هــــلَّ الــهــلالُ مــؤذِّنـاً
لـمـحـرمِ بـــادٍ كـثـغـرِ الـضـاحـكِ
الـمـتبسمِ
فـعـجبتُ مــن هـذا الـهلالِ
وأمـرِهِ ولِـمَ الـتبسمُ في المصابِ
الأعظمِ
فـأجـابني ضــوءُ الـهلالِ ونـورُهُ
ال مـنسابُ مـثلُ الـقطرِ فوقَ
البرعمِ
هــذي ظـعونُ الـعاشقينَ
تـوافدَتْ صـوبَ الـطفوفِ بـشوقِها
الـمترنمِ
تـمشي وتـحفرُ فـي تـرابِ
دروبِـها كـالقيدِ يـحفرُ رسـمَهُ فـي
المعصمِ
فـانظرْ لـهذا الـرسمِ أصـبحَ
مـنهجاً يـمـشـيـهِ كــــلُّ مُــولّــهٍ
ومــتـيّـمِ
وانــظـرْ لـبـقـعةِ كــربـلاء
تـوسُّـماً فـبـهـا سـتـنـظرُ آيـــة َ
الـمـتـوسِّمِ
وسـلِ الـحسينَ إذا وصلتَ
ضريحَهُ ونـزلتَ ضـيفاً فـي عـرينِ
الـضيغمِ
هــل هـذهِ الأرضُ الـتي لـم
تـروِها إلا زكــاةُ الـنـحرِ مــن فـيضِ
الـدمِ
وأديــمُــهـا وتــرابُـهـا
وصــخـورُهـا هـي مـن بـقايا صـدرِك َ
الـمتهشمِ
هـل هـذهِ الأرضُ الـتي فـي
حضنِها تـعـلـو الـرمـاحُ بـرأسِـكَ
الـمـتعممِ
هـل هـذهِ الأرضُ الـتي مـن
بـأسِها فـطـموا رضـيعكَ سـيّدي
بـالأسهمِ
هـــل هـــذهِ الأرضُ الـتـي
نـيـرانُها لــــم تـبـقـيـنَّ إلــيــكَ أيَ
مـخـيـمِ
وإذا وقـفـتَ عـلـى الـمـقامِ
تـفكّراً لـتـجولَ فـيـهِ بـنـظرةِ
الـمـستفهمِ
وقـــفَ الــزمـانُ بـكـربـلاءَ
مـبـجِّلاً هــذا الـغريبُ الـفاطميُّ
الـهاشمي
يبلى الزمانُ وليسَ يبلى عشقُ
منْ قـهـرَ الـزمـانَ بـعـشقِهِ
الـمـتقادمِ
فـانـظـرْ لــجـدرانِ الـمـقامِ
كـأنَّـها مـبـنـيةٌ مـــن صـــدرِهِ
الـمـتـحطِّمِ
وكـــأنَّ شُــبّـاكَ الـضـريـحِ
مُـعـتّقٌ ومُــطــرّزٌ مـــن ثــغـرِهِ
الـمُـتـثلّمِ
والـقـبة ُ الـصـفراءُ فــوقَ
ضـريحِهِ شـمسٌ لـقد وُضِـعَتْ كفصِّ
الخاتمِ
وانــظـرْ مـنـارَتَـهُ تُــداعـبُ
كـفُّـهـا رأسَ الـغـيـومِ الـسـابـحاتِ
الـهُـيَّمِ
إذ تـسـتـظلُّ بـهـا الـحـمائمُ
رهـبـةً مـــن أن يـظـلِّـلُها جــنـاحُ
الـهـيثمِ
حـتـى الـمـصابيحُ الـتي قـد
عُـلِّقَتْ فـــوقَ الـمـقـامِ تــلألأَتْ
كـالأنـجمِ
سـتـقولُ يـا عـجبَ الـزمانِ
لـكربلا أوَ لَـمْ تـكوني الأمـس مـثلَ
جـهنمِ
هُـوَ ذا الـحسينُ فأينَ من ساروا
لهُ مــا بـيـنَ مـخـتصمٍ وبـيـنَ
مُـزَاهِمِ
فـأجابني الـتاريخُ هـا هُـمْ قد
مَضَوا ورفـعـتُ عـنـهُمْ رايــةَ
الـمستسلمِ
عــبــدوا يــزيـدَ ومــالَـهُ
ومـقـامَـهُ والــعــابـدونَ لــغــيِّـهِ
الـمُـتـصـنّمِ
مـضَـتِ الـجيوشُ وبُـدِّدَتْ
أعـدادُها وقـــصـــورُهُ بــتــصـدُّعٍ
وتـــهــدمِ
أيــن الـثـرى مـن جـسمِهِ
ورمـيمِهِ أم مـــنْ يَـجـودُ بـدمـعةِ
الـمـترحِّمِ
قـتـلوا الـحسينَ لـعلَّهم لـم
يـعلموا وُلِـــدَ الـحـسـينُ مــجـدّداً
بـمـحرمِ
هــو فُـلْـكُ نــوحٍ حـينما قـد
عـلّقوا آمـالَـهـم سَـفَـهـاً بــركـنِ
الـظـالمِ
الـيـومَ أمــرُ اللهِ حــلَّ ومــا
لَـهُـمْ عــن أمــرِهِ وعـذابِـهِ مــن
عـاصمِ
ثـــارَتْ دِمـــاهُ كـأنَّـها بـحـرٌ
وهُــمْ غــرقـوا بـلُـجّـةِ مـوجِـهِ
الـمـتلاطمِ
أبـــلاهُــمُ الــتـاريـخُ حــتّــى
أنــــهُ فـرعونُ مـوسى جـسمُهُ لـم
يُعدَمِ
رأفَ الـزمـانُ بـنـا فـما أبـقى
لـهُمْ أثــــراً يــحــزُّ بـجـرحِـنـا
الـمـتـألِّمِ
هُــوَ ذا الـحـسينُ أراهُ حـيّـاً
واقـفـاً وهــو الـقتيلُ عـلى رفـاتِ
الـظالمِ
هُوَ ذا الصراط ُ المستقيمُ ومَنْ عل يــهِ يـسـيرُ بـيـنَ مـثـبَّتٍ
ومُـدَمْـدَمِ
والـكـوثرُ الـعـذبُ الـزلالُ ومَـنْ
إل يـــهِ يـسـيرُ بـيـنَ مـؤخَّـرٍ
ومُـقـدَّمِ
حـسـبوا بـقـتلِكَ نـصرَهم
وتـوهَّمُوا ضـحـكَ الـزمـانُ لـغـفلةِ
الـمـتوهمِ
سـقطَ الـقناعُ وبـعدَهُ أسـطورةَ
ال نـصرِ الـمؤزَّرِ وهـو مـحضُ
مـزاعمِ
أكـذوبةَ الـنصرِ الـتي لـيسَتْ
سوى نـصـرٍ تـحـقَّقَ فــي خـيـالِ
الـواهمِ
مـــرَّتْ بـمـرفـأِ كـربـلاءَ
وأبـحـرَتْ سـفـنُ الـسـنينِ بـحزنِها
الـمتراكمِ
والـيـومَ قــد بــزغَ الـضياءُ
لـتنجلي شـمـسُ الـحـقيقةِ بـعدَ دهـرٍ
غـائمِ
فاستيقظَتْ كلُّ الشعوبِ
وشاهدَتْ يــا كـربـلا لِـمَـنِ انـتـصارُكِ
يـنتمي
وقـفَتْ عـلى أوهـامِهِمْ كـلُّ
الـشع وبِ وخـاطَـبتْهُمْ يــا عـبـيدَ
الـدرهمِ
الـيـومَ مــن عـضَّ الأنـاملَ
حـسرةً لا تـنـفـعـنّـكَ عـــضّــةُ
الــمـتـنـدمِ
عـجـبـاً فـــإنَّ الـقـاتلينَ إلـيـهِ
قــد هُــزِمـوا وإنَّ قـتـيـلَهم لــم
يُـهـزمِ
الــحــقُ يُــعـلـي أهــلَـهُ
بـسـمـائِهِ والـجُـرمُ يُـقـبَرُ فـيهِ ذكـرُ
الـمجرمِ
كَـلْمى تـمرُّ بـيَ الـسنينُ
وأمـتطي الأحــــلامَ دونَ عـنـانِـهـا
والألــجـمِ
وأجـولُ فـي فَـلَكِ الـفجيعةِ
سـابحاً كـالعقلِ يـسبحُ فـي فـضاءِ
الـحالمِ
يــومَ الـحصادِ بـعاشرٍ مـاذا
عـسى غـيرَ الـدموعِ حصادُها في
موسمي
بـكتِ الـعيونُ عـليكَ فـيضاً من
دمٍ والـشـيبُ أشـرقَ بـعدَ لـيلٍ
مـظلمِ
وعـجزتُ مـن حزني أبوحُ
وأشتكي فـجعلتُ حـسْراتي لـسان َ
تـكلُّمي
ولـقـد رسـمـتُكَ والـطفوفَ
بـلوحةٍ ويـدي بها عشقي، وقلبي
مرسمي
فـأحـلتُ رمـضـاءَ الـطفوفِ
جـنائناً وكـسوتُ عـاري جـسمِكَ
المتهشمِ
وجـعـلتُ مــاءَ الـنـهرِ يـنـبعُ
دافـقـاً مــن بـينِ كـفِّكَ كـالرحيقِ
الـبلسمِ
ونـزعـتُ أهـدابـي وفـيـكَ
زرعـتُـها ورداً بــمـوقـعِ نــابـتـاتِ
الأســهــمِ
أرجـعتُ خـنصرَكَ الـتي بُـتِرتْ
وقد طـوّقـتُـهـا يــــا ســيـدي
بـالـخـاتمِ
ورويتُ طفلكَ سيدي ورسمتُ
في وجــنــاتـهِ إشـــراقــةَ
الـمـتـبـسِّمِ
وجـعـلـتُ نــيـرانَ الـخـيـامِ
جـنـائناً مــن وحــيِ بـابلَ صُـغْتُها
كـالمعْلَمِ
وجعلتُ حولَكَ منْ تشاءُ من
الورى فـيـهـا ابــتـداءً بـالـرسولِ
الأكــرمِ
ومسحتُ من أرضِ الفجيعةِ
سيدي كــلَّ الـجـيوشِ وكـلَّ عـاتٍ
مـجرمِ
ورسـمتُ أصحابَ الحسينِ
تجمَّعُوا مــثـلَ الـسـمـاءِ تـزيَّـنَـتْ
بـالأنـجمِ
وجـعـلـتُ عـبـاسـاً يــجـولُ
بـرايـةٍ والــكـلُّ مـبـتهجٌ بـعـرسِ
الـقـاسمِ
لـكنْ عـجزتُ بـأنْ أواريَ وطأةَ
ال شـمرِ الـلئيمِ عـلى الـمقامِ
الأحرمِ
يــا مُـلـهمَ الأجـيـالِ وحْـياً
فـارتقَتْ طـرقَ الـسماءِ عـلى براقِ المُلهِم
ِ
ومــحّـررَ الأجــيـالِ مـــن
أقـيـادِها وخـنـوعِـهـا وركــوعِـهـا
لـلـغـاشـمِ
أيـقـظْتَ أفـئدةَ الـورى مـن
نـومِها دهــراً بـكـهفِ الـجـهلِ دونَ تـبرُّم
ِ
وبـعثتَ فـي مـوتى القلوب ِ
تكرُّماً روحَ الإبــــاءِ بــنـحـرِكَ الـمُـتَـكرّم
ِ
يـــا مـنـبـعَ الـحـرية ِ الـحـمراءِ
يــا كـهـفاً تـلـوذُ بــهِ الـنـحورُ
وتـحتمي
يـا مـرفأَ الأحـرارِ تـلكَ مـراكبُ
ال عـشاقِ عندَ رصيفِ عشقِكَ
ترتمي
أحـسينُ يـا عـشقي الأصـيلُ
وإنّني عـبـدٌ إلـيـكَ فـأنـتَ حــقُّ
مـعـلمي
عـلّـمـتَـني أنّ الـكـرامـةَ
تُـشـتـرى بـــدمٍ لـمـن قــد بـاعَـها
بـالـدرهمِ
عـلّـمـتَـني أن الــدمــاءَ
حــضــارةٌ تـبـقـى وصـــرحُ مُـريـقِـها
بـتـهـدُّمِ
عـلّـمـتَـني أنّ الـمـنـاحـرَ
ســيــدي جُـعِـلتْ كـرامـتُها بـسـيفِ
الـظـالمِ
عـلّـمتَني أنّ الــرؤوسَ إذا
اعـتـلَتْ رمـحـاً عَـلَتْ فـخراً رؤوسَ
الـعالمِ
فـلـتـعلمِ الـدنـيـا بـــأنَّ
حـضـارتـي فـــي كــربـلاءَ وعـيـدُهـا
بـمـحـرَّمِ
يــا كـعـبةَ الـعشّاقِ أنـتَ
حـضارتي أبـداً وفـيضُ دمـاكَ أمسى
زمزمي
دمُــكَ الـمـدادُ ومـا رأيـتُ
حـضارةً أقـلامُـهـا كَـتَـبـتْ بـحـبـرٍ مـــن
دمِ