ماءٌ ليسَ كالمياهِ
سنة 2011
عصفَتْ بقافيةِ القريضِ نوائبٌ = وتمايلَتْ كتمايلِ الأغصانِ
ويمورُ بالألمِ المخبَّأِ في الحشا = كمدٌ القريضِ كثورةِ البركانِ
وتهبُّ ريحٌ صرصرٌ بمدامعٍ = بكَتِ الحسينَ بلوعةِ الحرمانِ
وانشقَّ من جوفِ الفراتِ نَمِيرُهُ = متمرّدًا في جرفةِ العصيانِ
متوشّحًا بمَهينِ ماءِ جهنّمٍ = وصديدِ جدولِها من الشنآنِ
وطمى بفلسفةِ الجياعِ وسغبِهم = متحدّيًا عطشَ الحسينِ الضّانِ
متوعدًا بالموتِ نجلَ محمّدٍ = عطشٌ وهاجرةٌ مِنَ الطُّوفانِ
خلقَ الإلهُ من المياهِ عوالمًا = وطبيعةُ الأمواهِ تُحيِي الفانِي
عجبًا لهذا الماءِ يجحدُ ذاتَهُ = متنصلاً من كُنْهِهِ الريَّانِ
مترصّدًا نبعَ الحياةِ وسرَّهُ = وحضارةُ الإنسانِ في الإنسانِ
هوَ ماءُ منفردٍ بخبثِ سلالةٍ = وسلالةٌ زُمَّتْ مِنَ العدوانِ
هوَ ليسَ كاليمِّ المسالمِ سابحًا = حملَ الرضيعَ برأفةِ التّحنانِ
وكذاكَ هاجرُ بينَ مروةَ والصّفا = سَعَتِ الأمومةُ في خُطا الولهانِ
فتفجّرَ الماءُ المَعينُ بلهفةٍ = ليروّيَ الأحشاءَ من ظمآنِ
وبعكسِ موقفِها هنالكَ نبلةٌ = عبرَتْ حدودَ مضايقِ الأزمانِ
وتوجّهَتْ بقساوةٍ قرشيةٍ = لتبتَّ نحرَ رضيعِهِ الوسنانِ
فأفاقَ من جمرِ المُصابِ بحرقةٍ = مزَقَ القماطَ بشهقةِ الرضعانِ
فقضى صريعاً دونَ ماءٍ هازئاً = بسياسةِ التعطيشِ والإذعانِ
أبذاكَ يُجزَى مَنْ أبوهُ في غدٍ = بيديهِ يسقي كوثرَ الرحمنِ؟
أوَ ما قرأتَ اليومَ سيرةَ عاشقٍ = عشقَ المنيّةَ في رحَى الميدانِ
وسما بعزَّةِ نفسِهِ ونضالِهِ = متساميًا في دوحةِ العرفانِ
فأقولُ للماءِ اغتسلْ يا ماءُ مِنْ = دَنَسٍ ومِنْ حقدٍ ومِنْ أدرانِ
فلعلَّ يومَ الحشرِ تحظى رحمةً = وتفوزُ بالجنّاتِ والغفرانِ