هب الدين حصنا
عبدالكريم الندواني
هب الدين حصناً
عبد الكريم الندواني
يحقُّ لنا والخطب جلّت مصائبُهْ=نجدد ذكراً أكرم الناس صاحبُهْ
ولا غرو أن قمنا بتأبين سيّدٍ=تسنمن أوج المكرمات مناقبُهْ
زهت بربوع الدين أزهارُ هديه=نجوماً وأزهى النجم في الاُفق ثاقبُهْ
هَبِ الدين حصناً فالحسين أساسُه=وأبناؤه أبوابُه وجوانبُهْ
يكلُّ لسان المرء عن سرد حادثٍ=أتاه الاُلى عادت عليهم عواقبُهْ
دعوا خير خلق الله ذاتاً ومحتداً=أن اقدم فسفح الربع أينع جانبُهْ
وطاب الهوى فالريح لا تمنع السرى=سحيراً وماء النهر راقت مشاربُهْ
إذن كيف يختار التردّد معرضاً=عن السير والإسلام للحكم ناخبُهْ
وما موقف الشهم الغيور على الهدى=إذا للهدى أهل البلاء تكاتبُهْ
رأى أن يلبّي دعوة الدين طائعاً=فسار وبسم الله تُحدى ركائبُهْ
ولم يبلغ الوادي الَّذي قال أهلُهُ=ألا اقدم إذا بالجيش تترى كتائبُهْ
وقال لهم ما بالكم قال كلُّهم=خدعناك كيما يدرك الثار طالبُهْ
ولمّا رأى أن لا مناص من الوغى=ونهج الهدى للرشد سدَّت مذاهبُهْ
تألَّق بدراً في رحى الحرب ساطعاً=فلم تبدُ في ليل الكفاحِ كواكبُهْ
وصاح بهم صيحاتِ حيدر في الوغى=هزبرٍ وصيحات الهزبر تناسبُهْ
يصول فيثنيه العويل من النسا=فمن ثاكل تنعى واُخرى تعاتبُهْ
واُخرى تُسيل الدمعَ صوباً من الحيا=إذ انهلَّ هتّاناً ودرَّت سحائبُهْ
يسيل فيروي عاطش البيد فيضه=ويزري بمنهلَّ السحائب ساكبُهْ
أخي عد بنا من حيث جئنا فمَن لنا=سواكم على حفظ الذمار نطالبُهْ
فقال لربّاتِ الخدور وطفلُه=رضيعُ المنايا كالح الوجه شاحبُهْ
أيقوى على مرّ الحياة سميدعٌ=أبيٌّ قضى أصحابه وأقاربُهْ
وصال فكان الموت رهنَ حسامِه=يُجانبُ مَن سيفُ الحسين يُجانبُهْ
وما اختطفت أيدي الردى نفس أروعٍ=بسوح الوغى إلا ابن حيدر ضاربُهْ
ولو كان عزرائيل شخصاً مبرَّزاً=لما كان في قبض النفوس يغالبُهْ
تفيض يداه بالعطاء وفي اللقا=تعدّ قتير الدرع وشياً مناكبُهْ
سلام عليه كلّما حنّ ثاكلٌ=وما آلمت قلب الأديب مصائبُهْ
* * *
عبد الكريم الندواني العمارة