دربُ الحسينِ النجاةُ
سنة 2012
انتابَنِي شِعْرٌ زكيٌّ رطيبْ = أنعِمْ صباحاً واستمِعْ يا أديبْ
بالأمسِ زُرْتُ ها هُنا جنّةً = باهيةَ السحرِ حَلاها عجيبْ
نظرْتُ للأنوارِ في نظرةٍ = أهالَها بالنفسِ صمتٌ رهيبْ
تُطوِّقُ النورَ بأحضانِها = ألوانُها زاهيةٌ لا تغيبْ
أدرَكَ فكري ووعَى خاطري = في أمرِ هذا الصّرحِ سرًّا عجيبْ
فصاحبُ القبرِ أحبَّ الإلهْ = قلبٌ إلى اللهِ بشوقٍ يذوبْ
أعطى عطاءً لم نجِدْ مثلَهُ = في هذهِ الدنيا وكلِّ الشعوبْ
جادَ بمَا يملكُ في عشقِهِ = غالٍ نفيسٍ في فداءِ الحسيبْ
قالَ: خُذِيني يا قنا يا سيوفْ = وليستقمْ دينُ الإلهِ المَهيبْ
يا مرحباً بالموتِ في عزّةٍ = بسنّةِ اللهِ وطهَ الحبيبْ
فخصَّهُ الرحمنُ في آيةِ ال = تطهيرِ واللهُ سميعٌ مجيبْ
لأجْعَلَنْ قبرَكَ ذا كعبةً = للزائرينَ والدُّعَا مستجيبْ
يا كربلا يا غصَّةٌ في النفوسْ = يا شغفَ الناسِ ومهوى القلوبْ
أليمُ ذكرى يا حسينُ الطفوفْ = هيهاتَ ننسى ما جرى للنقيبْ
نبكي عليها كلَّ وقتٍ وحِينْ = لمَا جَرَتْ فيها مآسٍ خطوبْ
تخيَّلِ الصّحبَ وقد شُحِّطوا = توسَّدُوا صَرعى رمالَ الكثيبْ
تماثلَ الإخوةُ ثمَّ البنينْ = مطرَّحِينَ في صعيدٍ كئيبْ
تفكّرِ القاسمَ فخرَ الشبابْ = في كنْفِ عمٍّ كانَ نِعْمَ الرّبيبْ
تذكَّرْ الأكبرَ شِبْهَ الرسولْ = كأنّهُ البدرُ البهيُّ القشيبْ
تُشاهِدِ العباسُ بدرُ التمامْ = حامي حمى الأهلِ بوجهِ الكروبْ
يسمو لواءُ الطفِّ في خطِّهِ = (نصرٌ مِنَ اللهِ وفتحٌ قريبْ)
تصوَّرِ الرضيعَ طفلاً صغيرْ = والسهمُ في النحرِ بدمٍّ نجيبْ
ومنظراً يبقى أسيرَ النفوسْ = ترى الحسينَ وحدَهُ كالغريبْ
عمامةُ النبيِّ تعلو الحسينْ = في وجهِهِ ترْقُبُ حُسْناً وطِيبْ
أبصِرْ إلى سبطِ الرسولِ الكريمْ = تناوَشُوهُ بالقَنَا والقضيبْ
وأرْشَقُوهُ كلُّهُمْ بالنّبالْ = سهامُهُمْ قلبَ النبيِّ تُصيبْ
مجرِّعٌ كاساتِها للرماحْ = مضمِّخٌ نجيعَ شيبٍ خضيبْ
حوافرُ الخيلِ لوغدِ الرجالْ = داسَتْ بحقدٍ منْهُ صدرَ السليبْ
حقَّ علينا أنْ نصبَّ الدموعْ = حقَّ علينا أنْ نشقَّ الجيوبْ
حقَّ علينا لطمُ هذي الصدورْ = حقَّ علينا كلُّ هذا النحيبْ
حقَّ علينا لبسُ هذا السّوادْ = أعلو مقامَ منبرٍ للخطيبْ
حقَّ علينا أن تسيلَ الدماءْ = من أجلِ إعلاءِ العراقِ الخصيبْ
حقَّ علينا نعلي شأنَ الحسينْ = ما همَّنا من كلِّ أمرٍ مريبْ
دمعةُ حزنٍ في سبيلِ الشهيدْ = تضفي ثواباً فوقّ أجرٍ مثيبْ
تكتبُ في ميزانِ أعمالِنا = يومَ الورودِ تطفي نارَ اللهيبْ
لولا الحسينُ ما عَلَتْ كعبةٌ = لَهُدَّ بيتُ اللهِ باسمِ الحروبْ
لولا الحسينُ ما بَقَتْ آيةٌ = تقرأُ في الذكرِ ربيعَ القلوبْ
لولا الحسينُ لانتهى دينُنا = لَمَسَّحُوا الإسلامَ أعْلُوا الصليبْ
لولا الحسينُ لطغَتْ زمرةٌ = فوقَ رقابِ الناسِ بئسَ النصيبْ
لولا الحسينُ ما نَمَتْ نبتةٌ = لماتَ كلُّ الزرعِ حتّى الحبوبْ
لولا الحسينُ ما سرى كوكبٌ = في الكونِ ما هبَّتْ رياحُ الجنوبْ
يا ربّي إنّي أفدي نهجَ الحسينْ = أفديهِ نفسي رغمَ كلِّ الخطوبْ
إنّي أرى دربَ الحسينِ النجاةْ = مِنَ السعيرِ يومَ نارِ الهبوبْ
إنّي أرى نهجَ الحسينِ الحياةْ = يمشي بِهِ كلُّ حليمٍ لبيبْ
إنّي أرى فكرَ الحسينِ الصوابْ = سارَ عليهِ كلُّ عبدٍ منيبْ
إنّي أرى تُرْبَ الحسينِ الشفاءْ = يغنيكَ طُرًّا عَنْ علاجِ الطبيبْ
إنّي أرى صرحَ الحسينِ الجنانْ = مثلَ الربى رافلةً بالطيوبْ
إنّي أرى الحسينَ نِعْمَ الشفيعْ = يفي لنا في القبرِ حينَ نؤوبْ
ربّي اقترفْتُ في حياتي ذنوبْ = ربي اجترَحْتُ في شبابي عيوبْ
ربّي أسأتُ في سنيني الكثيرْ = ربّي فَمِنْ عدلِكَ أينَ الهروبْ
ربّي شفيعي نسجُ هذا القريضْ = ربّي اغثْنِي أنتَ نِعْمَ المجيبْ
ربّي أنلني منكَ رزقاً حلالْ = ربّي فهَبْ لي منْكَ رزقاً رحيبْ
ربّي فإنّي خائفٌ مستجيرْ = وقد علا رأسي بياضُ المَشيبْ
ربّي فأحبِبْنِي لِقَاكَ القريبْ = واحْبِبْ لقائي أنتَ نِعْمَ الرّقيبْ