حَتى مَتى؟
والأرضُ تشرَبُ صَمْتهَا؟
حَتى مَتى؟
لا أمَّةٌ وَقفتْ عَلى كتفِ السَّمَاءِ
ولا يَدٌ قدْ لوَّحَتْ في الغيمِ
لا أنشودَةٌ رَسَمَتْ صَدَاهَا في شذى الزمَن المَريض!!
حَتى مَتى؟
والمَوتُ يَلعَبُ في نبُوءات الذين تشبَّثوا بالأمْنياتِ
وعَانقوا وَجَعَ التفاصيل القديمَةِ
كلهُم عَبَرُوا صِراطَ الغيبِ
في زمَنٍ يُكذِّبُ أغنياتِ الرُّوحِ
صَاروا قِبلة للدمِّ
يَسْجُدُ نحْوَهَا وَطنُ الحَمَائمِ
والرَّبيعُ
اليَاسَمينُ
الحُبُّ يَسْجدُ
والرَّيَاحينُ التي نَثرَتْ شذاها بَيْنَ ألوَان الدِّمَاءْ
التينُ وَالزيتونُ بَعْضُ رثائِهِم
حَتى مَتى؟
يَا سَيدي
لمْ يَبقَ في الفجْر المُقدَّسِ
غيرُ ضلعٍ وَاحدٍ
يَلدُ الحُكاياتِ العَقيمَةَ
يَسْكبُ الملحَ انتحَاراً عِندَمَا تغفو النجُومْ
حَتى مَتى؟
وَحْشٌ يُبَعْثر مَا تبَقى مِن بَيَاضٍ
يَقطعُ الأرْحَامَ
يَصْلبُ كلَّ أجْسَادِ النُّبوَّةِ
يَسْحَقُ الأشلاءَ
لا أدْري لمَاذا؟
هَلْ لأنَّ الوَحْيَ يَسْكنُ في فضَائهم النقيّ
أم هَلْ لأنَّ الضَّوءَ بَعْض صَفائهمْ
يَا سَيدي
لا العُمْرُ صَافحَهُ البَقاءُ
ولا الغِيابُ .. ولا الرِّثاءْ
لا أرضَ تقبَلهُم زُهُوراً
لا سَمَاءْ
لا البَحْرُ يَحْملهُم كمَا سُفنٍ بحَجْم نيَازكِ الأفلاكِ
يَحْملُ كلَّ مَا لا يَسْتطيعُ الدَّهْرُ أن يُبْقيهِ في زمَنٍ
وهُمْ وَرْدٌ بلون الحُبِّ
مِنهم يُخلقُ الأمْلاكُ
قمْ يا سَيدي
قمْ مِن سُبَاتكَ واحْمِل الأسْمَاءَ
في كفِّ السَّحَابِ
فأنتَ مَن وَرثَ المَدَى
يا سَيدي ..
قمْ ..
أنتَ مَن وَرثَ المَدَى