ثورة الحسين (عليه السّلام) رشيد ياسين حدَّثينا عن يومه المأثورِ=وارفعي عنه حالكات الستورِ وابعثيه يا ذكريات دموعاً=في المآقي ووقدة في الصدورِ وأنيري للخابطين بديجور=الضلالات والعماء الكبيرِ صفحةً للجهاد قد سطرتها=رسلُ الحق بالنجيع الطهورِ حدَّثينا عن نهضة ذعر =الطاغوت من رجعها الأبي النذيرِ واستفاقت ندمانه وهوى =الكأس ومادت جوانب الماخورِ وانجلت ظلمة الخنوع فهبَّت=زمر المسلمين للتكفيرِ فإذا الشام ملعب للمنايا=وإذا الملك كالحطام النثيرِ وإذا الغاشمون من آلِ حربٍ=ميسم العار في جبين الدهورِ شرَّد كالنعاج أذعرها النصل=ففرَّت ومالها من مجيرِ ذاك عرش الطاغوت قام على الرقِّ=فألوى به انتفاض الأسيرِ إيه يا كربلاء كم خضبت =أرضك أهواء ثمَّ أو غدورِ كم ظلوم أقام فيك على الأشلاء= أركان عرشه والسريرِ كم شهيد كانت دماه وَقِيداً=لسراج الآمال في الديجورِ إيه يا كربلاء عودي بهاتيك = المآسي من نائيات العصورِ وصفي موكب الحسين وقد =قام يلبَّي ضراعة المستجيرِ ومضى يقطع الصحارى مجدّاً=بين رمل من لفحها وهجيرِ قاصداً كربلاء حتّى إذا ما=أنزلته فيها يد المقدورِ ومضى يسأل الاُولى بايعوه=بعهود الخداع والتغريرِ كيف خانوا أما لديهم فضولٌ=من إباءٍ أو وازع من ضميرِ لم يجد غير أنفس دنَّستها=شهواتٌ مسعورةٌ في الصدورِ زمر باعت الكرامة بالمال= وداست على النهى والشعورِ وأتت تحمل الحسين على =طاعة جبّارها الأثيم الكفورِ فانبرى مشعل الإباء حسينٌ=صارخاً في قطيعها المأجورِ يا عبيد الزناة من آل سفيان = ويا باعة التقى بالفجورِ لم أجئ طامعاً لديكم بملك=رفعته مقوَّسات الظهورِ فنفوس الهداة ترغب عمّا=تهب الأرض من متاع حقيرِ إنّما جئتكم لأرفع عنكم=ألف وزر وألف قيد ونيرِ وأزيح الآثام عن ألق الحقِّ=وألوي بسطوة السكَّيرِ مستبيح الأعراض في مخدع= البغي وجلاد شعبه المأسورِ يا ضحايا الشرور جئت أقيكم=بكياني إعصار تلك الشرورِ غير أنّ العين التي تألف الظلّ=ماء تخشى أن تستحمَّ بنورِ فتروَّوا حيناً ولكنّما الشهوة =غالت فيهم بقايا الضميرِ فانبروا كالذئاب تغترف =الدّم لتطفي من غلها المسعورِ واستحرَّ القتال فالأرض سيل=من نجيع ومدرج للنسورِ ورجال الحسين يهوون =كالأنجم في لجَّة الفناء الغميرِ يا لها ساعة أفاضت على =الدنيا سناء من داميات النحورِ وانجلى النقع والحسين وحيدٌ=ما له في جهاده من نصيرِ تتناهى إليه ولولة الأطفال = بالغالَّ من وراء الستورِ وأنين الجرحى ونوح الثكالى=بنشيج مقطَّع محرورِ فانتضى سيفه وهبَّ إلى =الباغين غضبان هازئاً بالمصيرِ دائراً في جموعهم يزرع =الموت فتعدو كالأرنب المذعورِ ومضى في نضاله غير أن= الفرد يعيا أمام جمع غفيرِ فتهاوى على الثرى وتقضَّت=بُقية من لهافة المحرورِ فانبرت طغمة الزنى تطأ الموتى =وتقسو على عذارى الخدورِ يا شهيد الإخلاص كم من شهيدٍ=فجَّر النور من ظلام القبورِ يا نبيَّ الجهاد في كلَّ قلبٍ=أنت جرح مخضّب بالنورِ أنت حادي الأقوام إن غام مرقا=ها وتاهت في عتمة الديجورِ ليس تهوي صروح دين بناه=رسل الحقَّ بالنجيع الطهورِ * * * رشيد ياسين البصرة