عرشُ الحقيقةِ كالحسينِ
سنة 2013
الطفّ طوفانٌ وروحُ جَنانِ = فهلْ انتميتَ لطبْعهِ الإنساني
والطفّ رُكنٌ سادسٌ متفردٌ = في سنّةِ الأحزانِ والحرْمانِ
والطفُّ أولُ فكرةٍ روحيةٍ = تجتازُ وعيَ الذاتِ للإيمانِ
والطفُّ مفردةٌ بطعمِ فَجيْعةٍ = في مِعْجمِ الأرزاءِ بالأكوَانِ
فأسكبْ جَنانَكَ جُملةً مَجروحَةً = بينِ المَعانيْ في لِسَانِ بيَانِ
واعتقْ بمُهجتِكَ اليّرَاعَ مُحمِّلاً = ظهرَ القصَيدةِ شُرْفةَ العِرفَانِ
وخُذِ الحُسينَ قصِيدَةً مَعصُوبَةً = نقَشَتْ بقلبِ الغيبِ غَيْباً ثَاني
فعلى سَناهُ تحُطُّ نَافلةُ الأسَى = فيَصُوغُها وجَعاً على اللّمَعَانِ
وكأنّ جُرحَهُ من سَنابلِ غُربَةٍ = للدِينِ قدْ نَبَتَتْ على الأدْيَانِ
أقسمتُ بالطفِّ الذيْ في تربِهِ = انسَكبَتْ هناكَ حَقائقُ الأزمَانِ
إنَّ الحسينَ أضاءَ كلَّ حَقيقةٍ = كيْمَا يُعلّقُها على البُّرهَانِ
فإنِ ارْتقى جُرحَ المجرَّة لمْ يكُنْ = إلا الضَّميرَ بقمّةِ الخَفقانِ
فحسينُ أوّلُ شاعرٍ نسَجَ الهَوى = لُغةً مُحرَّرةً إلى الوجْدانِ
وحسينُ أوّلُ عَازفٍ بجراحِهِ = نَزْفَ اليَقينِ بلحْظةِ اطمِئنانِ
وحسينُ أكبرُ مُبدِعٍ صَنعَ الإبَا = بدمَائِهِ ويقينِهِ الربّاني
وحسينُ إمّا حِكايةٌ قُدسِيّةٌ = أو سُدرَةٌ في مُنتَهى الذّوَبَانِ
لمْ أدرِ مَا كُنهُ "الحُسينْ" لكنَّهُ = كَلِماتُ نورٍ في فَمِ الرَّحمَن ِ
ألقىْ بهَا فَوقَ الحَقيقةِ فاعْتلى = هامَ الخَليقةِ في دِمَى قُربَانِ
ومَشىْ على الخَفقَاتِ من آمَالِهِ = حَتى ارتوَى أملاً بهِ شُرْيَاني
يَا للفوَانيسِ التّي جَرّبْتُها = في دَاخِلي بتَمَائِمِ التّبيَانِ
ذهَبتْ وظلَّ مَنارُهُ في اضْلُعِي = نهَمَاً يُساورُني انتمَاءَ جَنَانِ
وَطَنٌ إذا افترَعَ السّماءَ لجُرحِهِ = غنّاهُ جبْرائيلُ للأوْطَانِ
وسَما وَغَاديةُ الخّطوبِ خَريْطةُ = البَشَريَّةِ الثكْلى عَلى الحِرمَانِ
"إيهٍ حسينُ وما اسْتَعارَكَ ثائرٌ = إلا تَحرّرَ منْ فمِ العقبَانِ
يا ثورةَ الوَطنِ الجَريحِ إذا اشْتَكى = عُضوٌ لهُ في الأرضِ بالخذْلانِ
كنتَ الضَّمَادَ لجرحِهِ وهلْ اشْتكى = وَطنٌ إليكَ على افْتقادِ أمَانِ
مَا أنتَ إلا لحظةٌ كونيّةٌ = جاءَتْ توزّعُ ثورَةَ الأغْصَانِ
يا للظمَى في جَانبَيْكَ مُهرْولٌ = أترى استعارَ لقلبِكَ الحَرّانِ
أمْ إنّهُ نهرُ الفُراتِ مَعينُهُ = رَحبٌ يفورُ بصَدرِكَ الرَّيّانِ
وبضفَّتَيْكَ تؤمُّ كلَّ خليةٍ = نهريةٍ بطبيعةِ الجَرَيانِ
كانَتْ تَحسُّ برَاحتَيْكَ أَبويّةُ = المَاءِ كَعشقِ الوَالهِ الظمْآنِ
ولكَمْ تَحنُّ السَارباتُ إلى النَدى = وتذوبُ فيكَ نسَائمُ الهيمانِ
يا للحُسينِ وقدْ فدىَ بنجُومِهِ = الأرضَ الكئيبةَ في سُموِّ كَيانِ
وسقىْ البَسِيطةَ أقمُراً وكَواكباً = كيْ يَستقيمَ الحبُّ والشَفقانِ
يا وَاحداً منحَ البَقاءَ رَحيلُهُ = بأشدّ جُرحٍ نَازفٍ فتّانِ
الآنَ تتسِّقُ الحَياةُ بكرْبلا = خَلفَ العَذابِ بروعَةِ الهَذيَانِ
الآنَ تتّحِدُ الجُراحُ بمَتنِها = وتثورُ مُتعبَةً من الغَليَانَ
الآنَ ينتفضُ الضَّريحُ بطفلِهِ = المّغدورِ في مُهجٍ من القمْطانِ
إيهٍ حسينٌ حينَ يشرحُني اللّظى = بعُروجِهِ في نحرِكَ النّورَاني
تمتارُ في قلبيْ انحناءَةُ نبضَتِي = يا سيّديْ حتى اعْتلالِ جَنَاني
وأنا أنادِي: أيُّ حزنٍ خَالدٍ = أتلعْتُهُ فيْ لوحَةِ النّيرَانِ؟
مذْ كنتَ تُزجيني بصَاعِ مودّةٍ = كأساً مُعتّقةً من الأحْزانِ
كانتْ تُذاكِرُني المَنَائِرُ دمْعةً = مَسْفُوحةً بغريزةِ الحرقانِ
يا نغمةً للطفِّ لمّا أفرغَتْ = رئتايَ كُنتِ خُلاصَةَ الأشْجَانِ
ذكراكِ أوْديةُ السّماءِ بمُقلتي = صَبّتْ لواعِجَها مِنَ الأجْفانِ
وتنَاسلَ الوَجعُ المُذابُ بأضْلعِي = يَمتَصُّ لونَ حَرائقِ الشّطآنِ
مازالَ يعْصُرني الصّدى مِن قسْوةِ = السّيفِ المُضلّلِ في يَدِ الطوفَانِ
فأحِيرُ في غضبِ الظّلام وسِربِه = في دَورَةِ الغَثيَانِ والطغْيَان
يا لَلطفوفِ وأيّ سيفٍ أرْعَنٍ = قطعَ اتصَالَ الوَحيِ بالقرْآنِ؟
يا لَلطفوفِ إذا الرّماحُ تجَشّمَتْ = حَمْلَ الضّياءِ لغربةِ الجّثمَانِ
مِنْ أينَ ليْ بقريحَةٍ مشْحُونةٍ = بشعُورِها من عقدةٍ للسَاني؟
أأغني هَذا الشعرَ من صَبَواتِهِ = يَا أيّها المنْحُوتُ في قضْبَاني؟
أمْ أسقطُ الهَمسَاتِ من قامُوسِها = كي يَستَجِيرَ الحُزنُ بالأوْزَانِ؟
لمْ يتّسعْ مَعنًى هُناك بمعْجَمي = كيْ أنقشَ الطّعناتِ بالغُفرَانِ
نَفسِي لنحرِكَ يا حُسينُ قلعْتُهُ = في مَصْرعِ التَنزْيلِ والتبيَآنِ
وكتمتُ صوتاً شاحباً في خلسةٍ = أخفيتُها عنْ نَظرةِ الصَيوَانِ
ما زالَ في الطفِّ الجَريحةِ مُتعَبٌ = يبكيْ كنائِحَةٍ بصَوتِ أذَانِ
ما زالَ في الطفِّ الجَريْحَةِ زَيْنبٌ = تنعَى الحُسَينَ بنزفِها الهتّانِ
مازالَ للطفلِ الرّضِيعِ وِسَادَةٌ = مُحشُوَّةٌ بأمُومَةِ التِّحنَانِ
فخُذوا الخِيامَ المُحْرقاتِ مَدائِناً = للغَيبِ فيْ قَدَرٍ منْ الأشْجَانِ
فغَداً يَلمُّ الجُرحَ قَلبُ كِلَيْهِمَا = مُتزمِّلَينَ إلى خُلودٍ ثَانِي