إياكَ و العِشقَ لا تَمرُر بِواديهِ=فطالما ضَلَّ قومٌ في بَواديهِ و اسلَم بنفسكَ لا تَصعَد بشاهِقَةٍ=فطالما زَلَقَت أقدامُ راقيهِ و صِن فُؤادَكَ و احذر أن تُعَرِّضَهُ=لنَفحَةٍ من شُواظِ العِشقِ تُصْليهِ هوَ الجَحيمُ فإن يَمسسكَ لاهِبُها=فلا تُصَدِّق بأنَّ البَحرَ يُطفيهِ و العِشقُ بَحرٌ عَميقٌ فيهِ قد زَلَقَت=قَومٌ كَثيرٌ و تاهَت عَن مَراسيهِ إن ظَنَّ راكِبُهُ جَهلاً إذا انكَسَرَت=سَفينَةُ الصَّبرِ إنَّ السَّبحَ يُنجيهِ فَتِلكَ واهِمَةٌ مِن غَير مَعرِفَةٍ=سَلِ الخَبيرَ الَّذي يَدري بِما فيهِ فإنَّ لِلعِشقِ أقواماً نُفُوسُهُم=تَقوى على حَملِها أثقالَ ما فيهِ أراحَهَا العِشقُ مِن قَيدِ الوُجودِ فلا=تَكَادُ تَحذَرُ شَيئاً أو تُرَجِّيهِ أمَرُّ شَيءٍ يَراهُ الكاذِبونَ يَرَاهُ=الصَّادقونَ شَهيَّ الطَّعمِ حاليهِ للهِ جِدِّي و صِدقي إذ بَلَغتُ إلى=إحرازِ قاضيهِ لَم أقنَع تَدَانيهِ و يا لَها نَشوَةً في فِيِّ صَيَّرَني=مَذاقُها مَلِكاً مِن بَينِ أهليهِ شَرِبتُ مِن قَبلِ غَيري صَفوَهُ كَمَلاً=و لَم يَذُق شُرَكائي غَيرَ باقيهِ و كُلَّما ازدَدتُ مِن لَذَّاتِهِ طَرَباً=تَنفَكُّ تَنسِبُني الزُّهَّادُ لِلتِّيهِ فلا عَلَيكَ نَديمي قُم و غَنِّ لنا=بِذِكرِ مَحبوبِنا جَلَّت معانيهِ و كنِّ عَنهُ بِسَلمَى حينَ تَكُرُهُ=و صاحِبُ البَيتِ أدرى بالَّذي فيهِ و ما عَلينا إذا غابوا و سَكرَتُنا=في الحُبِّ تُشغِلُ عَن ثَلبٍ و تَنزيهِ و رَجِّعَ الصوتَ في مَدحِ الأُلى شَرَعوا=شرائِعَ الدِّينِ حتَّى بانَ خافيهِ مُحَمَّدٍ و عليِّ ثُمَّ آلِهِما=الأطهارِ حُفَّاظِ دينِ اللهِ حاميهِ مُحَمَّدٌ خارقُ الأفلاكِ سَبعَتَها=حتَّى دَنَى فَتَدَلَّى عِندَ باريهِ كَقابِ قَوسَينِ أو أدنى و خالِقُهُ=بِمِثلِ لَولاكَ مِن حُبٍّ يُناديهِ فَيا لَهُ مِن مَقامٍ قَد حَباهُ بِهِ=حَظرٌ على الهِمَمِ العُليا تَمَنِّيهِ فيهِ مِنَ الفَضلِ ما في الأنبياءِ مَعاً=و لَيسَ فيهِم جَميعاً كُلَّما فيهِ لَهُ معاجِزُ لا تُحصى لِكَثرَتِها=تِجلُّ عَن عَيبِ تَدليسٍ و تَمويهِ قَد شَقَّ بَدرَ السَّما نِصفَينِ فافتَرَقا=شَرقاً و غَرباً مُطيعاً أمرَ باريهِ و بَعدُ إن دَخَلا في جَيبِهِ خَرَجَا=مِن بَطنِ كُمَّيهِ فَليَقصُر مُناويهِ يُبَعَّدُ الأقربُ الأدنى إلَيهِ كما=يُقَرَّبُ الأبعَدَ الأقصى و يُدنِيهِ في اللهِ أقصى و أدنى ذا و ذاكَ و لَم=يَتبَع هَوىً بل لِما الرَّحمانُ يُوحيهِ أمَدَّهُ اللهُ بِالأملاكِ تَنصُرُهُ=و الرُّعبُ يَخذِلُ مِن شَهرٍ أعاديهِ و شَدَّ ساعِدَهُ حَقاً و أيَّدَهُ=بالمُرتضى حافِظِ الإسلامِ حاميهِ نَفسِ النَّبيِّ أخيهِ بَعلِ بَضعَتِهِ=أبي بَنيهِ و في الأخطارِ واقيهِ أسمِع بِهِ مِن أخي صِدقٍ مَتى فَغَرَت=عَظيمَةٌ يُلقيهِ فيها فَيَكفيهِ القائِدِ الخَيلَ تَجري في أعِنَّتِها=و القائمِ اللَّيلَ بالأورادِ يُحيِيهِ و لَيلَةٍ رامَتِ الكُفارُ مَقتَلَهُ=فَبَاتَ في فُرشِهِ بالنَّفسِ يَفديهِ و يَومَ بَدرٍ و أحدٍ و السَّلاسِلُ و=الأحزابُ يَشرَحُ بَعضاً مِن مَساعيهِ مَولايَ وَصفُكَ أعياني و حَيَّرَني=فَلَستُ أنفَكُّ بَينَ الغَيِّ و التِّيهِ و شَأنُ مَجدِكَ يأبى أن يُقاسَ بِهِ=مِنَ البَرِيَّةِ مَخلوقٌ يُضاهيهِ فالحَقُّ أنَّكَ عَبدُ اللهِ حُجَّتُهُ=لِسانُهُ يَدُهُ العُليا و داعيهِ قَد سَخَّرَ اللهُ كُلَّ الكائِناتِ لَهُ=ما شاءَ يَنقُضُهُ أو شاءَ يُمضيهِ في حُكمِهِ أمرُ جاريها و ثابِتِها=ما شاءَ يُثبِتُهُ أو شاءَ يُجريهِ رُدَّت لَهُ الشَّمسُ طَوعاً بَعدَ ما غَرُبَت=جَهراً فَصَلَّى أداءً فَرضَ باريهِ و كَلَّمَتهُ بِأمرِ اللهِ قائِلَةً=أنتَ الأميرُ وَليُّ الله داعيهِ أرجُوهُ لي جُنَّةً في الحَشرِ واقيَةً=و هو الكَريمُ الَّذي ما خابَ راجيهِ فَلَيسَ أحمَدُ بِالمُخفي فضائِلَهُ=و لَو تَمَزَّقَ مِن غَيظٍ مُعاديهِ صَلَّى الإلهُ على الهادي و عِترَتِهِ=ما قامَ للهِ عُبَّادٌ تُناجيهِ