بالشعر لا مدح به أتكسبُ=أو أرتجي الدنيا به أو أطلبُ
ما كنت أصطنعُ القريضَ تزلفاً=وتملقاً، أو وِدَّ أيٍّ أخطب
لكنني بالشعر أرسم لوحةً=بصفاء لون، كالندى، أو أعذب
هي مُنيةٌ ظلَّت تُهَدْهِدُ خاطري=بالعشق، لا بالحرف راحَتْ تكتب
هي نغمةٌ تنساب في أفق الهوى=فترفعٌ فوق الهوى، وتَطَرُب
هي بُلْغَة فوق التصور والنهى=فإذا بها قرب المنى، أو أقرب
هي رشفةٌ من نبعة رقراقةٍ=ما كان يَكْدُرُ ماؤها، أو ينضب
هي نشوةٌ من خمرةٍ عُلوية=في غير كأس الحق، لا، لا تُسكب
هي جذوةٌ ما كان يُطفئ نارَها=قربُ الوصول إلى الرجا، بل يُلهب
هي كل ذلك إنْ ذكرْتُ محمداً=بل فوق ما تصبو النفوسُ، وترغب
بالشعر واعدتُ الربيعَ توحداً=بين الهدى ومشاعرٍ تتطيب
فإذا الربيع ربيعُ مولده الذي=كلُّ العوالم قد غدتْ تترقب
جفّت مناهلها، وأجدب تُربها=فبه وبعد الجدب عادت تُخصب
فشعاب مكة هلَّلت لقدومه=والبيت كبّر والصفا ومُحصَّب
وحجارةٌ للبيت عاد بهاؤها=ولكمْ قَضَتْ من كافر تتعذب
وحجارةٌ في البيت آنَ زوالها=بيدي نبي الحق سوف تُخرّب
قد ضاق صدر الحق سخطاً واكتوى=واليومَ صدرُ الحق راضٍ أرحب
عادت غراس الهدي تفترش الربا=فإذا الربا بالغارسين ترحب
يا لَلربيع تجددت آلاؤه=فهو الربيعُ، وغيرُه لا يُحسب
ومن الربيع إلى الغدير تساؤلٌ :=أَتُداسُ أزهار الربا ؟، وتعجب !
كيف الربيع بغير ماء غديره ؟=وعليُّ عن أمر الخلافة يُحجب
أتناقضٌ في الله أم في شرعه ؟=حاشى، فشرعٌ مُحْكَمٌ ومرتَّب
لكنه في معشر ما ميزوا=بين الذي هو صادقٌ أو يكذب
بين الذي هو راسخٌ في علمه=أو بين من هو في الغوى يتقلب
من كان من صفو النبوة شارباً=أو كان من كَدَر الجهالة يشرب
بين الذي هو طاهرٌ ومطَّهَر=من ربِّه، أو بين من هو يذنب
والأمرُ كلُّ الأمرِ كان لحيدرٍ=من بايعوا يومَ الغدير وأطنبوا ؟
ما أنفذوا جيشَ ابن زيدٍ إنما=أمرَ النبي بحيدر لم يكتبوا
وتسارعوا نحو السقيفة إذ قضى،=وتنازعوا وتواز عوا وتحزَّبوا
سلْ عنه تاريخَ الشجاعة والوغى=سيُجيب عمرو أو يجيبُك مرحب
سلْ بأسَه، سل عزمَه، سل سيفَه=من كان في الهيجاء دوماً يغلب ؟
سل عنه أيُّ فضيلة وكريمة=فأبو الحسينِ لأصلِها لهوَ الأب
نبضُ الدما، ماءُ السما، حصنُ الحما=وهو الذي عند الشدائد يُطلب
هو حيدرٌ، هو حيدرٌ، هو حيدرٌ=اسمٌ لأهل البغي حتفٌ مرعب
وإلى الذين تعشَّقوا دربَ الولا=اسمٌ به كلُّ المشاعر تطْرَب
رحلَ الربيعُ وما تلته مواسمٌ=للخير، بل عادَ الجفاف المجدِب
أمَّ الربيع، وللربيع توقفٌ=عند احتمالك للأذى، وتغضُّب
يا بضعةَ المختار، يا نورَ السما=كلُّ الكواكب من سناكِ تَحَجَّب
بنتُ الهدى، زوجُ الهدى، أمُّ الهدى=من مثلها قد أُنجبت، أو تُنجَب
فإذا رضِيْتِ فإنَّ أحمدَ يرتضي=وإذا غضبتِ فإنَّه هو يغضب
ولكِ مع الزيف الكريه مواقفٌ=وشجاعةٌ وتصبُّرٌ وتصلُّب
ولكِ مع العدوان ألفُ رزيةٍ=فالقومُ آذوكِ، وطراً أرعبوا
فإذا الأمورُ تنكُّرٌ وتعنُّفٌ=وتعسُّفٌ، وخديعةٌ، وتألُّب
ومطامعٌ إرثُ النبي مرامُها=وإذا الخلافةُ ضرعُ شاةٍ تُحلب
وإذا الربيعُ محرمٌ، وهلالُه=ما كادَ يُشرقُ إذْ عراهُ المغرب
لو لم يكنْ أجرُ النبي مودةً=بلْ قتِّلوا آلَ النبي وعذِّبوا
ما سارَعوا نحو الوصيِّ وبيته=كي يعصروا ويُحرِّقوا ويخربوا
ولعاشَ أهلُ البيت في رغدٍ وما=جارَ الزمان عليهمُ أو أُرهبوا
لكنَّهم عادوا إلى أحقادهم=وتسابقوا في حربهم وتنصَّبوا
فترى المودةَ قد أُقيم نقيضُها=هي تارة تُدمى، وأخرى تُسلب
ومواكبٌ للهدي سال نجيعُها=فترى الربيعَ بنحرها يتخضَّب
بتروا الصلاةَ على النبي وآله=ومن الصلاة كفاهمُ : لا تقربوا
عجباً لمن يهوى النبيَّ وآلَه=وإلى الطليق وآله يتقرب
أهي العقيدةُ قصةٌ مرويةٌ=وتفاعلٌ وتعاطفٌ ؟! أم مذهب ؟
أوَ ثابتٌ أمْ عارضٌ متحولٌ=وهوى بكلِّ مقدسٍ يتَلَعَّب
يا فارسَ الألق البعيد متى اللقا ؟=أنا في انتظارك مُتعبٌ ومُعذَّب
هي لوحة منقوصةٌ لا تنتهي=إلا بسيفٍ للعدالة يغضب
أطلق حسامَك هادماً ومُشيِّداً=فبغير سيفك ما استقام محدَّب
ولنا إلى وعد الربيع تلهفٌ=وتطلعٌ لغديره، وتوثُّب
بمحمد، فُلْكِ النجاة من اللظى=وبآلِه، لُذْنا، وسار المركب