ضوءٌ... وقلبي مرايا
سنة 2011
عَبّدتُ دَرْبَ الرّوحِ نحوَ رؤاكا = ومَضَيْتُ أملأُ جَرّتي بِسَناكا
عَطْشَى يُطارِحُني الحنينُ كأنّما = نارٌ تطارحُ لجةً بِمَداكا
ما كانَ يُدْرِكُني التّصَبّرُ كيفَ لا = أُلقِي بِنَفْسِيَ في عُبابِ هَواكا
أطْفُو وموجُ الذّكرياتِ يَهُزّنِي = كالطّفلةِ الوسْنى بِمَهْدِ أسَاكا
وأغوصُ تتبعُني اللآلئُ نَجْتَلِي = سرًا حميمًا كَنّ في مَعْنَاكا
المَدُّ جاءَ بِلَهْفَتِي أمْ لَهْفَتِي = جاءتْ كَمَدٍّ تستعيرُ خُطَاكا
قَرِّبْ ضِفَافَكَ تَسْتَرِيحُ نَوارِسِي = التّعْبَى وأشْرِعُ للغناءِ صَدَاكا
ضَاقَتْ بِها الآفاقُ إلا فُسْحَةً = للِّانِهايةِ منْ طُفُوفِ إِبَاكا
مَشْغُولَةٌ بِالحُلْمِ تَنْسُجُ وَحْيَها = تَنْسابُ خَارِجَ ذاتِها لِتَرَاكا
بَلْ خارجِ الأُطُرِ العَتِيقةِ = لم يَعُدْ زَمنٌ ولا أرضٌ بِوِسْعِ أَنَاكا
فَتْلامِسُ الحُزنَ الذي يَمْتَدُّ مِنْ = أقْصَى الحَيَاةِ .. وكَونُها عَيْنَاكا
حيثُ انْعِتَاقُ الضّوءِ أَشْعَلَ رُوحَها = حتّى تَكَسّرَ لَيلُهَا بِضُحَاكا
يُغْرِي بِها وهَجُ الخُلُودِ يَشُدّها = ذاكَ الذي في عَاشِرٍ أغْرَاكا
العِشْقُ يَرْسِمُ ما انْمَحَى فِي لَوحَةٍ = ما كانَ يُبْدِعُ مِثلَها إلّاكا
ذَبُلَتْ بِها الألوانُ جَفَّ بَريقُها = فَشَرَعْتَ تُنْدِي لَوْنَها بِدِمَاكا
وكأنّما خَفَقَتْ بِأنفاسِ الحَيَاةِ = بِنَفْخَةٍ مِنْ عُنْفُوانِ نِدَاكا
يا كَفّ بَدْرٍ .. فِي مَجَرّةِ ثَوْرةٍ = كانتْ تُرَتّبُ حَولَكَ الأفْلاكا
يا صَبْرَ سُنْبُلَةٍ .. تَفَرّطَ دَمْعُهَا = قَمْحًا ليُبْذَرَ في حُقُولِ جَوَاكا
يا جُرْحَ وَرْدٍ .. كَمْ رَوَيْتَ عُرُوقَهُ = فانثالَ شَلّالًا ببوحِ شَذَاكا
يا قُرْبَةَ الأحلامِ .. أُهْرِقَ نَبْضُها = والسّهْمُ يا ماءَ الحَيَاةِ سَقَاكا
يا خَوْفَ نَرْجِسَةٍ .. تَنَاثَرَ يُتْمُهَا = تَبْكِي لأنّ بُكَاءها أَبْكَاكا
مازالَ يَذْرَعُنِي النّداءُ كَمُهْرَةٍ = يَرْتَدُّ عنْ تِصْهَالِهَا عُتْبَاكا
مازالَ يَسْكُنُنِي يُؤَثّثُ فِكْرَتِي = أوَليسَ ذاكرةُ الهَوى سُكْنَاكَا
مازالَ مقدودًا قَمِيصُ قَصَيدَتِي = هلّا رَتَقْتَ حُرُوفَها بِعُرَاكا
تَفْنَى بِكَ الأَرواحُ تَفْتِلُ خَيْطَها = المَعْقُودَ بِالأهْواءِ كي تَحْيَاكا
فالموتُ بَيْنَ يَدَيْكَ طَأْطَأُ صَامِتًا = لكأنّهُ لِجَلالِكَ اسْتَحْيَاكا
والخُلْدُ تَوّجَكَ المَليكَ فَما يَرى = بَطَلًا يَلِيقُ بِخَافِقَيهِ سِوَاكا
لما تَرَكْتَ الخَلْقَ طرًا سَيّدي = اللهُ فِي عَيْنَيهِ قَدْ آوَاكا
لكَ يا حُسْينُ يَسِيرُ شَوقِيَ حَافِيًا = آنَسْتُ نَارَ الوجْدِ فِي نَجْوَاكا
ها أنتَ ضوءٌ في مرايا خافقي = هلا فَلَقْتَ سَديمَها بِعَصَاكا
قَدْ فًتّحَتْ أَبْوابُ وَصْلِكَ سَيّدِي = أَ أعودُ مُنْحَطِمُا بِغِيرِ لُقَاكَا ؟
أَ تُغَلّقُ الآمالُ دونِيَ دُلّنِي = يا خَافِقِي .. أُوّاهُ مَا أَشْقَاكا !
خُذْنِي فَما بَينِي وبَيْنَكَ دَمْعَةٌ = وكأنَّ مَا بينَ الدّموعِ رُقَاكا
خٌذني على مَهَلٍ أتيتُكَ مُوجعًا = بلْ كلُّ ما بي مِنْ هُداكَ.. أتَاكا
وسأسكبُ الولَهَ المُضَمّخَ في دَمِي = دررًا.. فراشاتٍ تُدلِّهُ ..هَاكا
لو أسْتَشِفُ الحاءَ.. لو أدنو بِما = في لوعتي.. لو أدّلي بِرِضَاكا
ذَرْنِي لأملأَ جَرّتِي بِسَنَاكا = وأَمُرُّ مَرَّ سَحَابَةٍ بِسَمَاكا
وكَما مَواعِيدِ الغَرامِ أبُوحُها = لكَ حِينَ أُصْعَقُ في الوصَالِ فِدَاكَا