أتَرقِدُ مِن بَعدِ الحُسَينِ عُيُونُ=و تَخفى لِأَربابِ الوَلاءِ شُجُونُ أيَفرَحُ قَلبٌ و النَّبيُّ و حَيدَرٌ=و فاطِمُ و السِّبطُ الزَّكيُّ حَزينُ و أيُّ سُرورٍ لِلمُوَالي و قَد غَدَت=مَوَاليهِ مِنهُم مُؤسَرٌ و طَعينُ قَضيَّةُ مَحضِ الوُدُّ أن يُسلَبُ العَزَا=و يُوجَبُ نَوحٌ دائمٌ و حَنينُ أتَخفَى شُجُوني بَعدما رأسُ سَيِّدي=يُبانُ و في رأسِ السِّنانِ يَبينُ أيُطفى لَهيبي و هُوَ مُحتَرِقُ الحَشَا=بِنارِ الظَّما و الوَجهُ فيهِ كَمينُ أُمَثِّلُهُ فَرداً يُنادي بِعُصبَةٍ=عَمينَ أما لي ناصِرٌ و مُعينُ أَأُقتَلُ مَظلوماً بِغَيرِ جِنايَةٍ=و أظمَأُ و الماءُ المُباحُ مَعينُ ألَستُ مِنَ القَومِ الَّذينَ وِدادُهُم=أمانٌ لِلأنامِ حَصينُ حَلَفتُ بِرَبِّ البَيتِ حِلفَةَ صادِقٍ=و ما أنَا مِمَّن في اليَمينِ يَخونُ لَجَدِّي رَسولُ اللهِ حَقَّاً و والِدِي=خَليفَتُهُ و النَّصُّ فيهِ مُبينُ إمامٌ مِنَ الإشراكِ باللهِ أنزَعٌ=كَمَا هُوَ مِن حَملِ العُلُومِ بَطينُ و فاطِمَةُ الزَّهراءُ أمِّي و إنَّها=لها جَبرَئيلٌ باليَمينِ يَصونُ و ما قَتلُ مِثلي جائِزاً عِندَ أُمَّةٍ=لَهُم مَنهَجٌ في الصَّالِحاتِ وَدينُ فهَل أنتُمُ ساقيَّ ماءً عسى بِهِ=يكونُ بِقَلبي لِلغَليلِ سُكُونُ فقالوا لَهُ هَيهاتَ هَيهاتَ إنَّما=نُسقِّيكَ مِن حَتفٍ و أنتَ مَهينُ فَحَولَقَ يَدعو يا رَقيباً على الوَرَى=و يا عالِماً لا يَعتَريهِ ظُنُونُ (1) رَضيتُ بِما تَقضي و تَحكِمُ سَيِّدي=و كُلُّ جَليلٍ في رِضاكَ يَهونُ فُدِيتُ لَهُ إذ خَرَّ عَن سَرجِهِ و قَد=تَخَضَّبَ مِنهُ مَفرِقٌ و جَبينُ فُدِيتُ لَهُ إذ أدرَكَتهُ نِساؤُهُ=لَهُنَّ صُراخٌ حَولَهُ و رَنينُ فَأبصَرنَهُ و الشِّمرُ مِن فَوقِ صَدرِهِ=و في يَدِهِ ماضي الغَرَارِ سَنينُ و خاطَبنَهُ يا شِمرُ وَيحَكَ خَلِّهِ=تَقَرُّ بِهِ لِلأرمَلاتِ عُيُونُ أيا شِمرُ دَعهُ لِليَتَامى يَحُوطُهُم=إذا بِهِم صَرفُ الزَّمانِ يَخونُ إذا أنتَ يا شِمرٌ قَتَلتَ كَفيلَهُم=فَمَن ذا لَهُم بَعدَ الكَفيلِ يَصونُ أيا شِمرُ لا تَقتُل حُسَيناً فإنَّما=يَسَارُ ذَوي الأعسارِ مِنهُ يَمينُ أتأمَنُ مَكرَ اللهِ فيهِ و إنَّهُ=على الوَحي و السِّرِّ المَصونِ أمينُ أتَقتُلُهُ يا شِمرُ مِن غَيرِ جُرمَةٍ=ألَستَ بِدِينِ المُسلِمِينَ تَدينُ فَمَا لانَ قَلبُ الرِّجسِ شِمرٌ و إنَّهُ=لَمِن قَولِها صُمُّ الصُّخُورِ تَلينُ و حَزَّ كَريمَ السِّبطِ بالسَّيفِ بَعدَمَا=تَقَطَّع منهُ أخدَعٌ و وَتينُ (2) تَضَعضَعَ رُكنُ الدِّينِ و انطَمَسَ الهُدى=و كُسِّرَ مِن دَوحِ الجَلالِ غُصُونُ أرَأسُ حَبيبِ اللهِ يُقطَعُ جَهرَةً=لَعينٌ نَمَاهُ بِالفُجورِ لَعينُ و لا تُضرَمُ الأحشاءُ ناراً مِنَ الأسى=تُصَعَّدُ مِنها زَفرَةٌ و حَنينُ ألَيسَ رسولُ اللهِ قَد ألَفَ البُكَا=على رِزئِهِ بالسِّبطِ و هوَ جَنينُ و كانَ كَثيراً ما يُقَبِّلُ نَحرَهُ=كَئيباً لِما مِن أمرِهِ سَيَكونُ فَدَاهُ بإبراهيمَ ذي الفَضلِ قائِلاً=و مَدمَعُهُ فَوقَ الخُدودِ هَتونُ إذا ماتَ إبراهيمُ لَم يُشجِ مَوتَهُ=سِوايَ و يَشجى إن يَموتُ حُسَينُ أبُوهُ عليٌّ و البَتولُ و شُبَّرٌ=و إنِّي بِفِقدانِ الحُسينِ ضَنينُ يَضِنُّ بِهِ عَن مَوتِهِ حَتفَ أنفِهِ=و مِثلُ حُسَينٍ بالبَقاءِ قَمينُ فكيفَ و لَو ألفاهُ يَفحَصُ في الثَّرى=و صارِمُ شِمرٍ لِلكَريمِ يُبينُ خَضيباً بِما فاضَ الوَريدانِ مِن دَمٍ=لَهُ جَسَدٌ بالذَّابِلاتِ طَعينُ و نِسوَتُهُ يُحمَلنَ مِن فَوقِ ضُلَّعٍ=هدايا لَها مِن حُزنِهِنَّ أنينُ هَوَاجِرُ غُمضٍ بالهَوَاجِرِ و الدُّجى=تَجَافَى عَنِ الإغفا لَهُنَّ جُفُونُ مقاريحُ أجفانٍ مِنَ الدَّمعِ ما لَهَا=سِوى سَكبها ماء الشُّؤُونُ شُؤُونُ إذا نَظَرَت رأسَ الحُسَينِ أمامَهَا=تَفَجَّرُ مِن أعيانِهِنَّ عُيُونُ فَدَيتُ عَليَّ بنَ الحُسَينِ يُساقُ في=سَبَايَا لَها نَحوَ الشِّآمِ ظُعُونُ فَدَيتُ عَليلاً لا دَوَاءَ لِدَائِهِ=و كَيفَ يُداوَى الدَّاءُ و هوَ دَفينُ عَليلاً لِفِقدانِ الأحِبَّاءِ فَهوَ لا=دَوَاءَ لَهُ إلَّا اللِّقاءُ يَكونُ و أينَ التَّلاقي بَينَهُم بَعدَمَا غَدَت=تَحولُ سُهُولٌ بَينَهُم و حُزُونُ عَلِيٌّ بِأَسرِ الظَّالِمينَ مُصَفَّدٌ=و والِدُهُ في كَربلاء رَهينُ و أخوَتُهُ و الرَّهطُ مِن خَيرِ قَومِهِ=أُبيدُوا و وافاهُم هُناكَ مَنونُ قَضَوا بِمَباتِيرِ الحِدادِ يَقونَهُ=مَنوناً و ما فيهِم بِذاكَ مَنونُ على ظالِمِيهِم لَعنَةٌ مُستَمِرَّةٌ=و خِزيٌ كَمَيدانِ العَذابِ مَهينُ أيا عِلَلَ الإيجادِ يا مَن وِدادُهُم=إذا طافَ طُوفانُ المَعَادِ سَفينُ لَزَمَتُكُمُ يا سادَتي لِيَكُونَ لي=مقامٌ إذا قامَ الحِسابُ أمينُ فَمَا حَسَنٌ يَومَ المَعَادِ بِخائِفٍ=و حَبلُ اعتِصامي بالهُداةِ مَتينُ عَلَيكُم سَلامُ اللهِ يا خَيرَ خَلقِهِ=مَتَى جادَ بِالدَّمعِ الهتُونِ حَزينُ