طَودُ الهوَى شامِخٌ صعبٌ مراقيهِ=فاربِع بِظِلعِكَ ما كُلُّ براقيهِ فرُبَّ شهمٍ قويِّ العَزمِ حَاوَلَهُ=هوى بهِ العجزُ من أدنى مراقِيهِ و صاعِدٍ صُدَّ عنهُ بعدَ ما انصَدَعتْ=أحشاؤُهُ و تَرَاقَتْ في مراقِيهِ و كم سليمٍ صلالٍ في مفاوِزِهِ=مُبَلبل البالِ لا يَرقيهِ راقِيهِ إن ذُقتَهُ ذُقتَ ما لا أنتَ طايقُهُ=و إن جَهِدتَ و لا ما أنتَ سَالِيهِ فانفَس بنَفسِكَ لا تَرغَب إليهِ و لا=تنفَس عليهِ و أعطِ القَوسَ بَارِيهِ من والِهٍ مُستَميتٍ لا يُفَكِّرُ في=ما قد أتَاهُ ولا ما سَوفَ يأتيهِ يَبيتُ و الشُّوقُ يَطويهِ و ينشُرُهُ=و خالصُ الحُبِّ يُفنيهِ و يُحيِيهِ جَازَ المَفَاوِزَ حَتَّى حازَ مَطلَبَهُ=و فازَ بالكونِ في أعلى مَرَاسِيهِ راضَ الطَّبيعَةَ حتَّى ذلَّ جامِحُهَا=و سَخَّرَ الوَهمَ حتَّى طاعَ عَاصيهِ إذا سَرَى الحُبُّ في قلبِ المُحِبِّ سَرَتْ=هُمُومُهُ و انجَلَت عنهُ غواشِيهِ فكَانَ ظاهِرُهُ عِنوانُ بَاطِنِهِ=و صَارَ بادِيهِ مُجلي سِرَّ خافيهِ و استغرَقَت في جَمَالِ الحُبِّ فِكرَتُهُ=فلا يُلاحِظُ شيئاً غيرُهُ فيهِ بل غيرُهُ مُتلاشٍ في أشِعَّتِهِ=قد غابَ عن ذِهنِهِ حتَّى تلاشِيهِ أما وَ رَشفُ سُلافٍ مِن مَحَبَّتِهِ=و لَذَّةٍ أحتَسِيها في تَجَلِّيهِ ما ذِقتُ أعذّبَ مِن ذاكَ السُّلافِ سِوى=نَجواهُ في سِرِّ قلبي أنا أُناجِيهِ أو مَدحَ أشرَفِ خلقِ اللهِ قاطِبَةً=قُطبُ الوُجُودِ الَّذي جَلَّت مَعَانيهِ خَتمُ النبِيِّينَ فخرُ العالَمينَ شفيعُ=المُذنبينَ إلى الرَّحمانِ بارِيهِ اللهُ خاطَبهُ لولاكَ فارتفعت=عليهِ قُبةُ تبجيلٍ و تنويهِ و مَن يكُن عِلةُ الإيجادِ فهوَ بِهِ=مقدمٌ و جميعُ الخلقِ تاليهِ و زادهُ ليلةَ المِعراجِ حيثُ دنا=فيها إليهِ عُلُواً من تدانيهِ و ليلةَ انشقَّ فيها البدرُ معجزةً=كالبدرِ إذ تمَّ في أعلى محاريهِ و أنبعَ الماءَ من كفٍّ لهُ فكفى=جيشاً و ما كان ماءُ النهرُ يكفيهِ و أشبعَ الخلقَ مِن شاةٍ و واحِدُهُم=ما كان مأكلُها في الوقتِ يُعيِيهِ و رَدَّ عوسجةً في شكلِ شاهقةٍ=في الدوحِ إذ مَجَّ فيها الماءَ مِن فيهِ و أثمرت ثمراً حلواً فيأكُلُهُ=ذو السُّقمِ يشفيهِ و العطشانِ يرويهِ و رَدَّ عينَ امرئٍ من بعدِ ما فُقِئَت=صحيحةً ثم لم ترمَدْ فتؤذيهِ لهُ معاجزُ لا تُحصى و منزِلَةٌ=من ربِّهِ ليس فيها مَن يُضاهيهِ إلا الوصيُّ أمير المؤمنينَ فقد=ضاهاهُ في كلِّ شيءٍ من معاليهِ إلا النبوةِ إذ كانَ الخِتامَ لها=أمَّا سِواها ففي كُلٍّ يُساويهِ و جعلُهُ في حكيم الذِّكرِ مُنزَلِهِ=نفسُ النبي دليلٌ قاطعٌ فيهِ ما زالَ في عالَمِ الأنوارِ و النُّخَبِ=الأطهارِ في آي تقديسٍ و تنزيهِ حتَّى تخيَّرَ بيتَ اللهِ مولِدَهُ=فألبَسَ البيتَ فخراً كادَ يُطغيهِ لم تدرِ مَن وضَعَتهُ فيهِ مَن وَضَعَتْ=و صاحِبُ البيتِ أدرى بالَّذي فِيهِ هُوَ الذي كَسَّرَ الأصنامَ يرفَعَهَ=كتِفَا النبي فمن يرقى مَرَقِيهِ هُوَ الذي باتَ يُفدِيهِ بِمُهجَتِهِ=في ليلَةِ الغارِ إذ صالَت أعاديهِ سَلِ المواقِفَ طُرّاً عن مُسَاجِلِهِ=و عَن مُضارِعِهِ في فَتكِ مَاضيهِ مَن دَوَّخَ الكُفرَ لمَّا ثارَ ثائِرُهُ=و أيَّدَ الدِّينَ لمَّا قامَ داعِيهِ لولا الحُسامُ الَّذي أمضى مضارِبَهُ=لِنَصرِهِ لَنَعَى الإسلامَ ناعيهِ لولا العُلُومُ التي فاضَت جواهِرُهَا=مِن فيهِ لم تبلُغِ التَّوحيدَ باغيهِ ألا ترى أنَّ غَيرَ المُقتَدينَ بِهِ=تاهُوا بظُلمَةِ تعطيلٍ و تشبيهِ هوَ المنارُ على نهجِ الرَّشادِ وَ مَنْ=ضلَّ المنارَ فقد أفضى إلى الّتيْهِ هُوَ الذي ساحَةُ الإمكانِ في يَدِهِ=ما شاءَ يَنشُرُهُ أو شاءَ يَطويهِ في بابلٍ ردّ عينَ الشَّمسِ مُشرقَةً=و اللَّيلُ قد مَرَّ جُنحٌ مِن دياجيهِ و في المدينةِ أُخرى ثُمَّ كَلَّمَها=و كّلَّمَتهُ بتسليمٍ تُحَيِّيهِ و أنقَضَ الماءَ مِن نَهر الفُراتِ وَ قَد=طَغَى و أسكَنَهُ و انقاد طاغيهِ و أنطَقَ العُجمَ مِن وَحشٍ وَ مِن سَمَكٍ=و عَظمِ ميتٍ بإذن اللهَ يُحييهِ و صَيَّرَ القوسَ ثُعباناً يُخيفُ بِهِ=بعضَ الأعادي فَكَادَ الخوفُ يُرديهِ لولا رأى ذَلِكَ الثُّعبانَ في يَدِهِ=قوساً لأصبَحَ مَيتاً مِن تَرَائِيهِ و صَيَّرَ الخارِجِيَّ المُستَخِفَّ بِهِ=كَلبَاً فلاذَ بِهِ تَهْمِيْ أماقِيهِ فَرَدَّهُ بعدُ إنسَاناً كَحَالَتِهِ=الأُولى و مَهمَا يَشأ فاللهُ يُنشِيهِ هذا و أمثالُهُ عذْرُ الغُلاةِ و إن=ضَلُّوا السَّبيلَ فَمَاذَا عُذرُ قالِيهِ يا شافِعِيْ الخَلقَ عِندَ اللهِ جئتُكم=مُستشفِعاً فاشفعوا في ذَنبِ عاصيهِ عبدٌ مُوَالٍ مُعَادٍ فيكُمُ وَ لَكُم=و العبدُ ليسَ لهُ إلا مَوَالِيهِ يا قاسِمَ النارِ يومَ الحَشرِ خُذ بيَدي=فيمَن تُخَلِّصُهُ مِنهَا و تُنجِيهِ وَجَدتُ حُبَّكَ في قلبي يُبَرِّدُهُ=فَلَستُ أَحذَرُ أنَّ النَّارَ تُصْلِيهِ يَرجُو بِحُسنِ اعتِقادٍ فيكُمُ حَسَنٌ=فوزاً بِمَقعَدِ صِدقٍ عِندَ باريهِ أسنَى الصَّلاةِ و أزكاها و أطهَرَهَا=عليكُمُ ما رَجَا الرَّحمَانَ راجِيهِ