لين الشوق الفؤاد .. فيما جرى على آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بكربلاء
ديوان الشيخ محسن أبو الحب
لين الشوق فؤادا جليدا= كان يدعى حجارة أو حديدا
كان قبل الهوى حرونا إلى أن= مال فيه الهوى فمن ثم قيدا
عارض الغيد جالبات إليه= فتنة الخلق أعينا وخدودا
لا تلوما من قال باد إصطباري= بل لما الصابر الذي لن يبيدا
من رأى عاشقا أصاب من الحب= مراما أو أدرك المقصودا
مت إذا كنت صادق الود وجدا= كلهم مات واجدا مكمودا
إن للشوق عند أهليه قدرا= إن من مات فيه مات شهيدا
لو بنى الشوق في الصخور لأضحت= في الفلزات جوهرا معدودا
خض بحار الهوى ولا تخش هولا= سوف تأوي بهن ركنا شديدا
لا أرى للغرام أهلا سوى من= نصر السبط يوم أضحى فريدا
من هم هم بقية ألله في أرضه= ومن بات مجدهم محسودا
عشقوا الغاية التي لا يبالي= من نحاها نال المنى أو أبيدا
كلهم في الكمال فرد وحتى= ذكرهم في الزمان جاء فريدا
وقفوا وقفة لو أن الرواسي= وقفت مثلها لكانت صعيدا
حملتهم أمهاتهم في ليال= قارن السعد عندهن السعودا
كانت أم الحروب قبل عقيما= صيروها بعد العقام ولودا
ولدت منهم الوفاء فكانوا= والدا والوفاء كان وليدا
صحبتهم أسد الشرى فلذا= صارت تسمى بين السباع أسودا
وإستثارت هماتهم فإستعرت= من سناها ذات الوقود وقودا
نصب عيني يومهم غير أني= لا أرى العيش بعدهم محمودا
ولدتني أمي لماذا إذا لم= أكُ فيهم يوم اللقا معدودا
لا يفي فيهم المديح فأسمعني= بهم ما إستطعت مدحا مجيدا
كان طوفانهم كطوفان نوح= ذاك يجري ماء وهذا حديدا
ركبوا للنجاة فيه سفينا= بلغت فيهم السماء صعودا
لو زمان الخليل كانوا لما إرتاع= لهول ولم يخف نمرودا
وإبن عمران لو رآهم لما إختار= لميقاته سواهم عديدا
ولما خر صاعقا وهو فيهم= ولخروا دون الممات سجودا
أو لجالوت أصحروا في مجال= لغدا كل واحد داودا
سادة في ألأنام كانوا ولكن= لإبن بنت النبي صاروا عبيدا
ما أكفهرت غمايم النقع= إلا خلت أصواتهم لهن رعودا
أو تنادوا للطعن والضرب إلا= غادروا قايم الضلال حصيدا
يلتقون النصال سهما فسهما= دونه والرماح عودا فعودا
لم يكن عندهم أعز من النفس= فجادوا بها وناهيك جودا
كلما باد واحد منهم قام= أخوه مكانه كي يبيدا
هذه حالهم إلى ان تفانوا= دونه فإغتدوا جميعا رقودا
ألف ألله بينهم فغدوا أبناء= أم في ألله بيضا وسودا
أسديٌّ منهم ومنهم رياحي= تولى بعد الشقاء سعيدا
وصباة من هاشم غير نكص= كثروا نصرة وقلوا عديدا
قد دعاهم داعي الهدى فأجابته= نفوس عن الهدى لن تحيدا
عقدوا للوفا عقودا وآلوا= أن يحلوا حتى الممات العقودا
ضربوا في الثرى قبابا رأينا= للثريا ظلالها ممدودا
تخذوا بالعراق دارا فأمست= دارهم في الحجاز تشكو الهمودا
لو ترى في فنائها أثر الوحي= هبوطا تزهو به وصعودا
اصبحت بعدهم خلاء كأن الحزن= من بعدهم كساها برودا
يومهم صار مأتما في السموات= وبين اللئام سمي عيدا
كيف يسترضع الحديد دماهم= ولهم هيبة تذيب الحديدا
لكم ألله واردين حياضا= لم يكن قبل ماؤها مورودا
ومذلين أنفسا في سبيل الله= عزت على المعالي وجودا
شهد ألله صبركم في البلايا= وكفاكم رب السماء شهيدا
فاخري كربلا السماء فإن= ألله أعطاك فوقها تأييدا
لمحة من سناك تغني عن البدر= ضياء ورفعة وسعودا
كان علم ألإله فيك قديما= أن للماجدين فيك لحودا
فتح ألله فيك للخير بابا= أبد الدهر لا يُرى مسدودا
أوَ يرضى ألإله عن قوم سوء= أسخطوا أحمدا وارضوا يزيدا
أي عذر لنغل سعد مذ إستقصى= رقاب الكرام جيدا فجيدا
كان أشقى ثمود أوسع منه= عذرا لو رأيت أشقى ثمودا
جاءهم طالبا لديهم دخولا= كان منها أبوه سعد بعيدا
رام في الري بعد تسعين خلدا= ولقد نال في الجحيم خلودا
ضاع ثأر إبن أحمد يا لقومي= أين داعيه لو دعا لا قيدا
قرب ألله يومه إن فيه= للعفاة الخماص عيشا رغيدا
ليت أني أعيش حتى أراه= منتضي سيف عزمه المغمودا
سوف تلقاه طالعا في بنود= خافقات تتلوا الجنود الجنودا
ليس ينبو حسامه دون أن= يرضى عنه إلهه المعبودا
يا سليل الكرام مثلك يرجى= ذاق أشياعك المبير المبيدا
ما عهدناك قاعدا عن مضام= فلماذا أطلت عنا القعودا
ما خلقنا إلا لتأكلنا الحرب= وتبلى أشلاؤنا تبديدا
سعر اليوم نارها وإتخذنا= حطبا لإصطلائها ووقودا
نحن أكفاؤها إذا ما إقتفينا= في مداها لواءك المعقودا
غصت ألأرض من دماكم وضاقت= من نساكم رحابها تعديدا
كان عدلا مسيرها فوق أخلاس= المطايا تنحوا إبن هند يزيدا
كان عدلا وقوفها بين أهل= الشام تشكو حبالها والقيودا
يا بني الوحي والرسالة عطفا= لا أرى غيركم عطوفا ودودا
هاكموها حزينة من حزين= لا يملن للأسى تجديدا
أنا مستعصم بكم فإعصموني= إذا أرى حر نارها موقودا
وبيوم المعاد لا تسلموني= يوم آتيكم بشخصي فريدا
اي راج أتاكم ثم ولى= خائبا عن نوالكم مطرودا
حاش لله أنتم أبحر الجود= فلسنا نمل منها الورودا