العشبُ ضمادُ الجرحِ
سنة 2015
أحسينُ يا سرَّ الحقيقةِ ، قلْ لنا = لِمَ ردَّدَ التأريخُ ما قد لُقِّنا ؟
لِمَ يستلذُّ الفقرَ في خورِ النهى؟ = ولديهِ كنزُ الغيبِ يُغليهِ الغنى!
لقَّنتَهُ معنى الخلودِ مراقيًا = لتظلَّ (هابيلاً) يُضحِّي بينَنا
لتكونَ (يحيى) أو تكونَ ك(حيدرٍ) = بالدمِّ قَدْ صنعَ المُحالَ فأتقَنا
لكنّهُ حثَّ الخُطا لهوامش ٍ = أغوَتْ نواصي العمرِ في دنيا الفَنا
أنجاهُ طهرُ الخيرِ آوَى جرحَهُ = عشبًا يضمِّدُ هجرَهُ والموطِنا
مدَّت نخيلُ الشوقِ في قصباتِهِ = سعفَ الشفاءِ فطالَ فيها وانحنى
يعطي زهورَ الشمسِ لونَ جذورِهِ = ويشيحُ منديلَ السماءِ على السّنا
ويقيمُ في صدرِ الحياةِ صلاتَهُ = لتَؤمَّهُ الأزمانُ تكبيرًا هنا
فالفجرُ بالصفعاتِ ملَّ يسارُهُ = أن يُسْلِمَ العتماتِ خدًّا أيمنا
أعطاهُ هذا السّرُ درعَ إبائه ِ = هيهاتُهُ حلَفَتْ بألاّ يركنا
لو قابَ قوسِ العشقِ كشفًا أو دَنَا = مِنْ عرشهِ ما ازدادَ فيكَ تَيَقُّنا
حتّى نَمَتْ بروسخِها سُحبُ الإبا = وأحالَتِ البيداءَ عشبًا ليِّنا
سجدَتْ لمدِّ الصبرِ غربة ُ جزرِهِ = ومدائنُ الغضبِ المُعبَّأِ أذَّنا
وتَصّدَّقَ المطرُ الملفَّعُ رحمة ً = بلحاءِ هجرتِهِ العطيشةِ للدُّنى
كبُرَتْ على التأريخِ صفحة ُ وَجهِهِ = وكأنَّ فيهِ الكونُ كانَ مدوَّنا
وتناسخَتْ كلُّ الجهاتِ بعينِهِ = ليرى الجهاتِ بكلِّ عينٍ أَعيُنَا
نثرَتْ بذورَ الطلحِ في أصلابِهِ = نكأَتْ بقيحِ المستحيلِ المُمكِنَا
أنفاسُهُ كم حُوصِرَتْ برحيلِها =
حتَى يعودَ الفجرُ مِنْ أسفارِهِ = راياتُهُ ستهبُّ مِْن جرحِ المُنى
ويعودُ هذا الماءُ ملقيًّا على = كفِّ اليَبَاسِ مكفِّرًا عمَّا جَنَى
فيمدُّ راحَ الفضلِ في عبّاسِهِ = ينسلُّ منها النهرُ يخرجُ مُعْلِنا
سترَوْنَ رأسَ الكونِ مرفوعًا على = رمحِ الشّقاءِ يسيرُ هديًا مُذْعِنا
كلُّ السّيوفِ تناسَلَتْ ببداوةٍ = في كفِّهِ السمحاءِ كي تتمَدَّنَا
نسخٌ ستصنعُ مِنْ أصالةِ عمرِها = تفديهِ دمًّا بالخلودِ ملوَّنا
سيعودُ بعدَ التّيهِ يسجدُ خاضعًا = فوقَ الترابِ غدًا يزيدُ تديُّنا
رأسُ الحسينِ يشعُّ في جبهاتِهِ = بالنورِ بوصلة ً تئنُّ على القَنَا
جسدُ الحقيقةِ رضَّضَتْهُ فعالُهُمْ = والنصرُ يمَّمَ شطرَهُمْ مُتَحَصِّنا
اظهَرْ ضمادَ الجرحِ يا عشبَ النَّمَا = لو لحظةً داويتَهُ كي يسكُنَا
اظهَرْ رعاكَ اللهُ يا قوسَ السَّمَا = لو ليلةً تَهَبُ الحياةَ تحَنُّنَا