تجلياتٌ على مشارفِ كربلاءَ
سنة 2015
أَرْخِ رِكَابَك قد دَعَا بِيَ هَاتفُ =واقصدْ بِمَشْيِكَ إِنّنِي مُتَخَوِّفُ
قَلِقٌ تُقلِبُني لَيالٍ قدْ خَلَت =ونوازِلٌ مِنْ هَولِها لا تُوصَفُ
وتَكادُ مِن فَرْطِ الجَوى فِي خَافِقي=رُوحِي تُفَارِقُني وصَدْريَ يَنْزِفُ
دَعْنِي على بُعْدٍ أشّمُ ترابَهُ=وعلى مَشَارِفِ كَرْبَلا أَتَوَقَّفُ
إِنّي لَأخَشْى أَنْ يَرَانِيَ شَاخِصًا=بَصَرِي فَلَا أُدْعَى وَلا أتَشَرَّفُ
وَأودُّ أَنْ أمْضِي إليهِ مُنَكِّسًا=رَأْسِي وَأطْيارُ الحَياءِ تُرَفْرِفُ
إنَي لَيثقلني وَجِيبُ حُشَاشتي =فاشْدُدْ حِبَالي إنَّ سَاقِيَ تَرْجُفُ
عُذْرًا إِذا أَبْدَيتُ مَا في خَاطِري =نَزَقًا ولكِنْ كُلُّ ما بِيَ مُرْهَفُ
فارْفِق بِمُزْدَلِفٍ تَعاظَمَ وَجْدُهُ=لم يَأتِ إلا والمدامعُ تَذْرُفُ
مَا هذهِ كُلُّ اللوَاعِجِ والمُنَى=مهلاً فَفي شَفَتي بَيَانٌ مُرْدِفُ
أسرَفتُ فِي بُعْدِي وَكانَ خطيئةً =فاقبلْ دُنُوي ذا أنا مُتَلَهِّفُ
ليسَ الذي بيني وبينَكَ موطئٌ=لَكِنّهُ سَدٌ يُقَامُ ويُنْسَفُ
مِنْ تَحْتِهِ ذاتي تَلمُّ شَتَاتَها=ونميرُ وَصْلِي رَاكِدٌ مُتَوَقِّفُ
فِإنِ استطالَ تَنَاثَرَتْ أعْوَادُها=وبَدَتْ كما لو أنَّها تَتَقَصّفُ
وإذا تَدَاعَى أو تَوراى ظِلُّهُ=فَاضَتْ بِها الأهواءُ إذ تَتَكَثَّفُ
فَيُطّلُ غَيثُكَ سَابِغًا ومُوَافِيًا=لتَرَى خَمَائِلَها تَطولُ وتُورِفُ
وتسِيلُ غُدْرَانُ الوِصَالِ دَوَافِقًا=نَحْوَ المَصَبِّ بِلوعةٍ تَتَصرَّفُ
ليسَ الذي بَيني وبينَكَ أُمَّةٌ=لكنَّها ذَاتي ومِثلُكُ يَعْرِفُ
دَعْهَا تُطارِحْ في مَهَبِّكَ ما اشتَهَتْ=فلربَّمَا تَدنو إليكَ وتَزْلِفُ
دَعْنِي أسُامِرْ حِيرَتِي وَتَوَجُّدِي =ودَعِ العواطِفَ مَا بِنَفْسيَ تَجْرِفُ
وَدَعِ المَشَاعِرَ جَامِحاتٍ سُيَّبًا=دَعْها تَهيجُ كَما تشاءُ وَتَعْصِفُ
وَدَعِ الخيالَ يَلُفُّني وَيَحُفُّني=أنَّى يَشَاءُ فَلا يُرَاضُ وَيُكْتَفُ
دَعْ كُلَّ شيءٍ يستبدُّ بِعِشْقِهِ=ويزيدُ طُهْرًا حَيثُ لا يَتَكَلَّفُ
آنستُ نَارًا فَامكثوا فِي هَاهُنا=عَلِّي بِمُقْتَبَسٍ أَجيءُ وأرْشِفُ
في مَسْمَعي نَقْرٌ وَلَستُ بِعَارِفٍ=ما الخَطْبُ إلاّ أنّنِي مُسْتَوصِفُ
ها نَحنُ بالوادي المقدّسِ نَينَوى=فاخلعْ نِعَالَكَ ذا مَحلٌّ أشْرَفُ
وكأنَّ طَيفًا يَسْتَهِلُّ بِبَاصِرِي=وكأنَّ فِي رُوعِي يُبَثَّ وَيُقْذَفُ
وكأنَّمَا الدُنْيا تَغَوّرَ سِرُّهُا=في روضةٍ هِيَ للمُوَلَّهِ مِغْرَفُ
قدْ شَاءتِ الأقدارُ أنْ آتي لها =وَيَنالُنِي مِنْها فُراتٌ يَنْطِفُ
فَتَظلُّ تَأخذُني المَهَابةُ والعُلَا=لأطوفَ فِيها والقوافي عُكَّفُ
وكَأنَّ بِي تَسْعَى مَدَارِجُ رَحْمَةٍ=سَرْيًا إلى حيثُ استقرَّ المُصْحَفُ
يا أيُّها الثاوي بِعَرْصَةِ نينوى =ولهُ البَصَائِرُ والنَوَاظِرُ تَطْرِفُ
هذي يَدِي لاذتْ بِبَابِكَ سيّدي=فامْدُدْ يدًا طُولَى تَمُنُّ وَتَلْطُفُ