بهديك الحقُ أمست تهتدي الأمم = وعاد ينشد في أفيائها الكرم
والكون يُزهرُ والأيام باسمة = منه أازدهى العلمُ والأخلاق والشيم
وهشت الأرض إشراقا بطلعته = حتى غدت نشوةً ترنو له القِمم
محمدٌ أحمدُ جاءت بشائرُه = أنوارَ صدقٍ على الأيام تبتسم
تدفق الخير يسمو في ركائبه = فعمتِ الناسَ من خيراته النِعَم
جاء السلام بتوحيد لأمته = أمسى الجميع بهدي الله يحتكم
وصارت العروةُ الوثقى لهم هدفا = وكعبةُ الجمعِ فيها تنتشي القيم
ما طفت يوما بها إلا رأيت سنا = يُهدي إلى الله نفسا ما بها سأم
لبيتُ فيها من الأعماق منتشياً = فراح بالذكر من يسمو به القسم
شَعرت بالراحة الكبرى على ألقٍ = يوم الطوافِ وكل الناس تزدحم
ما مر يومٌ بذكرٍ لبنَ أمنةٍَ = إلا ازدهت حوليّ الأنسام والنغمُ
وسطر الشعر مدحاً كل واردةٍ = من الجمال مع الإجلال يرتسم
كم ليلةٍ عشتها في روضة سعُدتْ = روحي فزال الضنى والهم والسقم
تُداعب ألنفسُ فيها حلم أمنيةٍ = لصاحب الحوض يُرجى فيه مُغْتَنَمُ
أمسي وأصبحُ في ذكراه منتشيا = من خلقه عادت الأخلاق تلتئم
من قال إنيّ حقا ما عشقت هوىً = عشقت طيبة فيها تلتقي القيم
سُرَ الزمان بيوم للبشير أتى = من نوره الكون قد ضاءت به الظُّلَمُ
جاء البيانُ بقول المصطفى حَِكَمًا = أضحى بحكمةِ طه يزدهي القلم
يا سيدي يا أبا الزهراء معذرةً! = مازال قومك بالأحزاب يرتطم!
غدا الجهاد بأقوامٍ وفي نفرٍ = حال المريض الذي أودى به السقم
هذا يؤدلج بالفتوى فينشرها = وذاك بالقتلِ لا يخشى ويغتنم
وجانبوا الهَدْيّ والأحكامَ في زمنٍ = بكل ما دبجوا الأضغان تنتقم
مالي أرى الدين قد أمست محافله = تلهو به البوق أشتاتا وتقتسم
هذا يفرق ذاك النار يشعلها = حتى غدا الكلُ بالإرهاب يتهم
والغرب في وثبةٍ قد راح منطلقا = للعلم ترنو إلى أمجاده الأمم
ونحن في الخلف ما زلنا نراوحه = بالأمس كنا ونحن اليوم ننهزم
تضخم الذات ما زالت ترافقنا = وعن دروب العلا آذاننا صمم
تعددت سبلٌ هوجاء ناحية = حتى غدت سُورُ الإيمانِ تُخترم
فصحوة الحقِ ما زالت تؤرقنا = ووقعة الذلِ في أعرافنا حِكمُ
صهيون يجثم في أنحاء أمتنا = جنوب لبنانَ من حقد يسيل دمُ
(كَنِيِسَةُ الظلمِ تلهو في تعسفِها = وبيت مائيرِ لا ترعى به ذُممُ
ما زالت القدسُ تشكو من معذِبها = والعرب جامعةٌ في الوصلِ تختصم
وقد غدا المسجدُ الأقصى بنائبةٍ = في كلِ يومٍ له الأشرار تَقتَحِم
أشرق فَنًيرُ الظلم يغمرنا = فأمةُ اليومِ لا عزمٌ ولا هِمَمُ
يا ربِ زدني هياماً في محبته= واجعلْ خِتامًا لنا بالحبلِ نعتصمُ
حيث الرجاءُ بآلِ المصطفى أملٌ= فجدُهم خيرَ من تسعى له قَدمُ