رأيتُكَ في عالمٍ بالخيالِ
سنة 2011
إذا لم أوارَ بوادي السلام = فمنكَ الشفاعةُ يومَ القيام
فإني خدمتُكَ منذ الصبا = وأُثْمِلْتُ عشقَكَ حدَّ الغرام
وزرتُكَ في قبرِكِ الأبلجِ = وعفَّرَ خدَّيَّ ذاكَ المقام
ولم أنسَ ما نِلت من مُرزئٍ = وحتى إذا غطَّ جفني ونام
فأنتَ الوسادُ وأنتَ السهادُ = وأنتَ الرغادُ وأنتَ المنام
ولا ضيرَ قوليَ فيما ابتليت = عجيبٌ مصابُكَ يبنَ الكرام
فمَنْ كالحسينِ قضى بالظمى= تجرَّعَ ذبحاً مذاقَ الحِمام
شهيدٌ إلى اليومِ نبكي عليهِ = أتتْهُ الشهادةُ من ألفِ عام
ذبيحٌ بلا رأسِ فوقَ الثرى = أطاحَتْ دماهُ عروشَ النظام
رأيتُكَ في عالمٍ بالخيالِ = عليكَ أحاطَتْ جيوشُ اللئام
بجسمٍ ثخينٍ من الطاعنينَ = أُعِدَّتْ بألفٍ ودونَ السهام
تنادي سقوني بماءِ المعينِ = أو استعجِلوني بموتٍ زؤام
وزينبُ تنخاكَ من تلةٍ = أخي إن تكنْ تستطيعُ القيام
فقمْ يبنَ أمي لذَوْدِ الحمى = فهذي الخيولُ بوسطِ الخيام
فقمْتَ ثلاثاً لنجدِ الخِبا = وخرَّيتْ بالآهِ فوقِ الرّغام
فجاءَكَ شمرٌ بصمصومِهِ = وترجوهُ كشفاً لذاكَ اللثام
وما إنْ بدا الوجهُ من مقبحٍ = إذا قلتَ كالكلبِ قلَّ الذمام
وكبَّرتَ مذ لاحَ في برصِهِ = وناديتَ: طهَ صدقْتَ الكلام
فأغضاهُ ما قيلَ ثم استشاطَ = إلى أن تربَّعَ فوقَ الإمام
يحزُّ الوريدَ لحدِّ الوريدِ = وأدلى برأسِهِ فوقَ الحسام
وعادَ المطهّمُ نحوَ الخيامِ = لزينبَ يدعو الظُّلامَ الظُّلام
ورُضَّتْ صدورٌ بها قُلِّدَتْ = لطهَ مِنَ اللهِ عِظمُ الوسام
وزينبُ أُسلِبَ جلبابُها = وصيوانُها فيهِ نارٌ ضرام
تنادي ومن يستسيغُ الكلامَ = بُعيد الذي في يديهِ الزمام
فراحَتْ تُنخَّي بصرخاتهِا = أباها عليَّ الهِزَبْرَ الهُمام
أبي لو تراني بمهزولةٍ = أناديكَ ترضى علينا نضام؟
فقمْ يا عليُّ وذرَّ الترابَ = فما ظلَّ حِلٌ لنا أو حرام
وسيقَتْ بناتُكَ سَوْقَ الإماءِ = إلى ابنِ زيادٍ وثمَّ الشئام
أبَعدَ الذي قيلَ منّي هنا = نقولُ الحسينُ أرادَ الصِّدام ؟
فمَنْ كالحسينِ علا أو سما ؟ = تغنَّتْ دماهُ بلحنِ السلام
ذبيحٌ بِحرِّ العرا بالفلا = على صدرِهِ كانَ طفلٌ ينام
كزيتونِ غصنٍ بدا نحرُهُ = فللهِ مِنْ والدٍ أو غلام
كإبريقِ فضَّةِ كانَ الوريدُ = ويزهو ضياءً بجنحِ الظلام
فصبراً بني فاطمٍ بالأذى = لما رامَكُمْ من كروبٍ جسام
وفي آخرِ القولِ عندَ الختام = عليكُمْ من اللهِ أزكى السلام