الحسينُ تَسيارُ الأرواحِ
سنة 2009
أوجَسْتَ أرواحَ السماءِ تقاطُرا = والأرضَ بالأبدانِ صُغتَ تجذُّرا
وسَرَجْتَ مِيثاقَ الجُروحِ تَوطُّداً = وترامَسَت فيكَ البذورُ تواتُرا
تَجلو بِيَنكورِ الطريقِ تَقصُّداً = واشتقّتِ الأكوانُ مِنكَ بيادرا
والسُحْبُ هَبْهَبَتِ النياحَ وأنشدَت = سِوَرَ العذابِ ورتَّلَتْهُ أحمرا
ما للغيابِ حضورُه متزاحفٌ = و كَبَاً بنعيٍ دارَ حولكَ مِجمرا؟!
والمجدُ نَكّس هامَهُ متلاشياً = والصبرُ مِنكم قد نَحا فتبذرا ؟!
لكمُ ُ الجهاتُ تمايَطتْ بمرامِها = وتماثلَتْ عشقاً وشوقاً أذفرا
وردٌ يُدارُ وجُؤْوَةٌ قمريّةٌ = لأياءِ شمسٍ من بهاكَ تحدَّرا
قلَفَتْ سفينتُنا سواعدُكَ التي = سَفنَتْ بمركبِنَا إليكَ الأبحُرا
فتبدّلَتْ قطراتُها بدمٍ كما = جَلَبَ الفُراتُ إليهِ رُسْلاً أنهُرا
والحُسْنُ خَرَّ تجاثياً بِعُلوِّهِ = وتقمّصَ القُبحَ الدنيءَ تفاتُرا
وعَطَفْتَ بالإيمانِ كلَّ متيّمٍ = فتيافَعَت فيكَ الأصولُ تآصُرا
الأرضُ بَيحانٌ تجلَّى لونُها = مِنكُم فقامَتْ تعتليكَ تعفُّرا
والخَطوُ أرهَفني قصيداً غائراً = قد وَهْوَهَتْ فِيهِ الجُفونُ فأهدَرا
خُذني من الآلامِ جِئتُ مشرَّداً = والآهُ تحكي الشجوَ حُزناً مُضبَرا
كم ذا قصدتُكَ بعدَ عُفْرٍ سيدي = والعُفرُ بادَلَني النحيبَ تَعُذُّرا
وجِلٌ، أدَثِّرُني وكُلّي لَوعةٌ = بيني أسامِرُ مُهجتي متحسِّرا
أحسينُ، ألمحُ صدرَك الثاوي هنا = تحتَ الحوافرِ بالخيولِ تكسَّرا
وألامسُ الودَجَ المُخضَّبَ بالدِّما = فأصيحُ بالأنَّاتِ جُرحاً أغزَرا
كيفَ ابنُ وحيِ الله ظَلَّ مُرَمَّلاً = عارٍ ثلاثاً مفرداً فوقَ الثَّرى ؟
ونساؤهُ تُسبى يتامى عُنوةً = وتُقادُ بالأشهادِ في عرضِ القُرى !
ياللمآسي، صبريَ الجُلُّ انْجلى = وحُسين تَبقى للشُعورِ الأشعُرا
تَشقى الحياةُ فترتمي بخطوبِها = وتُعيدُ خاسِئةً إليكَ الأدهُرا
ضِبراكَ رغمَ الخطبِ كنتَ عزيمةً = من مذهبِ الأحرارِ قُمتَ تحرُّرا
وبكُلِّ وعدٍ عادَ صحبُكَ عُروةً = وثقى ِلكم جادوا ومنكُم مصدرا
وصنعتَ للتأريخِ خيرَ حضارةٍ = فوُجِدتَ نصرَ اللهِ فيكَ مؤزَّرا
ويهودُ شِمرٍ عاد مُعرَوْرٍ بِهِم = فَرَسُ الخيانةِ حاملاً ما أوزرا
وعَرُوكُ ناقتِهم عليهِم جاثمٌ = بِرُغاءِ عُربٍ فوقَ تلٍّ حوصرا
والناسُ ماتَتْ لا نصيرَ لحقِّهِم = ودماؤها كالماءِ زادَ تعكُّرا
فصمدتَ أنتَ أيا شهيدُ معسكَراً = ويزيدُ بالظُّلامِ قادَ معسكَرا
ورفضتَ ذُلاًّ كالعبيدِ فأصبحَ ال = إسلامُ منكُم زاهياً متنوِّرا
فاقبَلْ من العشّاقِ بيعةَ صِدْقِهِم = فلأنتَ للثوارَ تبقى مِحورا
مولايَ أسلَمَتِ القلوبُ إليكمُ = ومخيّرُ الأرواحِ فيكَ تسيّرا
أشرِقْ لنا من شمسِ نصرِكَ عِزّةً = وافتحْ لغزّةَ مِنْ سناكَ معابِرا