الحسينُ على نارٍ هادئةٍ
سنة 2008
ناري ونارُكَ توأمانِ تورّدا = ورداً تقوّسَ كالهلالِ على الندى
ناري تصادرُ كلَّ نارٍ لم تلدْ = عطشًا على كبدِ الفراتِ توقّدا
ناري بجرحِكَ ألفُ نحرٍ قد أتى = يستلُّ دمَّكَ للفداءِ مجرّدا
عجباً لنحرِكَ قد ذبحتَ به القنا = فانثالَ من نحرِ القنا جسدُ الردى
عجباً رأيتُكَ في ضلوعِ قصيدتي = صدرًا يهرول عجزُهُ فوقَ المدى
يا كعبةَ الشهداءِ قد سجدَ الهوى = في راحتَيْكَ وخلفَهُ سجدَ الفدا
فأقِمْ صلاتَكَ للجراحِ وخَلِّها = تبني الترابَ على جبينِكَ مسجدا
ربيتُ ناري في سلامِكَ طفلةً = في حِجْرِها رأسُ الحنينِ تمدّدا
وسرقتُ من كلِّ السهامِ عيونَها = وفتحتُ للعباسِ فيها مشهدا
وفطمتُني عن كلِّ نهرٍ سائغٍ = ورجعتُ أروي من ظمايَ تجلُّدا
هدمَ الجوى منّي ضريحَ صَبابتي = فانسجْ إليَّ على عيونِكَ مرقدا
دأبي أسلِّحُ من دموعِكَ مقلتي = حتى نَمَتْ كلُّ الرموشِ مُهَنَّدا
يا فالقَ الأمجادِ بينَ أضالعي = طِبْ بينَ أضلاعِ الحياةِ موسّدا
هاجرْ على متنِ الجراحِ لخافقي = واعبُرْ مسافاتِ الهُيَامِ مسدّدا
هذي دماؤكَ في سماءِ تحيُّري = قمرٌ ذبحتُ بهِ الضياعَ الأسودا
عيني تراكَ على الفلاةِ مجرّحاً = لكنَّ قلبي قد رآكَ مضمَّدا
يا من جعلتَ من الخلودِ حوافراً = من تحتِها صدرُ المماتِ تبدّدا
رمِّمْ بضلعِكَ شاعراً وحُطامُهُ = يأبى بغيرِكَ أن يكونَ مشيَّدا
حجَّتْ إليكَ على يديَّ قصائدي = فافتحْ لها بيتاً بقلبِكَ شُيِّدا
شوقٌ تلاطَمَ في ضفافِكَ دُرَّةً = من عمقِ صدري قد أتاكَ مردِّدا
إني أحبُّكَ لا لأجرٍ إنّما = لم ألقَ غيرَكَ للمحبةِ مقصدا