إنْ تبكِ الحسينَ
سنة 2017
هذا المُحرَّمُ قد أتى بمُصابِهِ = يَرثي الشَّهادةَ منبرًا خَلّابا
راياتُ منبَرهِ السَّوادُ على الهدَى = تَبكي الحسينَ وترفعُ الأَقتابا
وخَطيبُها يومَ الطُّفوفِ مُفَوَّهٌ = بِحزينِ لَفظٍ قَد أمَضَّ لُبابا
فَهَلمَّ مجلسَه الحزينَ بِعَبرةٍ = حَرّى وشارِكْ صِبيَةً وشَبابا
هذي المَجالسُ قد أَحبَّ قيامَها = آلُ النّبيِّ وأكَّدوا استِحبابا
نَدَبُوا إلى نَشْدِ المُصابِ مَعَ الشَّجَى = فالدَّمعُ يَجلو صَبوةً وعِتابا
إِنْ هَلَّ دَمعٌ في الحسينِ رأيتَهُ = في القلبِ يُرخى صَرخةً وجوابا
فاذرِف دموعكَ واثِقًا في نهرِهِ = سقيَ الهدايةِ للفُؤادِ أصابا
إنْ تَبكِهِ تلْقَ الحَياةَ نشيدَهُ = تَصفو الرُّؤى؛ كانَ "الحسينُ" كتابا
تَستَجْلِ مِنْ سَيلِ الدّماءِ منارةً = أَفضَتْ فأبدتْ دقّةً وصَوابا
تَستَجلِ مِنْ يومِ الطّفوفِ حقائِقًا = أَحداثُها عِبرًا أَرَتْ ومثَابا
إنَّ الحُسينَ بِخطِّهِ نَظَمَ الرُّؤَى = وبِنهجِه خطُّ الدِّماءِ نِصابا
لكنَّها عِبرٌ وعَبْرةُ شَجوِها = قَطعَتْ نِياطًا مزَّقَتْ أَلبابا
لا يومَ مثلَ مُصابِه بينَ العِدى = فردًا وزُمرةَ أهلِهِ أقطابا
سبعونَ قدسًا أَتقنوا سُبلَ السُّرى = كلٌّ يُشيرُ إلى العُقولِ خِطابا
كَتبوا بخطِّ السَّيفِ نهجَ صراطِها = خَطَّ النّجاةِ وبالنَّجيعِ مُذابا
تلك الشُّموسُ بريقُها نَهجُ الخُطا = والطِّفلُ منهِم سيّدٌ قدْ ثابا
حتّى الرّضيعُ تَماثَلتْ فيه الرُّؤى = عَجَبًا يُوجِّه نحرُهُ الأَطنابا !
تلكَ الخِيامُ مِنَ الطُّفوفِ تَصوَّرَتْ = في زينبٍ خِدرًا غَدا هيّابا
قَدْ دوَّنَ التّلُّ الحزينُ حُروفَها = وجَرى شِعارًا نابضًا وثّابا
والماءُ والنّهرُ المنكِّسُ رأسَهُ = حُزنًا خَجولاً؛ فالحسينُ أَجابا !
قُتلَ الحسينُ على الفراتِ مُعطَّشًا = كَي يقرأَ التَّأريخُ مِنهُ خِطابا
مثلُ الحسينِ تخاذلَتْ في حربِهِ = تلكَ الجُيوشُ وسيَّدوا الأَذنابا ؟!
خِدرُ النَّبيِّ على الهَوازلِ سَيرُها = تُسبى ألا في المُنصفينَ صَوابا ؟!
وكزينبٍ بنتِ الكرامةِ والحِجا = في مجلسِ الأَرجاسٍ تخشىْ نهابا ؟!
كلُّ المصائبِ والرَّزايا وَحيُها: = كانَ الحسينُ بِحربِهِ مِحرابا
فاذرِفْ دموعَكَ في صَبابةِ رُزئِهم = مِنْ كربلاءَ تمكَّنَتْ إِعرابا
تُنبيكَ أنَّ دُموعَها نهرُ الدِّما = يَسقِي العُطاشَ بِنورِهِ وهَّابا
وهِي السَّفينُ بِسبْقِها نَحو النَّجا = لِتَشقَّ لُجًّا عارمًا خبّابا
فاندبْ "حُسينًا" و الدُّموعُ سَبيلُها = جَليُ الهُمومِ؛ فَهَلْهِلَنَّ صِبابا !
واجعلْ رِداءكَ مأتمَ السِّبطِ الَّذي = مِنْ فكرِهِ تَلقَى الصَّفاءَ نِصابا
مِنْ رايةِ السّبطِ الشَّهيدِ تَناثَرَتْ = دُرَرُ الشَّجى وتَمثَّلَتْهُ حِجابا
فاصدحْ بحزنٍ باكيًا مُتأوِّهًا = يومَ الحسينِ، وسابِقِ الأَعتابا
سَتراهُ في يومِ القيامِ مَحافِلاً = يَجزي الدُّموعَ وجَريَهُنَّ ثوابا
يا ربِّ إِنّي بالحسينِ مُوجِّهٌ = ذَنبي وإنّي قدْ نوَيتُ مآبا
فاغفرْ ذُنوبي بالحسينِ وآلِهِ = واغسلْ بدمعيَ جُرمَها اللَّهّابا
واجعل نَشيجي في الحُسينِ مُسلِّمًا = واجعلْ نَشيدي في الحسينِ جَوابا