في مدح الإمام الحسين (ع) السيد جابر الجابري (مدين الموسوي)
في مدح الإمام الحسين (ع)
أناى وتأخذني الدروب وأبعد=وأظلّ أنهل من يديك وأورد
وتظل ملء الروح تغمر صحوتي=فتفيق من سكر الزمان وترشد
لم أناء عنك وأن تراكم بيننا=دهر بألوان القطعية موصد
إنّى التفت أراك تملأ وحشتي=نوراً وتبرق في سماي وترعد
حتّى لمستك في الضلوع تشدّها=حبّاً وتجمعها عليك وتعقد
ورأيت وجهك في الجراح طرّية=يندى به وجه الحياة ويبرد
ما طال بي درب لمست بخطوه=روحاً يطول على خطاي ويبعد
أو شط بي حبل المتيه وغالني=زمن بقافلة الضياع محشد
اوراعني قيد يذل معاصماً=ما حزّه بيد البطولة مبرد
اوهالني خسف الزمان يحطّ من=زندي قواه ويستذل ويجهد
ألا وأنت بحيرتي لي منبع=طام وفي ليل المتاهة فرقد
عد بي إلى يوميك يوم تمخّضت=عنك البتول بما رجاه محمّد
وليوم عاشوراء يوم توحمت=فيك الطفوف ولم تلامسها يد
لأرى بأيّهما ولدت مكرماً=وبأيّ عاشور يك أنت مخلّد
هذا بكى فيه الرسول وأيقظت=أحزانه عيناك فهو مسهّد
وبكى أبوك به وناحت أمّك الز=هراء وانتحب العلى والسؤدد
وبيوم عاشوراء فاضت أعين الا=فلاك دمعاً والملائك حشد
أيقظتها بنداك تجمع حزنها=فلكلّ باك غاض طرف أرمد
ما يوم مولدك العظيم بمولد=تحيا به عبر العصور وتخلد
اليوم لاقتك الحياة بوجهها=ليضاء من نوريك دهر أسود
حضنتك فاطمة البتول بحجرها=طاب الوليد لها وطاب المولد
وسقتك من دمها الطهور لينجلي=لغد تفور به الطفوف وتوقد
حرى يهيج بها الحنين فتارة=تبكي وأخرى في علاك تغرد
فكأنّها قرأت بنحرك قصّة=صاغ الفصول بها حسام أجرد
اليوم رأسك ماثل في زندها=وغدا على رأس السنان مشيّد
اليوم جسمك هانى في حجرها=وغدا على حرّ الصعيد مجرّد
اليوم صدرك ضارع في صدرها=وغدا تجول به الخيول العرد
اليوم ثغرك باسم في وجهها=وغدا بسوط البغي ظلماً يجلد
فلأجل ميلاد الطفوف تمخّضت=عنك البتول وكان فيها المولد
يا فاتحاً عهد الكرام بصوته=صلّى الكرام بما هتفت ورددّوا
ومجدّداً صوت النبوّة وحيها=وحي السماء وغيثها لا ينفد
وهبتك قافلة الأُباة زمانها=ورأتك أنّك مبتغاها الأوحد
يا ملهم الأحرار سرّ روائها=لم تشكّ من ظمأ وأنت المورد
ما زال كأسك وهو فيض كرامة=يطفئ اللهيب من الكرام ويبرد
أيّان خضت بكربلاء زحوفها=تسفي الصوارم بالرؤوس وتحصد
فرداً تلاقيك الألوف وليتها=علمت بأنّك في الماثر مفرد
ما وحدتك سيوفها لكنّما=راحت جماجمها لسيفك تسجد
فرويت منها غلّة لم يروها=ماء الفرات ونارها لا تخمد
وبجنبك الأقمار يزحم بعضها=بعضاً تفديك القلوب وتعضد
الكلّ غطريف توشم أصله=ليردّه يوم الكريهة محتد
أن طالبته منية أعطى لها=أسخى من الغيث الهطول وأجود
هيمان من رقص الأسنّة كلّما=مالت عليه هوى لها يتوجّد
وردوا لها دكناء يصعب أن يرى=فيها العناق وان يبين المشهد
لكنّهم قدحوا السيوف فأوضحت=لهم المسار وبان فيه المقصد
نزعوا الضلوع عن القلوب وابرزوا=روحاً تفيض واعرقاً تتفصد
وبقيت وحدك كي تظلّ موحداً=ينسى الزمان وأنت فيه تخلد
عذرا إذا جنحت بيومك حرقة=ملء الضلوع ضرامها يتوقّد
أخفيتها تحت اللهاة ولم تزل=مخنوقة بلهيبها تتصعّد
عشراً من الأعوام عنك مبعّد=حيران تقذفني الدروب مشرّد
لم يكوني جمر الفراق لصحبة=لكن لأنّي عن ترابك مبعّد
أيّام يلهمني الحياة بروحها=ونعيمها ليصاغ عمر ينشد
صرت الشريد بكلّ أرض لم يعد=لي موطن فيها وغاب المنجد
لكنّني ورؤاك تملأ أعيني=ستظلّ تؤنسني الجراح وتسعد
وأعود يوماً للعراق وطهره=ويلمّنا في الغاضرية موعد