لولاكَ فالإسلامُ فينا قتيلٌ
سنة 2012
معَ كلِّ شمسٍ فالدماءُ تسيلُ = ومدى الزمانِ تفجّعٌ وعويلُ
لا بدَّ تلقى كلُّ نفسٍ حتفَها = وإلى الترابِ ترابُها سيؤولُ
تسعى بيومٍ، ثمّ يُسعَى فوقَها = كم حاملٍ وإذا بهِ المحمولُ!
تُطوى حياةٌ ثمّ يُنشَرُ غيرُها = والجيلُ يُفرَشُ فوقَهُ الجيلُ
نُنسَى، ونفنى جلُّنا وكأنَّنا = لم يحظَ فينا بالحياةِ فتيلُ!
لكنْ حسينٌ حينَ سالَ وريدُهُ = فإذا الحياةُ إلى الوجودِ تسيلُ
معْ كلِّ جُرحٍ فيهِ داوى أمّةً = إلاّ عليلَ الروحِ، فهو عليلُ
فالشمسُ في وهَجِ الحسينِ شحيحةٌ! = والبحرُ في كرمِ الحسينِ بخيلُ!
وتحلّلُ الأفهامُ طيلةَ أدهرٍ = هذا العطاءَ، فيعجزُ التحليلُ
وتفكّرُ الأجيالُ في عليائِهِ = فإذا التفكّرُ عاجزٌ وكليلُ!
تتحيّرُ الأقلامُ مهمَا سطَّرَتْ = يتحيّرُ التفسيرُ والتأويلُ!
ماذا يقولُ الشِّعرُ مهما قد حكى؟! = والنثرُ ماذا بعدَهُ سيقولُ؟!
دمُكَ الذي كتبَ الصحائفَ كلَّها = كلُّ المِدادِ صدىً، وأنتَ أصيلُ
أنتَ السليلُ لأحمدٍ خيرِ الورى = والخيرُ، كلُّ الخيرِ، منكَ سليلُ
كلَّ المنايا قد جرَعْتَ، أخفُّها = تلكَ التي كانتْ وأنتَ قتيلُ!
فجرعْتَ موتَ الصحبِ تترى والألى = عطشَ الصغارِ، لهُ الجبالُ تهيلُ!
ثُكلَ النساءِ، دموعَهنَّ، وإنْ بدتْ = ليستْ دموعاً، فالعيونُ محولُ!
وصراخَهنَّ، وإنْ تكتّمَ في الحشا = إذْ هُنَّ خِدرٌ، جدُّهنَّ رسولُ
والأكبرُ الوهّاجُ، بينَ سيوفِهم =نهْبٌ، علَتْهُ أسنّةٌ وخيولُ!
والأصيَدُ العبّاسُ، ظهرُكَ مذْ سعى، =قمرُ العشيرةِ، إذْ عراهُ أُفولُ
إنّ الخطوبَ، وإنْ تعاظمَ هولُها، = في جنبِ خَطْبٍ في الطفوفِ قليلُ!
لمّا النبالُ تخيّرَتُ لنصالِها = أنْ ترشُقَ الإيمانَ وهو يصولُ !
وكذا السيوفُ، ولم تكُنْ مجبورةً، = إذْ أصبحتْ وخضابُها التهليلُ!
ثمّ الأسنّةُ بعدَ طعنٍ للهدى = شرَعَتْ بهاماتِ الصلاةِ تجولُ!
لكنَّ ما جعلَ العيونَ سحائباً = للدمعِ: زينبُ، إذْ جرى الترحيلُ!
مِن بعدِ أنْ حرَقُوا الخيامَ خساسةً!= فيها على ضَغنِ الحشا تدليلُ
وعَدَوْا وراءَ الطاهراتِ! كأنّهم = ما مرَّ في أسماعِهِمْ تنزيلُ!
سَلَبُوا، وسَبُّوا، واستهانُوا .. بئسما = طُويتْ عليهِ من الضلالِ عقولُ!
آهٍ، وأيَّ الخطْبِ أذكرُ؟! إنّهُ = في كلَّ خطْبٍ فالمُصابُ مَهولُ!
أَدَمَ الرضيعِ؟ وقدْ رماهُ إلى السما = عَجَباً فلا ترميهِمُ السجّيلُ!
أَفَكانَ أكرمَ مِن حسينٍ وابنِهِ = في قومِ صالحَ – ناقةٌ وفصيلُ؟!
كلّا، ولكنْ حكمةٌ خَفِيَتْ، فلا = يرقى إليها العقلُ وهو كليلُ
أمصابَ زينبَ؟ إذْ ترى إخوانَها = لا اللحمُ لحمٌ، لا العظامُ مُثولُ!
وتروحُ تبحثُ بين قتلاها، وإذْ = كفُّ الكفيلِ، ولا هناكَ كفيلُ!
أوّاهُ، ما هذا المصابُ!! قلوبُنا = لحمٌ، وهذا النّارُ والتنكيلُ!
وأكادُ أزعُمُ أنّهُ مُذْ كربلا = فالغيثُ دمعٌ، والرعودُ عويلُ!
وإذا تعنُّ على الخيالِ رقيّةٌ = فإذا فصولٌ للأسى وفصولُ!
وإذا التفجّعُ في القلوبِ كخفقِها = وإذا التوجّعُ في الحشا تقتيلُ!
أمّا بذكرٍ للعليلةِ فالنُّهَى = لتحارُ أنّ الأرضَ ليسَ تزولُ!
ولذاكَ، فالسجّادُ ظلَّ سحابةً = للدمعِ جالتْ حيثُ كانَ يجولُ!
ولوِ البحارُ دموعُه، بل ضعفُها = فلَصبَّها، ولقالَ: ذاكَ قليلُ!!
سأقولُ للنحرِ الذي روّى الهدى: = لولاكَ فالإسلامُ فينا قتيلُ !
لولا دماؤُكَ أضرَمَتْ جمرَ الإبا= فينا، فإنّا: خانعٌ، وذليلُ !
واللهِ، لولا كربلاءُ حسينِنا = فلَما استمرَّ بثغرِنا الترتيلُ !
ولما المآذنُ كبّرَتْ مذْ يومِها! = هذا أقولُ كما الصلاةَ أقولُ
تلكَ الوغى ليسَتْ تفارقُ بالَنا = يبقى لها فينا دمٌ وصهيلُ !
تبقى القَنا وكأنَّها بصدورِنا = ويظلُّ في أُذُنِ الزمانِ صليلُ !
ونسيرُ مَعْ ركبِ الإباءِ حياتَنا = لسْنَا إلى ركبِ الطُغاةِ نميلُ
نبقى نسافرُ مَعْ ظعائنِ كربلا = مُقَلاً تسيلُ ولا هناكَ مَقيلُ
تبقى دماءُ السبطِ تجري مُلهِماً = في كلِّ يومٍ مِن دماهُ سيولُ !
تحمي الولايةَ والولاءَ، وإنّها = إرثُ الرسولِ، وإنّها لَرسولُ !
يا ليتني كُلّي أيادٍ ترتوي = من لمسِ قبرِكَ، ليسَ عنكَ رحيلُ
أو أنّني كلّي شفاهٌ، شغلُها = فوقَ الضريحِ اللثمُ والتقبيلُ
أو أنّني كلّي خُطاً تسعى، وما = بحياتِها إلاّ إليكَ سبيلُ
لهفي على نفسي، جفوتُكَ سيّدي = وعطاءُ نحرِكَ في الحياةِ هطولُ !
لكنْ أحبُّكَ، ليس من قلبٍ بهِ = بعضُ الشذى إلاّ إليكَ يميلُ