اصغ يا دهر وانصتي يا مكارم = وانفضي يا جراح عنك المراهم
واستعد يا قريض كلّ القوافي = واسبر اليوم غور كلّ الملاحم
إن هذي النفوس ظمئى لنورٍ = طالما غيبته عنها المظالم
إن هذي الحقول لم تألف الجدب = وقد أوشكت أن تموت البراعم
فاملئي يا سماء قلبي آمالاً = فإني لما أزل عبد هائم
أتملّى بين السحائب غيثاً = ينشر البشر بين هذي العوالم
يرجع الخصب في العقول فتسمو = لترى ذلة الصقور الحمائم
لترى البرعم الصغير يبثُّ الجوّ = عطراً وإن أثيرت بهائم
أن تقول الشعوب قولتها الفصل = على رغم كلّ أهوج حاكم
أن يعيش الإنسان حراً كريماً = لا مروعاً من السيوف الصّوارم
فلقد لاح في الحوالك برقٌ = يصرع الخوف في الليالي الدواهم
يخطف الرعب من قلوب حيارى = ويعيد الثغر المعطل باسم
ذاك وهج الزهراء أشرق فينا = وحديث عن البتولة فاطم
وُلد الخير إذ ولدت فيا = فرحة طه في منبت للمكارم
قد أُعيدت بها الكرامة للأنثى = فعاشت بين الكرام الأكارم
والتقت في رحابها جنبات = ولم تكد تلتقي الدهور الصّوارم
فإذا الختم بالنبوة يفضي = عندها في إمامة وأعاظم
فسرى منهل الرسالة عذباً = رائقاً في صفائه للعوالم
في بنيها يا عزة لم تخامر = عظماء التاريخ من كل حالم
غير بنت للمصطفى كان فيها = نسله والنهى وكل المراحم
فاستطالت على العوالم فخراً = شاهد فيه كل بر وآثم
وتراها ترعرت في حجور = عز في الدهر مثلها في الأكارم
ولدتها خديجة وكفاها = أن ترى في وليدة الختم خاتم
وبها سوف ينتشي نسل طه = ويزين الدنيا فتسمو المعالم
وتقول الدنيا بأن عظيماً = قطعته أرحامه كل راحم
ونبي الإسلام خلف بنتاً = لم يراعوا فيها حقوق المحارم
أنجبت هذه الملايين برغم = التقتيل من كل ظالم
فاستفاق الزمان أين بنو حرب = وسلطانهم وقطع الجماجم
أين أعداؤها فقد ذهب الكل = ولم يبق في الدُنى غير فاطم