لي حزن يعقوب لا ينفك ذا لهب - في رثاء الحسين عليه السلام
العلويات
لي حزن يعقوب لا ينفك ذا لهب=لصرع نصب عيني لا الدم الكذب
وغلمة من بني عدنان أرسلها=للجد والدها في الحرب لا اللعب
ومعشر راودتهم عن نفوسهم=بيض الضبا غير بيض الخرّد العرب
فانعموا بنفوس لا عديل لها=حتى لسيلت على الخرصان والقضب
فانظر لاجسادهم قد قدَّ من قبل=اعضاؤها لا الى القمصان والاهب(23)
كل رأى ضرَّ ايوب فما ركضت=رجل له غير حوض الكوثر العذب
قامت لهم رحمة الباري تمرضهم=جرحى فلم تدعهم للحلف والغضب
وآنسين من الهيجاء نار وغى=في جانب الطف ترمي الشهب بالشهب
فيمموها وفي الايمان بيض ضباً=وما لهم غير نصر اللّه من ارب
تهش فيها على اساد معركة=هش الكليم على الاغنام للعشب(24)
اذا انتضوها بجمع من عدوهم=فالهام ساجدة منها على الترب
ومولجين نهار المشرفيةفي=ليل العجاجة يوم الروع والرهب
ورازقي الطير ما شاءت قواضبهم=من كل شلو من الاعداء مقتضب
ومبتلين بنهر ما لوارده=من الشهادة غير البعد والحجب
فلن تُبُلْ ولا في غرفة ابداً=منه غليل فؤاد بالظما عطب
حتى قضوا فغدا كل بمصرعه=سكينة وسط تابوت من الكثب
فليبك (طالوت) حزناً للبقية من=قد نال (داود) فيه أعظم الغلب
أضحى وكانت له الاملاك حاملة=مقيداً فوق مهزول بلا قتب
يرنوا الى الناشرات الدمع طاوية=أضلاعهن على جمر من النوب
و (العاديات) من الفسطاط ضابحة=و (الموريات) زناد الحزن في لهب
و (المرسلات) من الاجفان عبرتها=و (النازعات) بروداً في يد السلب
و (الذاريات) ترابا فوق أرؤسها=حزناً لكل صريع بالعرا ترب
ورب مرضعة منهن قد نظرت=رضيعها فاحص الرجلين في الترب
تشوط عنه وتأتيه مكابدة=من حاله وظماها أعظم الكرب
فقل (بهاجر) (اسماعيل) احزنها=متى تشط عنه من حرّ الظما تؤب
وما حكتها ولا (ام الكليم) أسى=غداة في اليمّ القته من الطلب
هذي اليها ابنها قد عاد مرتضعاً=وهذه في سقي بالبارد العذب
فأين هاتان ممن قد قضى عطشاً=رضيعها ونأى عنها ولم يؤب
بل آب مذ آب مقتولا ومنتهلا=من نحره بدم كالغيث منسكب
شاركنها بعموم الجنس وانفردت=عنهن فيما يخص النوع من نسب
كانت ترجى عزاءاً فيه بعد أب=له فلم تحظ بابن لا ولا بأب
فاصبحت بنهار لا ذكاء له=وباتت الليل في جو بلا شهب
وصبية من بني الزهرا مربقة=بالحبل بين بني حمالة الحطب
كأن كل فؤاد من عدوهم=صخر بن حرب غدا يفريه بالحرب
ليت الالى اطعموا المسكين قوتهم=وتالبيه وهم في غاية السغب
حتى أتى (هل أتى) في مدح فضلهم=من الاله لهم في أشرف الكتب
يرون بالطف ايتاماً لهم اسرت=يستصرخون من الاباء كل ابى
وأرؤس سائرات بالرماح رمى=مسيرها علماء النجم بالعطب
ترى نجوماً لدى الافاق سائرة=غير التي عهدت بالسبعة الشهب
كواكب في سما الهيجاء ثابتة=سارت ولكن باطراف القنا السلب
لم أدر والسمر مذناءت بها اضطربت=من شدة الخوف أم من شدة الطرب
لاغرو ان هزها تيه غداة غدت=مشارقاً لبدور العز والحسب
وان ترع فلما وشكاً له نظرت=من حطها بصدور القوم واللبب(25)
وكيف لم تضطرب والحاملون لها=لم يبق منها فؤاد غير مضطرب
لعظم ما شاهدوا يوم الطفوف فهم=يرونه في بعيد العهد عن كثب
بعداً لقوم أبادوا خصب ربعهم=فاصبحوا بعدهم في مربع جدب
والقاتلين لسادات لهم حسداً=على علا الشرف الوضاح والحسب
والفضل آفة أهليه ويوسف في=غيابة الجبّ لولا الفضل لم يغب
وصفوة اللّه لم يسجد له حسداً=ابليس لما رأى من أشرف الرتب
وحسن نصر بن حجاج نفاه وفي=سواه طيبة منها العيش لم يطب
يا سادتي يا بني الهادي ومن لهم=بثي وحزني اذا ما ضاق دهري بي
ندبتكم فاجيبوني فلست أرى=سواكم مستجيباً صوت منتدب
فانتم كاشفوا البلوى وعندكم=صدق الاماني فلم تكذب ولم تخب
ألستم جعل الباري بيمنكم=رزق الخلائق من عجم ومن عرب
بل انتم سبب بالعرش متصل=لكل ذي سبب أو غير ذي سبب