وقال مستنهضا الامام الحجة المنتظر عليه السلام(463)
الحماسة
يا غمرة مَن لنا بمعَبرِه=مواردُ الموت دون مصدرِها
يطفحُ موجُ البلا الخطير به=فيغرقُ العقل في تصوّرها
وشدّةً عندها انتهت عظمَ=شدائد الدهر مَعْ تكثرها
ضاقت ولم يأتها مُفرِّجه=فجاشت النفسُ في تحيّرها
الانَ رجسُ الضلالة استغرق=الارض فضجَّت إلى مطهّرها
وملة اللّه غُيّرت فغدت=تصرخ للّه من مُغيِّرها
مَن مخبري والنفوس عاتبةٌ=ماذا يؤدّي لسانُ مخبرها؟
لِمْ صاحب الامر عن رعيته=أغضى فغصَّت بجور أكفرها؟
ما عذرُه نصب عينه اُخِذتْ=شيعتهُ وهو بين أظهرها
يا غيرة اللّه لا قرارَ على=ركوب فحشائها ومنكرها
سيفك والضرب إن شيعتكم=قد بلغ السيفُ حزَّ منحرها
مات الهدى سيدي فقم وأمِت=شمسَ ضحاها بليل عثيرها
واترك منايا العدى بأنفسهم=تكثر في الروع من تعّثرِها
لم يُشف من هذه الصدور سوى=كسركَ صدر القنا بمُوغرها
وهذه الصحف محو سيفك لل=عمار منهم أمحي لاسطرها
فالنطف اليوم تشتكي وهي في=الارحام منها إلى مصورِّها
فاللّه يا ابن النبيِّ في فئةٍ=ما ذخرت غيركم لمحشرها
ماذا لاعدائها تقول اذ=لم تنجها اليوم من مدمّرها
أشُقة البعد دونك اعترضت=أم حُجبت عنك عينُ مبصرها؟
فهاكَ قلِّب قلوبنا ترَه=تفطَّرت فيك من تنظّرها
كم سهرت أعينٌ وليس سوى=انتظارها غوثكم بمُسهرها
أين الحفيظ العليم للفئة ال=مضاعة الحق عند أفجرها
تغضى وأنت الابُ الرحيم له=ما هكذا الظن يا ابن أطهرها
إن لم تغثها لجُرم أكبره=فارحم لها ضعف جرم أصغرها
كيف رقابٌ من الجحيم بكم=حررَّها اللّه في تبصُّرها
ترضى بأن تسترقها عُصبٌ=لم تلهُ عن نايها ومزمرها
إن ترض يا صاحب الزمان به=ودام للقوم فعلُ منكرها
ماتت شعارُ الايمان واندفنت=ما بين خمر العدى وميسرها
أبعِد بها خطةً تُراد به=لا قرِّب اللّهُ دار مؤثرها
الموت خيرٌ من الحياة به=لو تملك النفس من تخُيرها
ما غرَّ أعداءنا بربهم=وهو مليٌ بقصم أظهرها
مهلا فللّهِ في برَّيته=عوائدٌ جلَّ قدرُ أيسرها
فدعوة الناس إن تكن حُجبت=لانها ساء فعلُ أكثرها
فرُبَّ حرَّى حشىً لواحده=شكت إلى اللّه في تضورِّها
توشك أنفاسها وقد صعدت=أن تحرقَ القوم في تعُّرها