حزنٌ ببَوْحِ البنفسجِ
سنة 2013
أبوحُ لكم أمراً وما هو بالسرِّ؟! = وإنْ صارَ كتماني يضيقُ به صدري
أرى الخلقَ للأشتاتِ يحذو مسيرُها = وخطوي على غيرِ اتجاهاتِها يسري
فإنْ غازلوا بكرًا نقشتُ قصائدي = على لوحةِ التصويرِ بالريشةِ البكرِ
وإنْ صرّحوا بالعشقِ أطلقتُ ثيمةً = منمنمةَ الألحانِ في عشقِها العذري
وإنْ أطفأوا سحرَ الكلامِ بصمتِهِمْ = أضأتُ مرايا الفنِّ بالأنجمِ الزُّهرِ
وإنْ رجزوا فخرًا رفعتُ عقيرتي = فما غيرُ صوتِ الطفِّ أرجوزةُ الفخرِ
كتبتُ حسينًا فانشطرتُ مجرّةً = وفجّرتُ أفلاكَ الحقيقةِ في شعري
كتبتُ حسينًا فانعقدتُ مشارباً =ومازجتُ صهباءَ البلاغةِ بالخمرِ
وقد باتَ شعري للحسينِ محرِّرًا = كمَنْ رهنَتْهُ الأمّهاتُ بلا نذرِ
فإنْ رفَعوا بالضّمِّ أخفضتُ أحرفي = وفي صخبِ الأوزانِ أجنحُ للكَسْرِ
وإنْ أخذوا الأسماءَ رمزاً لوصفِهِمْ = عشقتُ جمالَ الحزنِ في أحرفِ الجرِّ
وإنْ غرفوا مِنْ لُجَّة البحرِ بوحَهُمْ = نَحَتُّ أنا الألفاظَ مِنْ أصلبِ الصخرِ
دعُوني فإنَّ العشقَ بعضُ مواهبي = وأنَّ الهوى المجنونَ ينبتُ من بذري
دعوني ومعشوقي أناجيهِ كلَّما = ظمئتُ وفرطُ الجدبِ يشتاقُ للغمرِ
لعلّيْ لعلَّ القلبَ يسكنُ عندَهُ = وتوصلني الأشواقُ مِنْ حيثُ لا أدري
لأرتجلَ المعنى إذا شئتُ لفظَهُ = بعصماءِ وزنٍ لا بسجعٍ ولا نثرِ
أهيمُ بوصفِ الليلِ والليلُ سامري = وتأسرُني الذكرى فأقسمُ بالفجرِ
ويدهشُني لونُ المحرَّم كلّما = يطوفُ على عيني براياتِهِ العشرِ
سوادًا وكحلُ العينِ يلمعُ عندَهُ = فيذكي بخدِّ النزفِ نهنهةَ الحبرِ
دعوني إلى العباسِ أُعْجَنُ قربةً = كحلمِ اليتامى عندَ ساقيةِ النهرِ
وللأكبرِ العطشانِ أقطرُ غيمةً = فأروي لسانَا قد تيبّسَ في الثغرِ
وشمعًا خرافيًّا بخيمةِ قاسمٍ =وأزهارَ أوركيدٍ بآنيةِ العطرِ
خذوني على نحرِ الرضيعِ قلادةً = لأحجبَ سهمَ الموتَ عَنْ ذلكَ النحرِ
وفوقَ جبينِ السبطِ أهوي ذؤابةً = على الحَجَرِ الموبوءِ أنقضُّ كالصقرِ
خذوني وقاءً للحسينِ بمهجتي = وأهلي ووِلدي والمؤمَّلِ مِنْ عمري
خذوني غبارًا في ترابِ ضريحِهِ = ودمعةَ شوقٍ فوقَ أعتابِهِ تسري
دعوني أخيطُ النصّ ثوبًا وسترةً = فيسترُني ثوبي وأنعمُ بالسترِ
درجتُ رضيعاً في المآتمِ خطوتي = مدعّمةٌ بالحبِّ والعزِّ والفكرِ
وكنتُ فتيًّا أحصدُ الحلمَ باكرًا = وأقرأُ في عاشورَ فاتحةَ الخيرِ
ويجذبُني سحرُ الهلالِ فأقتفي = منازلَهُ والقلبُ يدهشُ بالسحرِ
حملتُ لجوعِ الدربِ صبري حقيبةً = وطعّمتُ جيبَ القلبِ أوردةَ الصبرِ
وما عرفَتْ نفسي الخضوعَ وإنّما = أضيءُ بعزِّ الطفِّ كالكوكبِ الدرّي
أحدّثُ نفسي عَنْ حديثٍ سمعتُهُ = لأمّي فلا أنسى لها أبدَ الدهرِ
تقولُ : بنيّ املأْ لنفسِكَ كفّةً = إذا وُضِعَ الميزانُ تثقلُ بالأجرِ
وكُنْ في عروجِ الذاتِ أصغرَ خادمٍ = تكُنْ سيدًا يُروى علوُّكَ في القدرِ
ألا كُنْ قرينًا مثلَ قابٍ لقوسِهِ = لشطِّ حسينٍ دونَ مدٍّ ولا جزْرِ
وكُنْ في كفوفِ الدّهرِ أصدقَ بصمةٍ =كما النقطةِ الزهراءِ في آخرِ السطرِ