رجع الطيور و لحنها ما هزَّني = و نفاد عيشٍ راغدٍ لم يُشجني
كلا و لا ذكر الأحبة إذ هُمُ = عنّي نأوا فبعادهم قد مضّني
فبقيت أبكي كالحمام مغرداً = متمايلاً من فوق غصنٍ ليِّن
مترنحاً قد شط عنه أليفه = متألماً بلظى الفراق المحزن
كلا و لا ذكر الشباب و روقه = تلتذ فيه النفس بالعيش الهني
الله يا زمن الشبيبة هل ترى = من عودة لأردّ ما قد فاتني
هيهات عودة راحلٍ حال النوى = من دونه فبعودة لم ينثن
كلا و لا ذكر المنازل إذ غدت = مهجورة و ظلامها قد شفّني
لكن شجاني و استطار بمهجتي = و إلى التباكي و التلوع قادني
رزءُ النبي محمد خير الورى = فهو الذي دون البرية راعني
أبكيه مطروحاً يئن و حوله = أطفاله تبكي له بتحزن
لهفي على الطهر البتول دموعها = تنهلّ فوق المهجتين و تنثني
فوق الخدود تسيل مثل غمائمٍ = و تقول: يا أبتاه قد أوحشتني
يا والدي عني كأنك راحل = يا والدي للنائبات تركتني
يا والدي هذي طفالي كلها = تبكي عليك و روعها لم يسكن
هذا الحسين السبط يبكي حسرة = و يئن من وجد به الحسن السني
يتباكيات و زينب في حسرة = تدعو: ألا يا جَدُّ قد ضيّعتني
ذي أم كلثومٍ تقول و قلبها = متألمٌ: يا جدُّ فقدك هدّني
هذي مدامعهم تسيل بحرقة = فوق الخدود كمثل درٍّ مثمني
يا سيّد الزهاد يا ربّ الإبا = يا واحد الدنيا و أفضل محسن
صلى عليك الله يا خير الورى = يا خير مبعوث و خير مكوَّن