خطبة زينب عليها السلام
الجزء السادس: الإمام السجاد عليه السلام
وأَومَت زينبُ للجموعِ= وجَفنُها يخفَقُ بالدُّموعِ
فسَكتوا وارتدّتِ الأَنفاسُ= وسكنتْ لصوتها الأَجراسُ
ورفعت نِداءها الشجيّا= وحمدت وأَطرت النبيّا
وخاطبتهم يا رجالَ الغدرِ= يا أُمّةً قد جُبلت بالمكرِ
تبكونَ لا جفَّتْ لكم دموعُ= ولا خفا صوتٌ لكم مسموعُ
فأنتمُ كمن أبادت غزلَها= من بعد قوّةِ وفلّت فتلَها
ما فيكم إلّا الكذوبُ الصلفُ= والمتملقُ الخَؤون النَّطفُ
كأنّكم مرعىً بأَرضِ الدّمنِ= أو فضّةِ منقوشةِ في كفنِ
فبئس ما قدمتمُ للآخره= بِقتلكم تلكَ النفوسَ الطاهره
فابكوا كثيراً واضحكوا قليلا= فقد حملتم عَارها ثقيلا
لَن ترحضوها أبداً بغُسلِ= ولَن تبوؤا بعدَها بعدلِ
حيثُ سليلُ خاتمِ النبوّه= قتلتمُوه عَطشاً وقَسوه
وهو ملاذُ الحائرِ الشريدِ= ومفزعٌ للهاربِ الطريدِ
وهو منارُ عزّةِ الاسلامِ= وابنُ الوصيّ المرتضى الإمامِ
تعساً لكم بفعلكم وسُحقا= فقد أَضعتم دينكم والحَقّا
وخسرت صفقتكم وبؤتمُ= بِغضبِ مِن بعدهِ لن تُرحموا
يا ويلكم أيَ فوأد وارِ= فريتمُ لأحمدِ المختارِ
وأيَّ حرمةٍ له أَبزتمُ= وأيَّ نزفِ طاهرِ سفكتمُ
لقد أَتيتم فعلةً شوهاءا= هزّت جبالَ الأَرضِ والسماءا
أَتعجبونَ حيثُ أمطرت دما= والكونُ من فعلتكم تجهّما
فأبشروا بالخزيّ والعذابِ= في هذه الدنيا وفي الحسابِ
فاضطرب الناسُ لها حيارى= إذ أشعلت وسطَ القلوبِ نارا
يبكونَ من هولِ المصاب ندما= دموعُهم تفيضُ حُزناً ودما (1)
وابن زيادِ خاف تلك المِحنه= فاخرجَ الرّأس ليطفي الفتنه
فارتفع البكاءُ والنّحيبُ= وانفطرت من الأسى القلوبُ
فراح حقداً ينكثُ الثنايا= ويرعبُ النساءَ والصبايا