ألف بيت في وليد البيت (5)
ديوان ألف بيت في وليد البيت (ع) - عادل الكاظمي
فانقاد مُستغفراً لله مُرتجي=لتوبةٍ جهلُهُ فيها يُنافيها
إذ جدَّدَ الذنبَ في مجنونةٍ فجرت=رجماً بغيبٍ حدود الرّجمِ يلقيها
وكانت السنةُ السّمحاءُ مُجريَةً=حُكْمَ البراءَةِ لكن من يُباليها؟
وآيةُ الصيف إذ وافت مُبيّنةً=إرْثِ الكلالةِ إحكاماً لتُقضيها
فكم تمنّى أبو حفصٍ يَلُمُّ به=عِلْماً فكلّ وما أوعى مَعانيها
قالوا: أبو حفصَ يُغني المصطفى حِكَم=إنْ فاتَهُ الوحيُ فالفاروقُ يوحيها
(كم استراكَ رسولُ اللهِ مُغتَبِط=بحكمةٍ لكَ عند الرأي يُلفيها)
(فأنتَ في زمنِ المختارِ مُنجدُه=وأنتَ في زمن الصدّيقِ مُنجيها)
ما بالُ من ولعوا بالرّاح قد بَرَعوا ال=فاروقَ والخمرُ للآراءِ يُنئيها؟
(بات النبيُّ مسجّىً في حضيرتِهِ=وأنتَ مُستعرُ الأحشاءِ داميها)
(تهيمُ بين عَجيج الناس في دَهَشٍِ=من نَبْأَةٍ قد سرى في الأرضِ ساريها)
(تصيحُ من قال نفسُ المصطفى قُبضت=علوتُ هامتَهُ بالسيفِ أبريها)
ظنّاً بمولاكَ في خُمٍّ سيعقده=ويتركُ النكبةَ الكبرى بهاديها
وهاتكاً حرمةَ الهادي فجثَّتُهُ=تشكو الهوانَ فلا قبرٌ يواريها
والناسُ من بعدِهِ بالحكمِ قد شُغِلو=وسُنّةُ الله بالأمواتِ توصيها
فكيف والمَيْتُ خيرُ الخلقِ وا أسف=على نفوسٍ أماتت حقَّ مُحييها
هذا هو الغيُّ في عينٍ وفي أثرٍ=لكنّ للفتنةِ العظمى دواعيها
وقلتَ: (من قال نفسُ المصطفى قُبضتْ)=فإنّ أوداجَهُ بالسيف أفريها
حتى إذا جاء من ترجو زِعامتَهُ=ثَمَّ ادّكرتَ من الآياتِ خافيها
(وأنّهُ واردٌ لا بدَّ موردَهُ=من المنيةِ لا يُعفيهِ ساقيها)
فقلْ لمن عدَّ هذا القولَ مكرمةً=للمكرماتِ بسهم الإفْكِ ترميها
سائلْ أبا حفصَ هل كانت مقولتُهُ=وفقَ الشريعةِ أم حكماً تُنافيها؟
ما ذنبُ من أُثكلوا بالمصطفى وشَكَو=هولَ المصابِ أ بالتّرهيبِ تُسليها؟
هبْهُمْ كما أنتَ إذ خولِطْتَ مُختَبِط=فلا تكن دونهم صبراً فتُشقيها
وأنت فاروقُها المذخورُ لو عَدَلَتْ=عن السبيل جزاك الله تَهديها
(فمن يُباري أبا حفصٍ وسيرتَهُ=أو من يُحاولُ للفاروق تشبيها)
(إنّ الذي بَرَأَ الفاروقَ نزَّهَهُ=عن النواقصِ والأغراضِ تنزيها)
(وقولةٌ لعليٍّ قالها عمرٌ)=ما قال في عمرهِ قولاً يُضاهيها
لولا عليٌّ لأمسى هالكاً عمرٌ=أكرمْ بها قولةً تُزري بمُلقيها
فهي النّقيصةُ إذ بالعلمِ لو عَلِمَتْ =تسمو الخلافةُ إنَّ الجهلَ يُزريها
عاش النبيُّ سنيناً غيرَ كافيةٍ=إلا لإنذارِ قومٍ جاء يُنْجيها
لابدَّ من بعدِهِ هادٍ يبيِّنُ م=تطوي الشريعةُ من أسرار طاميها
والأنبياءُ جميعاً خلَّفوا حَكَم=يرعى الرّعية إنْ تاهت يُدلّيها
موضّحاً غامضاً فيما استجدَّ لهم=من الأمورِ وأحكاماً يُبدّيها
والله أعلم من أدرى بشِرعتِهِ=فمن سوى حيدرٍ من بعد هاديها؟
والمرءُ بالعلم لا ضرباً بدِرَّتِهِ=قواعدَ العدل والأخلاق يُرسيها
يا صاحِ لو شئتُ أنْ أنبيكَ عن فِتَنٍ=كادت على الدين أنْ تقضي دواهيها
جهلاً أبو حفصَ بالفُتيا يؤجّجه=لقلتُ ما قلتُ لكنْ كيف أحصيها؟
من لي بقومٍ بظلِّ الحقِّ إنْ دُعِيَت=لنُصرةِ الوحدةِ الكبرى تلبّيها
لا ترهبُ السيفَ لا يوهي عزائمَه=ألجهرُ بالحقِّ أو يُثني تفانيها
تجدّدُ العهدَ في إرساءِ معتقدٍ=فليس ما ينهج الآباءُ يُجديها
ما كلُّ من يقتفي إثْراً يفوز وم=كلُّ المناهجِ تُنْجي مُستميحيها
ما لم يكن هادياً فيها يُبيّنُه=أيّ النجوم لنَيْلِ القصدِ تَهديها
قالت هو العدلُ والفاروقُ سيرتُهُ=في زحمةِ الليل لا تَخفى دراريها
أقول لا عن هوى واللهُ سائلُن=في يومَ لا شيءَ الا الحقُّ يُنجيها
ولستُ واللهِ من داعٍ الى فتنٍ=وإنّما قربةً لله أبغيها
هلا من العدل أنْ تلقي بقولتِه=من غير بيّنةٍ يُغنيكَ وافيها؟
فليس تُجدي أحاديثٌ ملفّقةٌ=من غير ما سندٍ للناسِ ترويها
ولا حُفالةُ أخبارٍ مهرَّأةً=فيها السياسةُ قد مَدَّتْ أياديها
فسخرَّتْ كلَّ كذّابٍ وذي إحَنٍ=لغُلَّةِ النفس مَوْتوراً يروّيها
إني لألعنُ قوماً حيث أذكرُه=وكيف شوَّهَت الإسلامَ تَشْويها
تفيض بالكفرِ حيناً ثمّ آونةً=لذاتِ أحمدَ بالأدرانِ ترميها
وصرَّفتَها أحابيلاً مُنَشَّرَةً=علَّ النفوسَ من الأضغانِ تُشفيها
سلْ شاعرَ النيلِ عن تلك التي نذرت=(أنشودةً لرسول الله تُهديها)
(قالت: نذرتُ لإنْ عاد النبيُّ لن=في غزوةٍ لعلى دُفّي أغنّيها)
هل كان في نَذْرْها أجرٌ ومَحْمَدةٌ=أم نذرُها باطلٌ بالله فافتيها؟
وأحمدٌ يسمع الألحانَ منتشي=مع الشياطين تُشجيهِ أغانيها!!!
حتى أتاها أبو حفصٍ ففرَّقَه=(إنّ الشياطين تخشى بأسَ مُخزيها)
ولا تهابُ رسولَ الله؟ وا عَجَب=من تُرَّهاتٍ حكت عن جهلِ راويها
وغيرُها من مخاريقٍ ينوءُ به=ثَهْلانُ إذْ لم يُطِقْ حَمْلاً مَساويها
باسمِ الشريعةِ قد خَطَّتْ مهازِلُه=صحائفاً لم تجد غيَّاً يُضاهيها
فأذهبت كلَّ ما في الدين من قِيَمٍ=وقوّضتْ صَرْحَهُ السامي بأيديها
مهلاً أخا الشعرِ لا ألفاكَ ممتدح=الا ذممتَ وإنْ أطربتَ ناديها
ولو نظرتَ بعينِ القلبِ لانكشفتْ=لكَ الحقيقةُ رأيَ العينِ مَرئيها
لكنّما الداءُ لم يبقِ سوى شبحٍ=تسري به الريحُ أنّى سار ساريها
ويا أخا الشعرِ ما شيّدتَ منقبةً=إلا على الإفْكِ قد شيدَتْ مبانيها
مخاطباً مُبْدِعَ الشّورى ومبطلَه=(وللمنيّةِ آلامٌ تُعانيها)
(لم أنسَ أمرَكَ للمقدادِ يحملُهُ=إلى الجماعةِ إنذاراً وتنبيها)
(إنْ ظلَّ بعد ثلاثٍ رأْيُها شُعَب=فجرِّد السيفَ واضربْ في هَواديها)
(وما استبدَّ برأْيٍ في حكومتِهِ=إنَّ الحكومةَ تُغري مستبدّيها)
هل كان حكمُ أبي حفصٍ بقتلِهِمُ=حُكْمَ الشريعةِ والفاروقُ قاضيها؟
أم أنّهُ بدعةٌ من صُنْعِ مُبتدِعٍ=فهي َالضلالةُ في أخزى مَجاليها
وكيف لا؟ وهمُ من قبلُ بشَّرَهم= كما تقولون بالجنّاتِ هاديها
أم أنَّ شرعتَكَ الفاروقُ جاء به=ولا تُبشِّرُ جَمْعاً من حَواريها
هَبْ صار (بعد ثلاثٍ رأْيُها شُعَباً)=وللجماعة سيفُ العدلِ يُرديها
فمن لأمةِ طه بعد مقتلِهِم؟=هلا دعيُّ أبي سفيانَ يحميها؟
أم يُتركُ الأمرُ للأهواءِ؟ يجمعُه=مَحْقُ الرسالةِ ما شاءت أعاديها
فاعجبْ لجرأَةِ نفسٍ لا خَلاقَ له=ماذا تقولُ غداً لله باريها؟
إذ خلَّفتْ بعدها الإسلامَ مُرتَهَن=في كفِّ طَخْياءَ لم تُكشَفْ دياجيها
وكم تمنّى أبو الشورى وحارسُه=في ساعَةِ النَّزْعِ أحباباً يُحابيها
لو كان سالمُ حيّاً أو مُعاذُ لم=تجاوَزَتْهُمْ إلى قومٍ تُرجّيها
أو كان جرّاحُها حيّاً لما وُهِبَتْ=لمن سواهُ ولكنْ ماتَ حاميها
سائلْ أبا حفصَ حين القوم قد جُمِعو=تحتَ السقيفةِ إذ داعاكَ هاذيها
لِمَ احتججتَ على الأنصارِ مُدّعي=أن الخلافةَ للقُربى ستُعطيها؟
وأقربُ الناسِ من طه عشيرتُهُ=وذا أبو بكر في إحدى أواخيها
فهل لسالمَ مولى القومِ من نسبٍ=الى قريشٍ ليغدو سيّداً فيها؟
وهل مُعاذُ سما الأنصارَ في شرفٍ=في حَلْبَةِ السّبْقِ إنْ عُدَّتْ مَساعيها؟
وهل لكلِّ الورى فضلٌ وسابقةٌ=كما لهاشمَ لولا أنْ تُعاديها؟
وأنت تعرفُ أنَّ المرتضى كُفُؤٌ=وهو الخليقُ لها لو كنتَ مُعطيها
أرادهُ اللهُ لكنْ قومُهُ نكرو=وأنت هيهاتَ للأقوامِ تَعصيها
وحسبُ هاشمَ ما نالتْ وما ظفرتْ=منها النبيُّ وهذا الفخرُ يكفيها
وطالما كنتَ تخشى أنْ تؤمِّرَهُمْ=على البلادِ فربَّ الملكُ يُغريها!!!
لم ترضَ أخذَكَ حقاً كان دونَهُمُ=حتى وضعتَ كُبولاً في أياديها
فابعثْ سواهم ولكنْ كلّ مؤتَمَنٍ=لشرعةِ اللهِ بالإيثارِ يُحييها
وما ابتعثَ لهذا الفرضِ ذا ثقةٍ=بين الأنام فروض العدلِ يُفشيها
إلا وعاد بكفٍّ لا يطهّره=قطعُ الأناملِ أنْ لو كنتَ مُجزيها
(ولم تُقِلْ عاملاً منها وقد كثرت=أموالُهُ وفشا في الأرضِ فاشيها)
إلا معاويةً حاشا لحضرتِهِ=يوماً لحرمةِ مالِ الله يُسْبيها
وسِتَّةٌ لم تفاضلْ بينهم شَرَعٌ=كلٌّ ك(فارسِ عدنانٍ وحاميها)
علماً وديناً وأخلاقاً وسابقةً=لا الظلمُ يعرفُها لا الحكمُ يُغويها