مجانينُ الحسين!!!!!
سنة 2011
سجدَتْ بأرضِ الطّفِّ أيّةُ جبهةٍ = فيها تجلّى الوحيُ والتنزيلُ!
هبطَتْ ملائكةُ السّماءِ لخطبِهِ = تبكي، تقدّمَ ركبَها جبريلُ
أهو الحسينُ أمِ الكتابُ على الثرى = ذبحوهُ والآياتُ منهُ تسيلُ!
هدُّوا حِراءَ فخرَّ فوقَ نبيِّهِمْ = وبكى عليهِ المصحفُ المذهولُ
والأنبياءُ بكَتْ حسينًا قبلَما = لفراقِ يوسفَ ناحَ إسرائيلُ
بعدَ الحسينِ غدا التبسّمُ لوعةً = فالوردُ من بعدِ الربيعِ ذبولُ
ريحُ البلاءِ من المصائبِ أعولَتْ = قد ساقَها للطفِّ ميخائيلُ
تروي العقيلةُ زينبٌ عن كربلا = هذي الروايةَ والبكا تحليلُ
ودموعُها تتلو حسينًا آيةً = وعلى لسانِ محمدٍ فَتقولُ:
كلّا إذا ما الطَّفُّ تحتَكَ زُلزِلتْ = زلزالَها ، فهوتْ وكانَ مهيلُ
والناسُ قالَتْ: ما لَها برجالِها = خُسِفَتْ؟ فأخبارًا روى التعليلُ:
فاليومَ تنكدرُ النجومُ وتنفني = والصبحُ من بعدِ الحسينِ يزولُ
واليومَ بُعثرَتِ المقابرُ كلُّها = وخلَتْ وحيُّ فَنائها مأهولُ!
والأرضُ مُدّت والعشارُ تعطّلَتْ = والصّورُ صاحَ فناحَ إسرافيلُ
فإذا الجبالُ إلى الجِنازةِ سُيرَتْ = حتّى أهيلَتْ فالمصابُ جليلُ
وإذا السّماءُ تفطّرت وتشقّقَتْ = فلقد بكاهُ فؤادُها المتبولُ
وإذا الجنانُ إلى السما قد أزلفَتْ = فلأنّ نعشًا للسما محمولُ
وإذا الإذا قد رتِّلَتْ آياتُها = فاعلمْ بأنّ العادياتِ تجولُ
هوَ ذا الكتابُ على التّرابِ ممزّقٌ = فهْو انشقاقٌ ما لهُ تأويلُ!
وَلَوَجْهُهُ شمسُ الجلالةِ كُوِّرَتْ = وعلى الرماحِ لرأسُهُ الإكليلُ
ذبحوا الشريعةَ ثمّ جَزُّوا رأسَها = أتموتُ ظمأى والنّحورُ نُهولُ؟!
ماذا تراهُ يكونُ قد رفَعَ السّما = إلاّ ذراعٌ قطّعتْهُ نُصولُ
هذا حسينٌ بالسيوفِ مزمّلٌ = والخيلُ من فوقِ الحسينِ ظليلُ
ما دثَّروهُ بتربةٍ وهو ابنُ مَنْ؟! = لأَبو ترابَ أبوهُ والتزميلُ
أطفالُهُ بعدَ المعزّةِ شُرِّدوا = بعدَ الدّلالِ الضّرْبُ والتّنكيلُ
ولقد تخلّى كافلٌ عن أهلِهِ = أيزيدُ من بعدِ الكفيلِ كفيلُ؟!
عجبًا لدهرٍ لا يصونُ عهودَهُ = يُقصي الأميرَ فيُرفعُ المجهولُ
كهفُ النّساءِ العنكبوتُ أحاطَهُ = وغشى دُخانٌ والخيامُ طُلولُ!
فخيامُهُ بعدَ التلاوةِ أحرقَتْ = لم يبقَ إلاّ أنَّةٌ وعويلُ
ماذا أعدِّدُ من مصائبِ كربلا؟! = مهما أعدّدُ فالكثيرُ قليلُ!!!!!
ويشيبُ منها الطِّفلُ فهْيَ قيامةٌ = من هَولِها يومُ المَعادِ مَهولُ
وتفرُّ منهُ المُرضِعاتُ عن ابنِها = لكنْ وليسَ إلى الفِرارِ سبيلُ
لمّا اتّخذتُ منَ الحسينِ مدينةً = منعوا الدخولَ فليسَ ثَمّ دخولُ
فهززْتُ جذعَ الهمِّ حتّى أَسْقطَتْ = همًّا عليَّ وللهُمومِ هطولُ
ويجودُ دهري بالمصائبِ والبلا = عجبي يجودُ عليَّ وهو بخيلُ
وأصومُ حتى لا أذانَ فأستقي = ويؤذنَ الجلادُ وهو يَكيلُ ..
سوطًا على كبدي وسوطًا تحتَهُ = فأميلُ والجلادُ ليسَ يميلُ
وأزيدُ أأكلُ بالهمومِ فأغتدي = جسدًا من الأثقالِ وهو نحيلُ
ويصبُّ تحتي النّهرُ يجري ماؤه = وأغوصُ فيهِ وما إليهِ وصولُ!
ياااااااقصّةً للطَّفِّ تروي سورةً = هي للحسينِ الكوثرُ المطلولُ
مدنيةٌ في كربلاءَ تنزّلَتْ = أوحى بها طفٌّ فجادَ جليلُ
يا أيّها المزّمّلُ انهضْ رتِّلِ ال = قرآنَ أنتَ الذّكرُ والترتيلُ
إنّا عليكَ غدًا سنلقي من أسى ال = حوراءِ قولاً يا حسينُ ثقيلُ
فغدًا ترى عندَ النّهارِ مصائبًا = ويكونُ سبْحٌ في الغداةِ طويلُ
فاصبِرْ على ظلمِ الطغاةِ وقولِهِمْ = واهجرْ فهجرُ الظالمينَ جميلُ
وكأنّما التأريخُ عادَ بكربلا = إذ باءَ فيهِ بإثمِهِ قابيلُ
إنّا نقصًّ عليكَ أحسنَ قصّةً = للبعثِ يرويها أسًى ورحيلُ
فاسمعْ حكايا كربلاءَ ونُحْ لها = واصبِر عليَّ ففي الفصولِ فصولُ
نصحَ الطّغاةَ وأمَّهُمْ بصلاتِهِ = وعليهِ صلَّى صارمٌ وصليلُ
وعدَتْ سراياهُمْ تدوسُ بصدرِهِ = جُنَّتْ بهِ خيّالةٌ وخيولُ
وطأتْ تفرُّ لصدرِهِ من خصمِهِ = بحماهُ فهو الفعلُ والمفعولُ
حطّتْ تقولُ لتستميحَكَ عذرَها = لا حولَ إذ سقطتْ ولا تحويلُ
وتقولُ: عفوُك يا حسينُ فإنّنا = نرجوكَ جئنا والرجاءُ خجولُ
أَوَ مُتَّ ظامٍ والعيونُ مناهلٌ = والغيمُ ساجٍ والسحابُ هَمولُ؟!
صلى عليكَ اللهُ يا تاجَ الورى = والناسُ والقرآنُ والإنجيلُ
بأبي الذي ما قطّعوهُ فكاملٌ = فهو الإمامُ وللنبيِّ سليلُ
الرأسُ رتّلَ والمفاصلُ سجّدًا = والنّحرُ صلّى والعيونُ سَجولُ
وحسينُ مهما قطّعوهُ فآيةٌ = والنّونُ فيها الشرحُ والتفصيلُ
صلبوهُ وهمًا في الطفوفِ فإنّه = عيسى ، ولم يمسَسْهُ عزرائيلُ
هو ليسَ يخشى البينَ فهوَ مليكُهُ = وهو الخلودُ وسيفُهُ المسلولُ
أحياه ربُّ الناسِ بعدَ مواتِهِ = كعُزيرَ يبعثُه المهيمنُ إيلُ
من بعدِهِ الإسلامُ باتَ مقطّعًا = فهوَ الديانةُ أفرعٌ وأصولُ
بدرُ الهواشِمِ غابَ فانطفأَ الضّيا = والليلُ ليسَ يُضيئهُ القِنْديلُ
يا أيّها الحجرُ اللعينُ فجعتَني = مُذْ صَوّبَتْ رأسَ الهُدى سجّيلُ
ورميتَ أصحابَ الرسولِ وأهلَهِ = وزعمْتَ أبرهةً هو المقتولُ
همّوا لهدِّ البيتِ ويكَ ألم ترَ = كيف الفعالُ فكيدُهُمْ تضليلُ؟!
حسبوا بعزلِكَ بدَّلوكَ وإنّما = بعدًا لهم أن يستوي التبديلُ
فلَذي الحياةُ معَ الطغاةِ تبرّمٌ = والذارياتُ معَ الحسينِ بَليلُ
وَلبيتُ سيّدِهِم مداسُ عبيدِهِمْ = والعبدُ في بيتِ الحسينِ عقيلُ
كم ماتَ من ورقٍ بغصنٍ يانعٍ = وتموتُ شامخةَ الرؤوسِ نخيلُ
ويريد ربّي أن يتمّمَ نورَهُ = حتى وإنْ حجبَ الصباحَ خميلُ
فاللهُ نزّل ذكرَهُ وهو الّذي = حفِظَ الحسينَ فذكرُهُ موصولُ!
في كلِّ يومٍ للحسينِ مآتمٌ = وبكلِّ أرضٍ للرّبيعِ سُهولُ
واللهِ لن يمحوكَ من أحشائِنا = إن أهدروا دمَنا فسوفَ يسيلُ
ويخطُّ فوقَ الأرضِ توقيعَ الولا = إنّا لَعُشّاقُ الحسينِ يقولُ
وعلى بِقاعِ الأرضِ يرسمُ لوحةً = يحكي معالمَها الدّمُ المنحولُ
فيها فَناءٌ خالدٌ وكواكبٌ = فيها الرّمالُ وشاطئٌ وخيولُ
حمراءُ من نحرِ الدّماءِ تلوّنَتْ = خضراءُ أنبتَها الغدُ المأمولُ
بيضاءُ من شمسِ الحسينِ ضياؤها =سوداءُ من ليلِ الهموم تَحولُ
ينسابُ منها النّورُ يُذهلُ رسمُها = هاتيكَ فرسانٌ وتلكَ نخيلُ
من تحتِها التأريخُ يحفرُ قِصّةً = وحصادُها الأمجادُ فهي فُصولُ
هي لوحةُ الإلهامِ وهي رسالةٌ = ستظلُّ نهجًا والحسينُ رسولُ!
يا أهلَ بيتِ اللهِ ، ربّي إنّما... = لَيريدُ أن يُحْيي الفناءَ قتيلُ!!
في بيتِكم أذِنَ الإلهُ بإسمِهِ = أنْ يُرْفَعَ التسبيحُ والتّهليلُ
إن كان ربّي قد أحبَّ محبَّكم = وقلا بغيضَكُمُ وذا منقولُ
أفكيفَ لا نبنيهِ فينا مأتمًا = ويهيمُ فيه عزاؤنا المخبولُ؟!
إنّا مجانينُ الحسينِ جنونُنا = قد أسّسَتْهُ محاجرٌ وعقولُ
فالعقلُ مفطورٌ على منهاجِهِ = وعلى هواهُ فؤادُنا مجبولُ
سنظلُّ نحنُ بكلِّ أرضٍ شيعةً = وروافضًا فسبيلُنا المقبولُ
نرويهِ تأريخًا ونرسمُ لوحةً = فهداهُ شمسٌ والإباءُ حقولُ
ونظلُّ نختصرُ الخصالَ بشخصِهِ = مهما اختصرْنَا فالحديثُ جزيلُ
عجزَتْ بحورٌ أن تُحيطَ مُحيطَهُ = فشكا قصيرٌ واستضاقَ طويلُ
ويحارُ فيه الشّعرُ معْ أغراضِهِ = يرثي الرّثاءُ ويمدحُ التفضيلُ
فالأرضُ تشهدُ والسّماءُ وكربلا = وعليكَ نهرٌ شاهدٌ وصقيلُ
كلُّ الجباهِ على ترابِكَ سُجّدًا = ترنو إليكَ وترتمي وتميلُ
ولقد غدوتَ سفينةً لنجاتِنا = فالكونُ نهرٌ والهدى الأسطولُ
وغدا ضريحٌ أنتَ ثاوٍ تحتَهُ = للنّاسِ بيتًا بابُهُ التّقبيلُ
في الذّكرِ أنتَ الشّمسُ أنتَ هوَ الضّحى = ويزيدُ لَهْوَ الكافرونَ الفيلُ
سيظلُّ يلعنُهُ الزّمانُ بأسرِهِ = ويسبُّهُ جيلٌ ويشتمُ جيلُ
والكونُ يبكي للحسينِ وينحني = ويحيطُهُ التمجيدُ والتبجيلُ!
ويظلُّ موتُكَ خالدًا ويعيشُنا.... = ويظلُّ مع قُبْحِ المصابِ جميلُ !!!!