رثاء في حق جده سيد الشهداء
السيد عبد الرحمن عبد الله الألوسي
هُوَ الطف فاجعل فضة الدَمع عسجدا=وَصغ لَكَ فُولاذ الغَرام مُهندا
وَرِد منهل الأَحزان صِرفاً وَكرِّرن=حَديثاً لجران الطُّفوفِ مُجددا
وَما القَلب إِلا مُضغة جُد بقطعها=وَدَعها فِداء السِّبط روحي لَهُ الفِدا
أَتَرضى حَياة بَعدَما ماتَ سَيد=غَدا جده المُختار لِلناس سَيِّدا
أَتَرضى اكتِحال الجفن بَعدَ مصابه=وَجفن التُّقى وَالدين قَد باتَ أَرمَدا
خُذ النَوح في ذاكَ المُصاب عَزيمة=إِلى الفَوز وَاجعَل صَهوة الحُزن مقعدَا
بَكَت رزءه الأَملاك وَالأُفق شاهد=أَلَم تَره مِن دَمعه قَد تَورَّدا
فَيا فَرقداً ضاءَ الوُجود بِنوره=فَلا بَعده نَلقى ضياء وَفَرقَدا
وَرَيحانة طابَ الوُجود بِنَشرِها=بِها عَبثت أَيدي الطُغاة تعمدا
وَدرة علم قَد أَضاءَت فَأَصبَحَت=تُمانعها الأَوغاد مَنعاً مُجَردا
بِروحي مِنها منظَراً باتَ في الثَرى=وَيا طالَما قَد باتَ في حجر أَحمَدا
وَثَغراً فم المُختار مَص رضابه=وَهَذا يَزيد بِالقَضيب لَهُ غَدا
وَرَأساً يَد الزَهراء كانَت وِسادة=لَهُ فَغَدا بِالترب ظُلماً موسدا
لَئِن أَفسَدوا دُنياك يا ابن محمد=سَيَعلم أَهل الظُلم مَنزلهم غَدا
لِئام أَتوا بِالظُلم طَبعاً وَإِنَّما=لِكُلِّ أمرئ مِن دَهرِهِ ما تَعوَّدا
وَحَقك ما هَذا المُصاب بِضائر=لأن الوَرى وَالخَلق لَم يخلقوا سُدى
فَأَلبَسَكَ الرَحمَنُ ثَوبَ شهادة=وَأَلبَسَهُم خزياً يَدوم مَدى المدى
لَبستُم كِساء المَجد وَهوَ إِشارة=بِأَن لَكُم مَجداً طَويلاً مُخَلدا
وَطَهركُم رَب العُلى في كِتابه=وَقَرر كُل المُسلِمين وَأشهَدا
أَتُنكر هَذا يا يَزيد وَلَيسَ ذا=بِأَول قبح مِنكَ يا غادر بَدا
بَني المُصطفى عَبد لَكُم وده صَفا=فَأَضحى غذاء لِلقُلوب وَمَورِدا
غَريب عَن الأَوطان ناء فُؤاده=تضرم مِن نار الأَسى وَتَوقَّدا
أَلَم بِهِ خطب مِن الدَهر مُظلم=تحمل مِن أَكداره وَتقَلدا
نَضا سَيفه في وَجهه متعمداً=وَجَردهُ عَن حَقه فَتَجَرَّدا
بِبابكم أَلقَى العَصا وَحريمُكُم=أَمان إذا دَهر طَغى وَتَمَرَّدا
أَتاكُم صَريخاً مِن ذُنوب تَواتَرَت=عَلى ظَهرِهِ في اليَوم مَثنَى وَمفردا
أَتاكُم لِيستَجدي النَوال لأَنَّكُم=كِرام نَداكُم يَسبق الغَيث وَالنَدى
أَتاكُم لِيَحمي من أَذى الدَهر نَفسه=وَأَنتُم حُماة الجار إِن طارق بَدا
أَتاكُم أَتاكُم يا سُلالة حَيدر=كَسيراً يُناديكُم وَقَد أَعلَن الندا
حُسين أَقلني مِن زَمان شَرابه=حَميم وَغسلين إِذا ما صفا صدا
عَلى جدك المُختار صَلى الهَنا=وَسَلم ما حادَ إِلى أَرضه حَدا
وَعَم بِها آلاً وَصَحباً وَتابِعاً=لَهُم وَمحباً لِلجَميع موَحدا