيدة