قَدِمتُ .. وَعَفْوَكَ عن مََقدَمي
عبدالرزاق عبدالواحد
قَدِمتُ .. وَعَفْوَكَ عن مقدَمي=حَسيراً ، أسيراً ، كسيراً ، ظَمي
قدِمتُ لأ ُحرِمَ في رَحْبَتَيْك=سَلامٌ لِمَثواكَ من مَحرَم ِ
فَمُذْ كنتُ طفلاً رأيتُ الحسين=مَناراً إلى ضوئِهِ أنتَمي
ومُذْ كنتُ طفلاًوجَدتُ الحسين=مَلاذاً بأسوارِهِ أحتَمي
وَمُذْ كنتُ طفلاً عرَفتُ الحسين=رِضاعاً.. وللآن لم أ ُفطَمِ !
سلامٌ عليكَ فأنتَ السَّلام=وإنْ كنتَ مُخْتَضباً بالدَّمِ
وأنتَ الدَّليلُ إلى الكبرياء=بِما دِيسَ مِن صَدرِكَ الأكرَم ِ
وإنَّكَ مُعْتَصَمُ الخائفين=يا مَن مِن الذَّبح ِ لم يُعصَمِ
لقد قلتَ للنفسِ هذا طريقُكِ=لاقِي بِهِ الموتَ كي تَسلَمي
وخُضْتَ وقد ضُفِرَ الموتُ ضَفْراً=فَما فيهِ للرّوحِ مِن مَخْرَمِ
وَما دارَ حَولَكَ بَل أنتَ دُرتَ=على الموتِ في زَرَدٍ مُحكَمِ
من الرَّفْضِ ، والكبرياءِ العظيمةِ=حتى بَصُرتَ ، وحتى عَمِي
فَمَسَّكَ من دونِ قَصدٍ فَمات=وأبقاكَ نجماً من الأنْجُمِ !
ليومِ القيامةِ يَبقى السؤال=هل الموتُ في شَكلِهِ المُبْهَمِ
هوَ القَدَرُ المُبْرَمُ اللايُرَدّ ُ=أم خادمُ القَدَرِ المُبْرَمِ ؟ !
سَلامٌ عليكَ حَبيبَ النَّبيِّ=وَبُرْعُمَهُ..طِبْتَ من بُرعُمِ
حَمَلتَ أعَزَّ صفاتِ النَّبيِّ=وفُزْتَ بمعيارِهِ الأقوَمِ
دِلالَةَ أنَّهُمو خَيَّروك=كما خَيَّروهُ ، فَلَم تُثْلَمِ
بل اختَرتَ موتَكَ صَلْتَ الجبين=ولم تَتلَفَّتْ ، ولم تَندَمِ
وما دارت الأرضُ إلا وأنتَ=لِلألائِها كالأخِ التَّوأمِ !
سلامٌ على آلِكَ الحوَّمِ=حَوالَْيكَ في ذلك المَضرَمِ
وَهُم يَدفعونَ بِعُري الصدور=عن صدرِكَ الطاهرِ الأرحَمِ
ويَحتضنونَ بكِبْرِ النَّبِّيين=ما غاصَ فيهم من الأسهُمِ
سلامٌ عليهم..على راحَتَين=كَشَمسَين في فَلَكٍ أقْتَمِ
تَشعُّ بطونُهُما بالضياء=وتَجري الدِّماءُ من المِعصَمِ !
سلامٌ على هالَةٍ تَرتَقي=بلألائِها مُرتَقى مريَمِ
طَهورٍ مُتَوَّجةٍ بالجلال=مُخَضَّبَةٍ بالدَّمِ العَندَمِ
تَهاوَت فَصاحةُ كلِّ الرجال=أمامَ تَفَجُّعِها المُلهَمِ
فَراحَت تُزَعزِعُ عَرشَ الضَّلال=بصوتٍ بأوجاعِهِ مُفعَمِ
ولو كان للأرضِ بعضُ الحياء=لَمادَت بأحرُفِها اليُتَّمِ !
سلامٌ على الحُرِّ في ساحَتَيك=ومَقحَمِهِ جَلَّ من مَقحَمِ
سلامٌ عليهِ بحَجمِ العَذا ب=وحَجمِ تَمَزُّ قِهِ الأشْهَمِ
سلامٌ عليهِ..وعَتْبٌ عليه=عَتْبَ الشَّغوفِ بهِ المُغرَمِ
فَكيفَ ، وفي ألفِ سَيفٍ لُجِمتَ=وعُمرَكَ يا حُرُّ لم تُلجَمِ ؟!
وأحجَمتَ كيف، وفي ألفِ سيف؟=ولو كنتُ وَحديَ لم أُحجِمِ
ولم أنتظرْهُم إلى أن تَد و ر=عليكَ دوائرُهُم يا دمي
لَكنتُ انتَزَعتُ حدودَ العراق=ولو أنَّ أرسانهُم في فَمي
لَغَيَّرتُ تاريخَ هذا التُّراب=فما نالَ منهُ بَنو مُلجَمِ !
سلامٌ على الحرِّ وَعْياً أضاء=وزرقاء من ليلها المُظلِمِ
أطَلَّت على ألفِ جيلٍ يجيء=وغاصَت إلى الأقدَمِ الأقدَمِ
فأدرَكَت الصّوت..صوتَ النّبوّةِ=وهو على موتِهِ يَرتَمي
فما ساوَمَت نفسَها في الخَسار=وَلا ساوَمَتْها على المَغنَمِ
ولكنْ جثَتْ وجفونُ الحسين=تَرفُّ على ذلك المَجثَمِ
ويا سيّدي يا أعَزَّ الرجال=يا مُشرَعاً قَطُّ لم يُعجَمِ
ويا بنَ الذي سيفُهُ ما يَزال=إذا قيلَ يا ذا الفَقارِ احسِمِ
تُحِسُّ مروءَ ةَ مليونِ سيف=سَرَتْ بين كَفِّكَ والمَحْزَمِ !
وتُوشِكُ أن..ثمَّ تُرخي يَدَيك=وتُنكرُ زَعمَكَ من مَزْعَمِ
فأينَ سيوفُكَ من ذي الفَقار=وأينَكَ من ذلكَ الضَّيغَمِ ؟ !
عليُّ..عليَّ الهدى والجهاد=عَظُمتَ لدى اللهِ من مُسلمِ
وَيا أكرَمَ الناسِ بَعدَ النَّبيّ=وَجهاً..وأغنى امريء ٍمُعدَمِ !
مَلَكتَ الحياتَين دُنيا وأ ُخرى=وليسَ بِبَيتِكَ من درهمِ !
فِدىً لِخشوعِكَ من ناطقٍ=فِداءٌ لِجوعِكَ من أبْكَمِ !
قَدِمتُ ، وعفوَكَ عن مَقدَمي=مَزيجاً من الدّمِ والعَلقَمِ
وَبي غَضَبٌ جَلَّ أن أدَّ ريه=ونَفسٌ أبَتْ أن أقولَ اكظِمي
كأنَّكَ أيقَظتَ جرحَ العراق=فَتَيَّارُهُ كلُّهُ في دَمي !
ألَستَ الذي قالَ للباترات=خُذيني..وللنَّفسِ لا تُهزَمي؟
وطافَ بأولادِهِ والسيوف=عليهم سوارٌ على مِعصَمِ
فَضَجَّتْ بأضْلُعِهِ الكبرياء=وصاحَ على موتِهِ : أقدِمِ !
كذا نحنُ يا سيّدي يا حُسَين=شِدادٌ على القَهرِ لم نُشكَمِ
كذا نحنُ يا آيةَ الرافدَين=سَواتِرُنا قَطّ ُ لم تُهْدَمِ
لَئِن ضَجَّ من حولكَ الظالمون=فإنّا وُكِلنا إلى الأظلَمِ
وإن خانَكَ الصَّحبُ والأصفياء=فقد خانَنا مَن لهُ نَنتَمي!
بَنو عَمِّنا..أهلُنا الأقرَبون=واحِدُهُم صارَ كالأرْقَمِ !
تَدورُ علينا عيونُ الذِّئاب=فَنَحتارُ من أيِّها نَحتَمي!
لهذا وَقفنا عُراةَ الجراح=كباراً على لؤمِها الألأمِ
فَيا سيّدي يا سَنا كربلاء=يُلأليءُ في الحَلَكِ الأقتَمِ
تَشعُّ مَنائرُهُ بالضّياء=وتَزفُرُ بالوَجَعِ المُلهَمِ
ويا عَطَشاً كلُّ جَدْبِ العصور=سَيَشربُ من وِرْدِهِ الزَّمزَمِ
سأطبَعُ ثَغري على مَوطِئَيك=سلامٌ لأرضِكَ من مَلْثَمِ !