أَسُكَّرٌ أَمْ حُرُوفٌ ذُوِّبَتْ بِفَمي=" أيا حُسينُ " وكانَتْ أَوَّلَ الكَلِمِ بَسْمَلْتُهُ يومَ ميلادِي، فقمَّطَني=بِذِكْرِهِ، فإذَا حُبُّ الحُسينِ دَمِي مِزْمارُ داوُودَ قلبي، بالحُسينِ شدَا=يتلو زَبُورَ اسمِهِ دَأْبًا مِنَ القِدَمِ قَدَّسْتُ ذاكَ الهَوَى، رتَّلْتُ مِصْحَفَهُ=في جَوْفِ عِشقيْ، فدَارَتْ سكْرَةُ النَّغَمِ أَنَا الجُنونُ الّذي في كربلاءَ بَدَا=لعابِسٍ، فانتَشَى يمشي علَى الألَمِ هوَ الحُسينُ، وقُلْهُ : في الحشا أَحَدٌ=فَرْدٌ، تمَلَّكَ، مِنْ بَدْءٍ لمُختَتَمِ وفَوقَ أسْتَارِ أحشائي مُعلَّقَةً=كتبتُهُ، وهوَاهُ المُشْتَهَى قَلَمي وطِينَتِي حُبُّهُ، ما كُنْتُ مِنْ حمأٍ=وصَوَّرَتْني يداهُ قِبْلَةَ الحَرَمِ لهُ فَرَشْتُ مُصَلَّى الرُّوحِ في سَحَري=وفيهِ أَوْقَفْتُ عُمْري قُرْبَةَ الخَدَمِ فمُنْتَهايَ حُسَينيٌّ كمُبْتَدَئِي=وكنتُ لولاهُ أَغفُو في سُدَى عَدَمي إلَيكَ أَحبُو علَى الأشْواكِ، تتبَعُني=جنازتي، ولقبرِي هَرْوَلَتْ قَدَميْ وإنْ يَمُرَّ "حُسَينٌ " عابرًا شَفَتِي=رمَتْ سِهَامُ ابْنِ سَعْدٍ باللّظى خِيَمي وإنْ قرَأتُكَ وِرْدًا، حزَّ أَورِدتي=شِمرٌ، وصَوتي ذَبيحٌ كالفُراتِ ظَمي وإنْ حملتُكَ قِنديلاً، حُمِلْتُ علَى=بُرَاقِ رُمحٍ .. رسُولَ الجُرحِ للأُممِ وإنْ رسَمْتُكَ فوقَ الصَّدْرِ خارِطَةً=تبعْثَرَتْ أَضْلُعي بالحافرِ النَّهمِ وأَلْفُ حرمَلَةٍ يَرمِي مُثلَّثُهُ=خَطْوِيْ .. كأَنَّ بعَاشُورَاءَ مُرتَسَمِي كأَنَّني قَلبُكَ المذبُوحُ، مِئذنَةٌ=تضجُّ حَيَّ علَى النُّشَّابِ والضَّرَمِ والخيلُ تعْدُو علَى ظِلِّي فَيُرهِقُها=قدِ استطالَ عَلَى تكسيرِهَا شَممِي فكَرْبَلاءٌ أَنَا، في كُلِّ جَارِحَةٍ=لي مِنْ جِراحِكَ نَزْفٌ للسَّماءِ رُمِيْ أَرَاكَ مِلءَ جِهاتي، أيْنَمَا نظَرَتْ=عَيني .. فأَنْتَ هُنا كالصُّبْحِ في ظُلَمِي في كُلِّ قَطْرَةِ مَاءٍ أَنْتَ ملحَمَةٌ=تُروَى، فتُصْغِي لها الأجْفَانُ كالدِّيَمِ حاوَلْتُ أنقُشُ في صَخْرِ المَدَى أَلَقًا=مِنْ كُنْهِ ذاتِكَ لكِنْ قَصَّرَتْ هِمَمِيْ ورُحْتُ أَزعُمُ أَنِّي جُزْتُ عَالَمَكَ الْ=أَعْلَى،لِوَهْمٍ!، وَرِجْلِي لاصقَتْ حُلُمِي وقُلْتُ بالشِّعْرِ تَسْتَجْلي مُخَيِّلَتي=فِردَوسَ مَعْناكَ، هلْ لي بُلْغَةُ القِممِ ؟ يا ذاتَ أَحمَدَ تأبى أَنْ يُحِيطَ بِهَا=سُوْرُ البيانِ وتنأَى عنْ يَدِ الفَهَمِ في بَهْوِ ذَاكِرةِ الأرواحِ مُتَّكِئٌ=رَحِيقُ ضَوئكَ، لمْ تُطفِئْهُ عَينُ عَمِ ! فمِنْ لَدُنْ نحْرِكَ القُدُّوسِ قَدْ هبَطَتْ=كُلُّ الرِّسَالاتِ، في طَفِّ الدَّمِ العَرِمِ وكربلاءٌ سَتبْقَى وُجْهَتِي ولَها=أَمُدُّ قلبيَ فَيْئًا أَبيَضَ الذِّمَمِ والموتُ عِنْدِيَ مِحرابي، فمدرستي=كانَ الحُسينُ، فكانَتْ قِبلَتي قِيَمي