وترمّلَتْ أرضُ العراقِ
سنة 2011
أمسِكْ بعشرِكَ يا محبُّ سماكَ = والأرضَ فلْتمسِكْ بها قدماكَ
إنّ الحسينَ بكربلاءَ مُمَدّدٌ = تذروهُ أغلفةُ الرياحِ هناكَ
لا تعجبَنَّ إذا الغيومُ تناثرَتْ = قِطَعاً تفشَّتْ في عيونِ دُناكَ
وإذا جميعُ بني السماءِ تصارخوا = بِاسمِ الحسينِ وزَلزَلُوا مرساكَ
إنّ الحسينَ مضرّجٌ ودماؤهُ = ملَكَت عيونَ الخلقِ في أرجاكَ
أحُسينُ ما لَكَ في القفارِ موسّدٌ = التربُ أرضُك والحِمامُ سماكَ؟
هل ذاكَ زهدٌ في الحياةِ وشدوِها = أم أنّ فقراً مسَّ بعض خُطاكَ؟
أم هل أضلّتْكَ الحياةُ بزينةٍ = ورمتْكَ في أحضانِها برِضاكَ؟
فأتيتَ ترجو توبةً من غيِّها = حاشاكَ من تضليلِها حاشاكَ
بأبي وأمّي يا حسينُ أما ترى = زُمَرَ الملائكِ تلتجي بِعزاكَ
وحمامةٌ قدسيةٌ من حولِكُمْ = تنعاكَ كالثّكلى إذا تنعاكَ
وهناكَ وشوشةٌ بجانبِ صخرةٍ = نملٌ يُعدّدُ ما أصابَ حِماكَ
والصخرُ يلطِمُ رأسَهُ بعزائكُمْ = ويُهِلُّ دمعاً أحمراً بِثَراكَ
والتُربُ حولَكَ ثائرٌ متطايرٌ = حُزناً عليكَ يزلزلُ الأفلاكَ
أحُسينُ ما لَكَ لا تجيبُ مسائلي = ومتى ستنوي أن تقومَ بذاكَ؟
فلقد مللتُ من السؤالِ وأنتَ في = بعضِ البقاعِ ملازمٌ مثواكَ
قد ضقتُ ذرعاً من سكوتِكَ سيدي = هلاّ أجبتَ فديتُ كُلَّ خُطاكَ
هل في سؤالي علّةٌ أم هل تُرى = لا أستحِقُّ إجابةً للِقاكَ؟
أم هل أصابتْكَ الحياةُ بعلّةٍ = فنهتكَ عن نطقٍ بما لاقاكَ؟
أم أنتَ في هذي القفارِ موسّدٌ = لعظيمِ خَطبٍ حلَّ في أعضاكَ؟
هل يا تُرى قُطِعت يمينُكَ أم تُرى = هم قد أجازوا القطعَ في يُسراكَ؟
أم هل أصابَ السهمُ قلبَكَ أم تُرى = قلبَ الوديعةِ شجَّ حينَ أتاكَ؟
أم هل تربّعَ فوقَ صدرِكَ سيدي = شَمِرٌ وأجرى بالظُّباةِ دِماكَ؟
هل قُطّعَتْ (يس) أم هي (هلْ أتى) = أم كوثرُ القرآنِ أم وَدَجاكَ؟
أم هل تصارخَتِ النساء ولُذنَ بال = بيداءِ والنيرانِ أم بِثَراكَ؟
آهٍ أمِ الدارُ التي حضنَتْكَ قد = قتلتكَ غدراً وارتوَتْ بدِماكَ؟
ورماكَ ذا الدهرُ الخؤونُ بسهمِهِ = فأصابَ وجهَ اللهِ حينَ رماكَ؟
يا أيُّها الجسدُ المُرمّلُ أفتِني = فُتَّتْ ضلوعي من طويلِ جَفاكَ
أم هل صحيحٌ أنّ رأسَكَ راحِلٌ = فوقَ السنانِ ويقتفيهِ سناكَ؟
ولأجلِ ذلكَ لم تجِدْ للمُرهَفا = تِ منارةً تهدي الورى بهُداكَ
فأنا عهِدتُكَ مُكرِماً ومُكرَّماً = والهجرُ والإذلالُ من أعداكَ
آهٍ وآهٍ منكَ يا دهرُ ارتقِبْ = خسفاً من الباري الذي سوّاكَ
آذيتَ يا شرَّ الدوابِ شريعةَ ال = إسلامِ ويلٌ لِلّذي يهواكَ
فاكلأْ من النيرانِ غُصنَ مهانةٍ = والبَسْ بقعرِ جهنَّمَ الأشواكَ
يا راهِبَ الأزمانِ قفْ لي لحظةً = إني أتيتُكَ والفؤادُ حواكَ
لا تذهبَنَّ فقد لبِستُ عزائمي = وحملتُ سيفي في سبيلِ فِداكَ
تفديكَ طيبةُ والعراقُ وقريتي = والعرشُ حتى العرشُ من قتلاكَ