كربلاءُ .. سدرةُ العزِّ
سنة 2011
تَمرُّ بيَ الذكرى فأستلهمُ الذكرى=صلاةً تعيدُ الفجرَ في أفقِهِ فجْرَا
وآتيكَ من أقصى ابتهالاتيَ التي=أهالَتْ عليكَ الشوقَ هائمةً سَكْرَى
وأدخلُ محرابَ الفجيعةِ علّني=أقوّمُها وزناً وأجبرُها كَسْرَا
تضوّي سماءَ الجرحِ روحي فأنحني=لأشبعَهُ لثماً وأسبرَهُ غَوْرَا
وتضْوي ليالي ( الأربعينَ ) مواجعي=وترجعُ ، لم تطفئْ ( لياليَّكَ العشْرَا )
وألقاكَ حيثُ القلبُ عانقَ ( سهمَهُ ) =فأورَقَتِ الأحلامُ من نزفهِ زهْرَا
كقلبِكَ ( يومَ الطفِّ ) قدّمتُ خافقي=إلى مذبحِ الآلامِ يوسعُهُ نحْرَا
وما غيرُ قلبي صُغْتُ محبرةً ومَا =سوى نبضهِ المحزونِ أنزفُه حِبْرَا
هُوَ الحزنُ لمْ أنظمْهُ إلاّ مشعّباً=بثلثينِ من قلبي ولم ينتظمْ شعْرَا
فخُذني ( أبا السجَّادِ ) خُذني حمامةً=تلهَّتْ بِها ريحٌ فلاقتْ بكَ الوكْرَا
وأشرعْ أمامي نهرَ عزٍّ فلم تزلْ=مجردةً ، روحي لكي تعبُرَ النهْرَا
وهاكَ استلِمْني بينَ كفَّيكَ طينةً=مِنَ الحمأِ المسنونِ ، كي أغتدي درّا
وهَبني منَ المصباحِ لمحَ فتيلةٍ=يرافقُني درباً ويرشدُني مسْرَى
و (هيهاتَ منّا الذلُّ ) أطلقتَها فما=سقتْ في دمي نبضاً ولم ينطلقْ حُرَّا
وحسبي إذَا ما متُّ في الحبِّ أنّني =أضيفُ إلى عمري كما أشتهي عُمْرَا
وأذكرُ أنّي حينَ أوقفَني أبي=على جرحِكَ استوطنتُ محرقتي الكُبْرَى
وقفتُ ولكنْ أوهَنَ الحزنُ كاهلي=فمرّتْ بيَ الأيامُ محدودباً ظهْرَا
قد استوطنتْ روحي أعاصيرُ وحشةٍ=ورجفةُ ريحٍ تنفثُّ الهمّ والقهْرَا
وكانتْ خيوطُ الوعيِ تُفْلِتُ من يدي=فليسَ سوى قلبي وأسئلةٍ حيْرَى
تُرى هل ستكفيكَ السواعدُ ضمةً=وقد جئتَ لا رأسًا حملتَ ولا صدْرَا ؟!!
فيا مُجريَ الوجدانِ في روحِ أمةٍ=بِها انسدَّ مجرَى الضوءِ فاستُنزفَ المجْرَى
أمِطْ عنْ مُحيّا ( كربلاءَ ) لثامَهُ=ودعْ صورةَ الأمجادِ مكشوفةً سِتْرَا
هيَ سِدرةُ العزِّ التي انغرستْ فلَمْ=يسَعْها الردى يوماً ولم يرتفعْ قدْرَا
فقدِّمْ كما تهوى روائعَكَ التي=تآخَتْ معَ الدُّنيا وصادَقَتِ الدّهْرَا
وعلِّقْ مصابيحَ الكرامةِ ، علّها=إذَا ذلّتِ الأجيالُ أن تفهمَ السرّا
ويحيا بِها ( العبّاسُ ) إذْ حلّقَتْ بهِ=سجاياهُ ، لا يُمنىً ترفُّ ولا يُسرَى
و( زينبُ ) إذ أهوتْ على نبتِ حاقدٍ=تفتُّ بهِ عضْداً وتهوي بهِ قَبْرَا
روائعُ منذُ ( الطفِّ ) شقّتْ قماطَها=إلى الآنَ لمْ تبرحْ محامدُها تتْرَى
هيَ اللوحةُ الأسْمَى التي صاغَهَا دمٌ=فأوحتْ إلى الأذهانِ من نبضِهَا فكْرَا
وها إنّني من ألفِ نارٍ تسومُني=حنيناً ، إلى لقياكَ أستبطنُ الجمْرَا
تَمزّقتِ الأكفانُ عنّي وها أنَا =نَهَضْتُ إلى ذكراكَ منقلِباً حشْرَا
وجئتُكَ في مليونِ سطرٍ ، مولَّعاً=أخطُّ هنَا سطراً وأمحو هُنا سَطْرَا
إلى أنْ نسيتُ فوقَ زندَيْكَ خافقي=ليقضي على زندَيْكَ من لهفتي وطْرَا
وينمُو على مرِّ المدَى ياسمينةً=تهرِّبُ للأجيالِ من نفحِها عطْرَا
وتروي حكاياتِ الإباءِ زكيّةً=تخلّدُ معنَى الحبِّ في خاطري ذِكْرَا
وحُلْمي : تكفُّ الريحُ عن كلِّ صرخةٍ=على شرفةِ الأيتامِ ، تملؤهُمْ ذُعْرَا
وتُرْجِعُ للأعشاشِ أطيارُهَا التي=تناءَى بِها الترحالُ فاستوحشَتْ هَجْرَا