معركة النهروان
الجزء الثاني: الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام
لكنّ بعضَ جيشه تخلّفا= عنه وعن نهج الصواب انحرفا
فطالبوا بعودةِ القتالِ= ورفضوا حكومةَ الرجالِ
وأكثروا الإلحاحَ والجدالا= ونمَقوا الخطبة والمقالا (1)
قد طالبوا إمامهم بالتوبه= وهو الذي ما مسَّ رجسٌ ثوبَه
فبعثَ ابنَ عمّهِ يحاورُ= ثمّ مضى بنفسهِ يُناظرُ
لكنهم أبوا وصمّوا السمعا= عن وعظهِ ولم يطيعوا الشرعا
فعسكروا في « النهروانِ » جهلا= وأمعنوا في الصابرين قتلا
ويومها قد قدّرَ الإمامُ= ان يرجعوا أو يُنتضى الحُسامُ
فعاندوا فحوصروا عشيّه= وأَطبقت عليهم المنيّه
وقُتلوا إلا القليلَ منهمُ= لم يجرعوا سيفَ الهدى فانهزموا
عاد الإمام بعدها للكوفه= محشّداً من جيشه صفوفه
يدعو إلى حربِ طليقِ الشامِ= وحارساً لبيضةِ الإسلام
يحرّضُ الناسَ على الجهادِ= وينفخُ النيران في الرمادِ
فلم يجبه غيرُ بعضِ البرره= من أمةٍ مهزومةٍ منكسره
وعندها قال ملأتم قلبي= قيحاً فما أبطأكم من صحبِ (2)
أصبحتم تُغزونَ في الديارِ= وصرتم نهبَ يدِ الأشرارِ (3)
أطرافكم ضحيةٌ للغاره= وسَلَبٌ للطغمة الغدّاره
فمكّةٌ يعيش فيها « بسرُ »= وفي يد ابن العاص ذُلّت « مصرُ »
وخَيلُ أهلِ الشام في « الأنبارِ »= تجرّدُ النسا من الخمارِ (4)
فما لكم أدعوا ولم تجيبوا= كأنما الصخرُ لكم قلوبُ
أفسدتمُ عليَّ رأييّ جُبنا= أنا الذي أرى المخوف أمنا
الحرب قد مارستُها صغيرا= وها أنا خبرتها كبيرا
أيَّ امامٍ تتبعون بعدي= وأيَّ عهدٍ بعد نكث عهدي