يا قلب سل قلبها إن كان منفطرا =أم في الغرام تقاسي وحدك القدرا
سلها تشاهد ما في البدر من جُمَل =أم لا ترى جملا كلا ولا قمرا
وهل تريق هوى عند الغروب دماً =أم لا تعي أن من بعد العشا سحرا
أنبئ معللة الأكباد أنك من= فرط الصبابة صرت العي للشعرا
إن أذن الفجر بت الصبح في وجل= خوفا من الليل أن يأتيك منكدرا
هذا ولا عجب فالعشق مجترئ =والعقل يهزل إن داعي الهوى أمرا
فأكتم الحب خوفاً أن أبوح به= عقل تعود مني الحزم والظفرا
لو أنصف العشق راعينا النجوم معاً= لكنه من أبي موسى قضى وطرا
لم أعرف الشوقَ إلا بعدما نظرت= عيني إلى الظعن واحرّاه حين سرى
سرى فمزق مني مهجة وحَشاً= تعودا ريق من في الظعن قد سُترا
تلك التي جمعت ضدين ما اجتمعا= فالوصل ليلى ومعد إن ألمّ شرى
يا ركبا متن قرواء مجاوزةٍ= كآصفٍ هي تدني عنك ما شطر
عرج على الحي حي الخير مجتهداً =واندب هناك غريب الدار مستعرا
حم حول منزلهم وانزل بجانبهم =فإن حيهم من يمنع الخطرا
إن أكرموك ندىً وتلك شيمتهم= أسدل دموعك عشرا تلوها عشَرَا
وطأطئ الرأس محزونا بلا وقَرٍ= واحثُ التراب على عينيك محتضرا
تأتيك مذهلة تمشي على وجلٍ= كأنها بين شوك تنثني حذرا
الليل فاحمها والورد مبسمها =والموج أوسطها والشمس ما سفرا
تحفها نسوة ما مثلهن نساً =والنجم عادته أن يتبع القمرا
تجر من خلفها أذيالها عنَداً= كذا تقاسي الخطى إذا النسيم سرى
هناك قل بنداء ما له مثل =من في العراق بكى حسانك دررا
أنا الذي لم يهن في أي معتركٍ= قلبي كقلب ابن ودٍّ عندما شُطرا
صبراً فما ذقتُ من طيش الهوى جرعاً= أيني وأين الذي في حيدر سكرا!
ذاك الذي حبه ينسى التقي به =ما كان منفطراً بل والذي فطرا
أنا وربي سوا والرب يشهد لي =إذ في عليٍّ كلانا بات مفتخرا
لم أنسه في فراش المصطفى بشِرا =أفديه مفترشا أفديه مبتشرا
فأين حاتم ممن في الفراش ثوى= ليبذل النفس لا في أن يجود قرى
لو كان جوده بحراً عز شاطئه =أو كان سائله بحراً لما اعتذرا
هذي نوائله ما زلت ألمسها =والله ليس علي في الغري قبرا
لولا وجوده رمنا وضع لقمتنا =على الجباه ونستجدي الفم النظرا
لولاه ما دارت الأفلاك قاطبة =والأرض ساخت بمن في صدرها انتشرا
لولاه ما الله للأنفاس مبتكر =إن لم يكُ المرتضى للأنفس ابتكرا
يا من دعوتك دون الخلق معجزةً =ولا سواك حبيبا في الوجود أرى
لو كنت أمّاً وبعد العقم لي ولد =ورمت تقتله أعطيتك الذكرا
والهجر سهم وفي الأكباد موطنه= ولا أخالك تدمي من بكم هُجِرا
قد قال من يدعي علماً وفلسفة= أن الهُوية دوماً ما لها نظرا
وما دروا أنت ذات المصطفى قدَراً= والمرتضى هو ذات المصطفى قدرا
إذ أسلم الناس لا ما كنت أولها =فالكمُّ خلق وقبل الخلق كنت تَرى
إني لأعذر من قد ألهوك فما= سواك شخص صفات الله فيه تُرى
وعاذر كل من لفضلكم بخسوا =فالفكرُ أعجزُ أن يحوي لكم صورا
لو شئت جودك في ثهلان تذخره= لكان ثهلان من في الجود مدخرا
لكن مثلك بسط الكف ديدنه =وإنما البحر غير البسط ما قدرا
ولو نزلت على الأعداء منكدراً= وما نزلت على الأعداء منكدرا
لظنت الأرض أن السيف يقصدها= حتى لودت لها أست وما سُترا
لكنك الحلم حتى في الحروب وذا =ما يلقم العالم الفهامة الحجرا
من ذا يطيق معانيك التي رشُحت =فلا يهابك أو يلقاك منصهرا
أنت الحياة وأكسير الحياة ومن =لو شاء يحيي الذي في قبره دثرا
ما خاب لاجٍ لحصن أنت صاحبه = حتى العدا فيه لاذت إن رأت ضررا
كهفَ اليتامى حمى من لا حماة له= لم ترعَ خداً بكف الشمر قد سطرا
لهفي لزينب فوق التل ما برحت =تنبيك خد حماها في الثرى عفرا
من بعد ما كان يرقى صدر فاطمة= اليوم يرقى عليه الشمر مفتخرا
قد سود السوط متنيها فهل علمت= عيناك منها دماً أم مدمعاً نثرا
وأضرموا قلبها المهتاج نار غضاً= لو مَس منه خليل الله لاستعرا
غدت بناتك من نار الخيام على= حر الرمال حفاةً ما لهن ذرا
وصرن يسترن بعضاً دون أخبية =إذ البواتكُ ما أبقت لهم سترا
لم أدرِ أن عليلاً بينهن سوى =لما صعدن عجافاً وهو ما قدرا
وقد علمت بأن الكل ذو ثكل =إذ في الوداع رأيت الكل محتضرا
يحدو بهم شامت عمىً لناظره= لو كان فيهم أبيّ الضيم ما شزرا
يرنو بعين كأن الخبث شحمتها =ويشتفي إن رأى في الظعن من عثرا
لمثلهم لا أباً لي إن بكيت بلا =أن أسفكَ العين لا أُبقي لها بصرا
قد عيَّروا صبّ دمعي أنه خور= إن كان ذا خوراً ما أجمل الخورا
لوم السفيه مديح والهجاء ثنا = ولا يلام إذا بالطعن قد جهرا
ولا يضر الظبا إخلاق مغمدها =ولا يضر نباح الكلب ليث شرى