آهُ يا ليلٌ يمُجُّ القلبَ فيه ألمُ=و تُهيجُ النفسَ بالأحزانِ فيهِ حِمَمُ
غيرَ أنَّ الحُزنَ مازالَ ندياً عنده=فغَداً بحرُ البَلا عند الضحى يلتطمُ
لم يحُنْ بعدُ نياحٌ في الخِبا من ظمأٍ=و العِدى حولَ بناتِ الوحيِ لم يزدحموا
هذه الليلةُ ترجو زينبٌ في ألمٍ=لو يطولُ الليلُ و الإصباحُ لا يقتحِمُ
و هنا العباسُ و الغيرةُ تعلو بأسَهُ=أوَهَلْ يغفو؟ معاذَ الله أينَ الشِّيَمُ؟
بطلٌ تشهدُ أرضُ الحربِ فيها أنّهُ=يجعلُ القومَ رِقاعاً و قناهُ القلَمُ
فإذا اختالَ العِدى بالنّقْعِ في أرضِ الوغى=جعلَ النّقعَ على أشلائِهمْ يرتَكِمُ
و لهُ يومٌ كيومِ الحشرِ بالطفِّ غدا=يُزهِقُ الأرواحَ و السيفُ عليهمْ يحطِمُ
رابطُ الجأشِ عظيمُ البأسِ خوّاضُ الوغى=مالكُ الهيجاءِ, لا يُثنيهِ مَنْ يحتَدِمُ
سيفُهُ ما كانَ قبلَ الحربِ مشحوذاً لها=فبِها الهاماتُ أوْفَتْ شحذُهُ لو علموا
زلزلَ الهيجاءَ صولاً فلَظَتْ لمّا مضى=كسعيرِ النارِ في أشلائهمْ تلتَهِمُ
سابحٌ في لُجَجِ البِيضِ كنوحٍ وهوَ في=هوْلةِ الطوفانِ و الماءُ به يلتطِمُ
هو مِنْ طوفانِ نوحٍ في ميادينِ الوغى=يجعلُ القومَ هشيماً حيثُ لا مُعتَصَمُ
و شَبَا صارمهُ يلقفُ أرواحُ العدى=مثلما "موسى" عصاهُ التقفتْ ما زعِموا
بِأبي مَنْ هدَّهُ خطبُ النِّسا لمّا ثوَتْ=تحتَ حرِّ الشمسِ و الدمعُ جوىً ينسَجِمُ
طفِقتْ تجهشُ مِنْ حرِّ الظما في نفَسٍ=مِنهُ تعلو زفرةٌ فيها العَنَا و الألَمُ
و رَنَتْ نحوَ اللّوا تطلبُ حمّالَ اللّوا=إذْ هوَ الكافِلُ و الحامي لهمْ و الحرَمُ
فبدا كالطودِ بين القومِ بالنهرِ و قد=مُلئَ النهرُ حُشوداً و عليهِ احتدموا
فأزالَ القومَ غيظاً و لواهُمْ حنقاً=لكن القومَ استشفّوا و عليه انقسموا
و أطاحُوهُ فضيخَ الرأسِ هامٍ دمُّهُ=فغدا كالبدرِ بالماءِ بدا ينهشِمُ