نفَسي أنا في الحُبِّ جِدُّ طويلُ = لا اللومُ يُثنيني ولا التعذيلُ
أهواكَ أهوى تربةً تمشي بها = هي كُحلةٌ ونعالُ رجلِكَ ميلُ
صلّت بمحرابِ الفؤاد مشاعري = فالقلبُ من قُدسِ الهوى مأهول
ووراءها تأتمُّ كلُّ جوارحي = ودعاؤها سِرُّ الولاءِ يطول
تكبيرُها: خيرُ الأنامِ محمدٌ = وسلامُها: بوحُ الغرامِ هديل
فرضٌ هواكَ وليس في فرضِ الهوى = سهوٌ، ولا شكٌ، ولا تخييل
أهواك يا من زانت الدُنيا بمق = دمِك الذي قد زفّهُ التهليل
(فمحمدٌ) ماءُ الحياةِ بهِ ارتوى = قلبي، فعمري بالنميرِ خضيل
ما دمتَ في قلبي فأبوابُ الجنا = ن مفتَّحاتٌ والمسارُ جميل
حتى عذابُ هواك عذبٌ إنهُ = بعذابِ حبِّ إلهنا موصول
يا أنت، يا من عانقتك الحورُ في ال = جناتِ والدنيا حوتك بتول
خُذ من عيوني رمشها واعزف به = لحناً بهِ دمعُ الغرامِ يسيل
حَلُمَ الكمالُ بأن يرى شبهاً له = حتى رآك يحفُك التبجيل
نادى لأنت أنا إذاً، أما أنا = فاسمٌ إليك، فما إليك مثيل
ما كان إلا الله أكبرُ منك ح= تى الكون دونك بان وهو ضئيل
كل الذي في الكون رهن إشارة = من كفك الأسمى غداةَ تقول
تمشي يظللك الغمامُ برأفةٍ = حَذَراً، فلا يسهو، ولات يميل
والبدرُ من لفتاتِ عينك يرتمي = نصفين منشقًّا إليك يقول:
العرش عرشُك ترتقيه وها أنا = نعلٌ وهذي أنجمي إكليل
يا آيةَ المجدِ التي تُليت على = أذنِ الهدى وسما لها الترتيل
يا عِمَّةَ السلمِ التي جادت فأع = شبَ دوحُ عدلٍ والأمانُ جزيل
مَن قال إرهابٌ رسالتك التي = رفعت أساسَ الحُبَّ فهو جهولُ
ما كان طبعُ الأنبياءِ قساوةً = أنى وأنت محمدُ المرسول
قلبٌ بحجمِ الكونِ فيك مودعٌ = بالعطفِ أنشأهُ إليك جليل
الأنبيا من فيضِ نورِكَ صُوروا = فلأنتَ قرآنٌ لهم ودليل
فلأنت نوحٌ، آدمٌ، موسى، وإب = راهيمُ، اسحاقٌ، واسماعيل
قد جئت بالقرآنِ دستوراً سما = طُويت به التوارةُ والأنجيل
لو كان فينا قائماً ومطبقاً = ما كان يحكمُ في البريةِ غول
نهجٌ عظيمٌ قد خلا من ثغرةٍ = لا ظلمُ، لا جورٌ، ولا تهويل
قد جئتَ والدُنيا ظلامٌ حالكٌ = فأنرتها يا أيُها القنديل
عبّدتَ درباً شائكاً تمشي وين = بُتُ إثرَ خطوك سوسنٌ ونخيل
وشهرت سيفَ العدلِ في وجهِ العدى = والظلمُ ولّى عنك وهو ذليل
وكشفتَ وجهَك صوبَ ليلٍ أليلٍ = فبدا بهِ صبحٌ أغرّ جميل
ونثرت أزهارَ السلامِ وللأسى = رُميت عليكَ حجارةٌ سجيل
وتصرُّ تدعوهم إلى برِّ الهدى =حتى يرقَّ لحالكم جبريل
وحَلُمتَ أن تلقى الكمالَ بأمةٍ = يدعو لها بالحفظِ ميكائيل
لكن بعضَ الحُلمِ يفسدُهُ انتباهةُ = من يراهُ، وبعضهُ التأويل
قد هُدّ ما قوّمتَ يا خيرَ الورى = عُدنا وعاد الجورُ والتقتيل
بُهضت سواعدُنا بحملِ سيوفنا = نسيتْ هنا فنَّ الصهيلِ خيول!
سُدنا وكنا الماءَ قِدماً للملا = واليومَ سادَ بحقدِهِ البترول
يا سيدي، خُذنا إلى دُنياً بها = تتحققُ الأحلامُ والمأمول
خُذنا لنعرفَ كيف نألفُ بعضَنا = وهداكَ دون عذابنا سيحول
خذني أقصَّ روايتي ومشاعري = إنّ الغرامَ مشاهدٌ وفصول