يشْرونَ الحياةَ وهمْ ساجدونَ
سنة 2013
تمثّلتُ يا سيدي قنبرا=وجئتُك مِنْ ظلِّه أصغرا
ألملمُ بعدَ العثارِ العثارَ=كأنّي أقومُ لكي أعثرَا
وها قد عثرتُ.. مدَدْتُ الرجاءَ=أقولُ: أغثْ عبدَكَ الأحقراَ
أغثْ مَنْ سَقَتْهُ يدُ الحالكاتِ=بمدحِكَ صبحًا زهَا مسفِرا
فقامَ على منبرِ العاشقينَ=يغازلَ حتى لكَ المنبرا
جَلَلْتَ عَنِ الشعرِ يا ذا الجلالِ=ومثلي بمثلِكَ ما استشعرا !
تعاليتَ مِنْ مبدعٍ للخيالِ=ومِنْ واقعٍ للحِجَى أبهرا
حسينٌ وأيَّ حسين تكونُ=وباسمِكَ باري البرايا بَرَى؟
ومِنْ قبلِ كافً ومِنْ بعدِ نونٍ=تواريْتَ غيبًا فلنْ تظهرا
وكيفَ عسى يظهرُ المستطيلُ=على الدَّهرِ سلطانَهُ الأكبرا؟!
تشاء يشاء لك المستحيل=فأنى لباعِكَ أن يُحصرا؟!
مشيْتَ على العزِّ يا بنَ الكرامِ=تمجِّدُ سؤدَدَهُ في الذُّرَا
وجاءَ يشمُّ ثراكَ الخلودُ=فصارَ "الخلودَ" بما عطّرا
ومِنْ تحتِ نعلِكَ شاخَ "المكانُ"=يسائلُ مَنْ أنتَ؟ مخضوضرا!
فأهوى على دفَتَيْهِ "الزمانُ"=بأنَّكَ سرُّ السّما مخبرا
وأؤمنُ أنَّكَ نورُ الإلهِ=وأنتَ لهُ الظلُّ بينَ الورى
فكيفَ الحديدُ يحزُّ الشعاعَ ؟!=وتكويكَ كيفَ ذُكَاءُ العَرا ؟!
لأقسمُ إنَّ سرابَ الهجيرِ=وما قدْ نراهُ وما لا نَرى
وسيفًا ورمحًا وسهمًا وخيلاً=وريحًا ورملاً ونهرًا جرى
أتوْكَ جميعًا خماصَ البطونِ=يشدُّونَها في ظمًا فطّرا
جثَوْا في الطفوفِ ومدّوا الكفوفَ=إمامَ العطاءِ هَبِ الأفقرا
وأنتَ تناجيهِ حالَ السجودِ=وخدُّكَ في حبِّهِ عُفّرا
سمعتَ السؤالَ وهذا محالٌ=يريدُكَ عبدٌ وأنْ ينهرا
فأعطيتَ رأسًا وصدرًا وقلبًا=وزندًا تلا جذُّهُ المنحرا
فعادَ الوجودُ يرى مِنْ جديدٍ=فقيرًا أتَى في الصلا حيدرا
وحيدرُ حاشا يردُّ سؤالاً=فقدَّمْتَ مِنْ يدِكَ الخنصرا
وعادَ الوجودُ يرى في المبيتَ=عليًّا إذِ المصطفى هُجِّرا
شرى نفسَهُ قائلاً: هلْ رضيتَ؟=وروّى العطاشى دمًا "أحمرا"
فناداكَ ربُّكَ: "خذْ يا حسينُ"=لترضى .. وبارَكَ فيما اشترى
وظنُوا فرَى ودجَيْكَ الحسامُ=وإنَّ وريدَكَ مَنْ قدْ فرَى
رأيتُكَ إذْ قامَ شمرُ اللئامِ=وللذبحِ يا ويلَهُ شمَّرا
تماوجَتِ السبعُ ترمي الدعامَ=وكادَتْ تزلزلُ وجهَ الثرى
فعلَّيْتَ رأسَكَ فوقَ السّنانِ=تجلجلُ في أذنِها منذرا:
"أيا سبعُ إياكِ قبرَ البتولِ=أخافُ عليهِ بأنْ يظهرا"
لأنتَ الحسينُ الذي لا يموتُ=وإنْ جاءَكَ الموتُ مستعذرا
سمعتَ الرسالةَ في بطنِ حوتٍ=نبيًّا يناديكَ مستنصرا
فأوطأتَ صدرَكَ جرْدَ الطغاةِ=وكانَ قَراكَ نعمَّا القِرا
سَحَقْتَ ضلوعَكَ حتّى الفتاتِ=فصارَتْ تحجُّكَ "أمُّ القُرى"
ولكنَّ ما يستفزُّ الغيورَ=وما يتركُ القلبَ مستعبِرا
حريقُ الخيامِ وهتكُ الخدورِ=وسَوْقُ السبايا تجدُّ السُّرى
إلى مجلسٍ فيهِ صبَّ الخمورَ=يزيدُ "الخليفةُ" مستكبرا
فَدرْتَ على عرشِ طشتٍ يدورُ=بعينِ الترفُّضِ مستنكِرا
وما زالَ صوتُكَ مرَّ الدهورِ=يؤرِّقُ في قبرِهِ "حبترا"
بكيتُ فَتَنُّورُ عيني يفورُ=لزينبَ نادَتْ هِزَبْرَ الشَّرى
أبا الفضلِ أنتَ ربيبُ الحجورِ="وآصفُ" لولاكَ ما استذكرا
فمِنْ أرضِ طيبةَ قبلَ الحضورِ=أردْتُ خماريَ أن تحضرا
وإذْ بالندا مِنْ حنايا الظّهورِ=سأنهضُ، أنهضُ كي أثأرَا
أنا الصبرُ جدِّي الوصيُّ الصَّبورُ=إذا قُمْتُ أقسمُ ... لن أصبرا