الغصن الأخير
صالحه آل رميح
الغصن الأخير
منَ الأصدافِ تخرجُ ذاتُ صونِ = فينحسرُ الظلامُ لها بهونِ
إلى الميدانِ تدنو في سوادٍ = أذاعَ بهاءها رغمَ الشجونِ
أتتْ تسعى إلى غصنٍ خضيبٍ = يزاحمُ حسنهُ نبْلُ الخؤونِ
لتهمسَ للسما درساً يدوّي = بأسماعِ الورى عبرَ القرونِ
فترفعهُ بكفَّيها وتدعو = تقبلَ سيدي باقِي غصوني
فقدْتُ المصْطفى جذْعي وفيئي = على صغري العِدَى اغْتالتْ ركوني
وخلفَ البابِ قدْ كُسرتْ ضلوعٌ = حنانيها لأعْبقَ زيزفونِ
وهامُ المرْتضى فجْراً حمانا = سقى المحرابَ بالدمِ الهتونِ
وفطّرَ مهْجةَ الحسنِ المزكّى = معاويةُ الخنا بؤرُ الفتونِ
فلا ساقٌ ولا فرعٌ إلهي = لنا إلَّا محتْه يدُ المجونِ
تعاينُ غصنَها الذَّاويْ ملياً = تداويْ جرحهُ درَّ العيونِ
يجرِّعُني غيابُكَ ياحبيبي = مراراتِ المقاسي للمنونِ
وتُبْهضُنِي عذاباتٌ أفيضتْ = بلا جرمٍ بخافقكَ الحنونِ
فأضْحى القلبُ نيراناً تلظَّى = بأعماقي دوَى لحنُ الجنونِ
بأحداقي صلاةُ الشوقِ تُتلى = ورغمَ الهجْرِ قدْ درَّتْ جفوني
إذا يوماً يجافيكَ ابتسامٌ = غدتْ تنْدكُّ منْ حَولي حصوني
فأنتَ الماءُ في جذْري وقلبي = وإنْ مائي جَفَى جفَّتْ غصوني
ظننْتُكَ سلْوَتِي بمغيبِ أهلي = وها دهريْ يخيّبُ لِي ظنوني
أتى دفءٌ يناجيها ويهمي = على قلبِ العقيلةِ بالسكونِ
بلا ثغرٍ وأدهشها مسجىً = حكى أنّى لهمْ أنْ يخرسوني
أنا قلبُ الشهيدِ وما تبقَّى = سوى ثلثٍ وحتماً يسحقوني
رأيتُكِ زينبَ الكبْرى نباتاً = سقاهُ اللهُ منْ محَنٍ هتونِ
فكانَ الجذرُ صبراً واحتساباً = وكانَ الساقُ من جأشٍ وصونِ
ومن أغصانها يوماً سأجني = ثمارَ شهادتي من كلِ لونِ
بمصباحِ الهدى هلْ شبَّهوني = وهلْ بسفينةٍ همْ ينعتوني
إبىً أوراقُ زرعكِ لي أضاءتْ = أنا منْ ساقكِ امتدّتْ متوني